من يستثمر بمن؟.. بوابتنا الأرحب من أعمال ومال
قسيم دحدل
من المؤكد أن القانون رقم 8 الصادر في الشهر الثاني من هذا العام لم يُمكّن قطاع المال والأعمال والخدمات فقط من تأسيس مؤسسات مالية تمويلية (مصارف التمويل الأصغر) خاصة ومتخصصة بمنح قروض تشغيلية للأفراد تصل قيمتها حتى 15 مليون ليرة، (نحو 5 آلاف دولار)، بل أكثر وأوسع من ذلك بكثير في أبعاده الاستثمارية والتشغيلية والتنموية.
ولعل غير المحسوب لهذا القانون عند الكثير منا أنه أيضاً لا يهدف فقط إلى مجرد تحقيق الاستفادة المالية لأكبر شريحة ممكنة من صغار المنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ممن يستطيعون ممارسة عمل اقتصادي، لكنهم غير قادرين على تأمين التمويل اللازم له، إنما سيساهم أيضاً في تطوير مؤسسات التمويل نفسها، وفق عملية تبادلية للتوظيفات المالية للحد الذي لا نستغرب فيه يومياً أن تصبح تلك المؤسسات مؤسسات مالية تمويلية ضخمة وذات ملاءة وموثوقية مالية عالية جداً تمكّنها من تحمّل مخاطر هذا النوع من القروض.
كذلك لعل غير المحسوب باعتقادنا أن تلك التمويلات الصغيرة نسبياً، والمُستَهدِفة لمشاريع قد تكون تقليدية أو ريادية، ستمكّن أصحاب المدخرات العقيمة والقيمة على حد سواء من توظيف مدخراتهم في جبهات تشغيلية لم تكن متوفرة، ستفتحها المشاريع الصغيرة الإبداعية المبتكرة ذات الفرص والحظوظ الكبيرة في النجاح والتوسع لتكون مشاريع كبرى.
ومن المؤشرات التي تدلل على ما نراه، على سبيل المثال والتوقّع، اتفاقية التعاون التي وقّعتها قبل يومين المؤسسة الوطنية للتمويل الصغير مع إحدى المجموعات المتخصصة بخدمات الأعمال، والمهتمة بهذا المجال من النشاط الاقتصادي المالي تحت عنوان: “اتفاقية تعاون استراتيجية وتمويلية ريادية”.
ما يدفعنا للتفاؤل بهذا الاتجاه، ولو كان تفاؤلاً أولياً، أن الاتفاقية ستنهج السير بالاتجاه الصحيح الذي تضمنه القانون نصاً وروحاً، وهو التوسع في الأعمال والخدمات، كونها تنطوي على “إضافة منتجات تمويلية وخدمات تشاركية فريدة ومتنوعة، سواء لزبائن الوطنية أو لزبائن المجموعة”.
والإضافات، وفقاً للاتفاقية التي تتم مناقشتها والاتفاق عليها، ستكون “ضمن إطار السماح لمؤسسات التمويل الصغيرة بالتحول إلى مصارف، وتوسيع رأٔسمالها ونطاق منتجاتها وخدماتها التمويلية، ما يسمح بطرح منتجات بسقوف إقراضية تصل لـ 25 مليون ليرة، ولمدد تسديد تصل لثماني سنوات، سيتم الإعلان عنها تباعاً، وهذا ما يشكّل خطوات مستقبلية مهمة لتطوير ودعم مشاريع الريادة في سورية”.
أما السؤال الذي يجب أن يكون محط الاهتمام والعناية فهو: أليس هذا النوع من المشاريع الموصوفة بـ “الصغيرة” سيكون البوابة الاستثمارية الأكبر والأوسع لمؤسسات التمويل الصغير لتصبح مؤسسات ضخمة ووازنة؟.
وعلى ذلك يجب مراعاة أن تكون الفائدة بقدر وحجم ما يقدمه الطرفان، أي المشروع والمُمول، علماً أن الأول هو صاحب الفضل في وجود الثاني، وفقاً لقاعدة “من يستثمر بمن”؟!.