جولات استعراضية لتفقد الأسواق.. و”دود الخل منه وفيه”!
دمشق – علي حسون
قد تكون الجولات الرقابية على الأسواق ضرورة ملحة في زمن الفلتان الكبير في الأسواق، إلا أن من المستغرب طريقة النزول الميدانية لبعض المسؤولين، حيث تأخذ أحياناً منحى الاستعراض أكثر منه مراقبة فعلية وبالشكل القائم على عنصر المفاجأة.
المتابعون يعتبرون أن جولات كهذه لابد أن تأتي أُكلها من خلال كبح جماح حيتان السوق الذين استغلوا تذبذب الصرف وبدؤوا بالاحتكار والجشع والتلاعب، ما دفع الحكومة لاتخاذ قرارات لضبط الأسعار ومراقبة الأسواق بالتشاركية مع المجالس المحلية لتفعيل العمل الرقابي. ومن هنا بدأت جولات المعنيين لتفقد واقع الأسواق، والتي لربما تحدّ من الارتفاعات العشوائية للأسعار، إلا أن ما يشوب هذه الزيارات والجولات التي يفترض أن تكون سرية ومفاجئة من استعراض قد يفقدها مبررها وجدواها، حيث تشهد هذه الجولات دعاية مسبقة قبل وصول الوفد المسؤول الذي يرافقه الإعلام المتلفز وحشد من المعنيين، بل ويعلم بها أصحاب المحلات ويعلمون توقيتها بدقة!!
وبالطبع يوجه مدراء التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات بتنظيم الضبوط التموينية بحق المخالفين خلال هذه الجولات، لكن العبرة ليست في تنظيم الضبوط، فالمحلات تعود في اليوم التالي لتبيع من دون الإعلان وبأسعار زائدة، ضاربة عرض الحائط بكل الجولات والتوجيهات، ليكون المواطن ضحية الاستعراض والتقصير للأجهزة الإدارية والمجالس، خاصة وأن أصحاب المحال يعلمون بالزيارة من موظفين في المجالس المحلية المرافقة للجولة، مثلاً، و”دود الخل منه وفيه” – كما يقال.
ولا يقتصر الموضوع على التواطؤ مع أصحاب المحال، بل هناك بعض اللجان المحلية المشكلة التي تستغل قرار التشاركية مع المجالس المحلية لمراقبة الأسعار والاصطياد بالماء العكر، ومحاباة محال تجارية على حساب أخرى نظراً للعلاقات الشخصية.
وفي استطلاع عشوائي لآراء بعض المعنيين، اعتبر مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمران سلاخو أن مثل هذه الجولات تحمل عنوان التوعية أكثر من كونها فجائية لتنظيم الضبوط بحق المخالفين، مبيناً أن مديريته مثلاً تعمل على تنفيذ المرسوم المتعلق بضبط الأسعار، وخاصة في أسواق صحنايا وأشرفيتها، حيث كانت الأسعار مرتفعة عن باقي الأسواق بشكل غير مقبول، مؤكداً وجود دوريات الرقابة على مدار الساعة، إضافة إلى تعاون بعض اللجان المحلية المشكلة مؤخراً مع المديرية من خلال الإشارة إلى المحلات المخالفة، كما حصل في منطقة التل، إذ تمّ ضبط محال مخالفة بمساعدة اللجنة المحلية المشكلة.
ويأمل المواطنون التدقيق في اللجان المشكلة في المجالس المحلية، ولاسيما أن هناك من يشكّك ببعضها وبانتقاء الأشخاص المناسبين في ظل وجود مصالح مشتركة أحياناً بين مجالس محلية وأصحاب محلات، مما سيفرغ مهمة اللجان من محتواها، لينقلب الأمر سلباً على مصلحة المستهلك، خاصة وأن ارتفاع الأسعار خير دليل ومؤشر على عدم فاعلية بعض اللجان. وهنا – يرى متابعون – فإن تكليف مديرية حماية المستهلك بتقديم تقرير شهري عن عمل تلك اللجان، وما هي الضبوط المنظمة عن طريق تلك اللجان، سيكون بمثابة تقييم دوري صحيح لعملها ودورها.