نحن من نقرّر مصيرنا
سنان حسن
انتهت الفترة المحددة لتقديم طلبات الترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية، التي حدّدها مجلس الشعب، بتسجيل واحد وخمسين طلباً لدى المحكمة الدستورية، وعلى الرغم من أن الدستور كان واضحاً في تحديد الشروط الواجب توفّرها في المتقدّم بطلب الترشّح، إلا أن سهام التشويش للعملية الديمقراطية لم تتوقّف سواء في عدد المرشحين المتقدّمين، أم في طبيعة ونوعية الشخصيات المتقدّمة، وكأن المقصود من تلك الحملة هو محاولة تقزيم العمل الديمقراطي الانتخابي، بعدما فشلوا في المرحلة الأولى من تأجيله أو إلغائه.
مع بداية الحرب الإرهابية على سورية كان الستار الذي تحرّكت تحته المجاميع الإرهابية والدول الداعمة لها لزعزعة الاستقرار في البلاد، هو الادعاء بالوصول إلى “حياة ديمقراطية حرة نزيهة” يتمكّن من خلالها الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه بعيداً عن الضغوط والتدخلات الخارجية، ومع أن الدولة السورية أقرّت وعدّلت الكثير في البنية التشريعية الدستورية المتعلقة بالانتخابات على كل مستوياتها “رئاسية- برلمانية- محلية” من إقرار دستور جديد في 2012 وقانون انتخابات وإدارة محلية، وغيرها من القوانين التنظيمية التي تكفل مراقبة العملية الانتخابية وضمان سيرورتها إلى الهدف المنشود، إلا أن تلك القوى لم يرُق لها أن ترى بالفعل حياة ديمقراطية في سورية وهاجمتها وسعت بكل طاقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لتعطيلها، لا بل استكثرت على السوريين حتى أن يشاركوا في أي استحقاق، مع أن الدستور والقوانين كفلا لهم ذلك، وما يجري اليوم من هجوم على الأسماء المرشّحة لمنصب الرئاسة دليل واضح على ذلك.
في انتخابات الرئاسة للكثير من الدول القريبة والبعيدة تشهد عمليات الترشّح أعداداً كبيرة تفوق بأضعاف كثيرة ما تم تسجيله في الانتخابات السورية، ولاسيما في المراحل الأولى منها، وتشهد أيضاً خوض عدد كبير من المرشحين الجولة الأولى، ومع ذلك فإن انتخاباتهم يشار إليها بالبنان أنها ديمقراطية، أما ما يجري في سورية، وغيرها من البلدان التي لا تخضع للهيمنة الأمريكية والغربية، فالهجوم يبقى متواصلاً على العملية الديمقراطية وأي عمل سياسي مستقل غير خاضع للابتزاز الغربي.
لقد مارس المرشحون الـ 51، الذّين تقدّموا بطلبات ترشح إلى الانتخابات الرئاسية، حقهم الذي منحه لهم الدستور وكفله بموجب مواده، ومع انتهاء عملية تقديم طلبات الترشيح تبدأ عملية أخرى يقوم بها ممثلو الشعب المنتخبون في المجلس، وهي اختيار أسماء المرشحين من بين المتقدمين من خلال التصويت على من يرونه مناسباً ويمثل خياراتهم، وهو مسار أيضاً ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة في الاختيار والعملية السياسية، فالكثير من الانتخابات الرئاسية في دول المنطقة تضع شروطاً على المرشحين، سواء بالحصول على تواقيع شخصيات في المجتمع ومن أقاليم مختلفة، أو كما يحدث لدينا باقتراع أعضاء مجلس الشعب.
إن الانتخابات الرئاسية السورية 2021 تسير وفق ما حدّده الدستور والقوانين والأنظمة القائمة، وأي التفاف على هذه الحقيقة مجرد محاولة يائسة لتعطيلها ومنعها من الحصول، فالهدف كما ذكرنا في البداية من الحرب على سورية هو زعزعة استقرارها وتقسيمها وتمكين الإرهابيين والقتلة من السيطرة عليها، ولكن كما تمكّن الجيش العربي السوري، وغيره من المؤسسات الوطنية، من إفشال المخططات العدوانية تجاه سورية، سيكمل الشعب السوري هذه المسيرة وسيُنجح الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس لسورية لسبع سنوات قادمة.