الرئيس الصيني في قمة المناخ: الالتزام بمقاربة مركزها الإنسان
دعا الرئيس الصيني شي جي بينغ خلال إلقائه كلمة الصين في قمة المناخ إلى الالتزام بمقاربة مركزها الإنسان، موضحاً أن البيئة تخص رفاهية شعوب العالم، وبالتالي يجب علينا أخذ تطلعات شعوب العالم إلى حياة أفضل وبيئة متميزة ومسؤولياتنا إزاء الأجيال القادمة في عين الاعتبار. ونحتاج إلى إيجاد سبل لحماية البيئة والتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل والقضاء على الفقر في آن واحد، سعيا إلى تحقيق العدالة والإنصاف الاجتماعيين وزيادة إحساس كافة الشعوب بالكسب والسعادة والأمن في عملية التحول الأخضر.
وأضاف الرئيس الصيني أنه يجب علينا الالتزام بتعددية الأطراف والعمل على أساس القانون الدولي والتمسك بمبدأ العدالة والإنصاف والتركيز على الخطوات الفعالة، لصيانة المنظومة الدولية، التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها، واتباع الأهداف والمبادئ الواردة في “اتفاق الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” و”اتفاق باريس”، وبذل جهود لتنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة؛ ونحتاج إلى اتخاذ خطوات أقوى وتعزيز علاقات الشراكة ورفع مستوى التعاون، والاستفادة المتبادلة لتحقيق التقدم المشترك في المسيرة الجديدة نحو حياد الكربون العالمي. مؤكداً أنه في هذه العملية، لا بد لنا العمل كتفا لكتف، بدلا من تبادل توجيه أصابع اللوم؛ والحفاظ على المثابرة والاستمرارية، بدلا من عكس المسار بسهولة؛ ولا بد لنا الوفاء بالالتزامات، بدلا من نكث التعهدات.
ورحب الرئيس الصيني بعودة الجانب الأمريكي إلى العملية المتعددة الأطراف لحوكمة المناخ. مبيناً أن الصين والولايات المتحدة أصدرت قبل أيام “البيان المشترك لمواجهة أزمة المناخ”، ويتطلع الجانب الصيني إلى العمل سويا مع المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة على تعزيز الحوكمة العالمية للبيئة.
وتابع الرئيس الصيني أنه يجب علينا الالتزام بمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة. والذي يعد حجر الأساس للحوكمة العالمية للمناخ. فالدول النامية تواجه حاليا تحديات متعددة مثل مكافحة الجائحة وتنمية الاقتصاد ومواجهة تغير المناخ. لذا يجب علينا الاعتراف الكامل بالمساهمات التي قدمتها الدول النامية في مواجهة تغير المناخ مع مراعاة صعوباتها وهمومها الخاصة. ويجب على الدول المتقدمة إظهار طموح أكبر واتخاذ خطوات أكثر، وفي الوقت نفسه، يجب عليها مساعدة الدول النامية بإجراءات ملموسة لتعزيز قدرة الأخيرة ومرونتها لمواجهة تغير المناخ وتقديم الدعم لها في مجالات التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات وعدم وضع الحواجز للتجارة الخضراء، بما يساعدها على تسريع عجلة التحول نحو التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون.
وأضاف الرئيس شيجيبينغ:: إن الحضارة الصينية تؤمن دوما بفلسفة التناغم والتعايش والتكامل بين الإنسان والطبيعة واتباع قوانين الطبيعة. وتم إدراج مفهوم الحضارة الإيكولوجية وبناء الحضارة الإيكولوجية في “دستور جمهورية الصين الشعبية”، وفي التخطيط الشامل المتمثل في “التكامل الخماسي” لبناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. وتعمل الصين على تطبيق المفهوم الجديد للتنمية استرشادا بفكر الحضارة الإيكولوجية، وتسعى إلى التحول الأخضر على نحو شامل للنمو الاقتصادي والاجتماعي مع التركيز الخاص على تطوير الطاقة الخضراء والمنخفضة الكربون، وتواصل إعطاء الأولوية إلى الإيكولوجية وتسلك طريقا أخضر ومنخفض الكربون للتنمية. في السنة الماضية، أعلنتُ رسميا عن اعتزام الصين على بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060. وذلك يعتبر قرارا استراتيجيا هاما اتخذته الصين انطلاقا من مسؤوليتها تجاه إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية واحتياجاتها لتحقيق التنمية المستدامة. تعهدت الصين بالانتقال من ذروة الكربون إلى حياد الكربون خلال فترة زمنية أقل بكثير مما تحتاج إليه الدول المتقدمة، وذلك يتطلب جهودها الشاقة. قد أدرجت الصين هدف ذروة الكربون وحياد الكربون في التخطيط الشامل لبناء الحضارة الإيكولوجية، ونعمل الآن على وضع خطة عمل ونتخذ إجراءات حثيثة لتحقيق ذروة الكربون، وندعم الحكومات المحلية والقطاعات والشركات ذات الإمكانية لبلوغ الذروة أولا. ستسيطر الصين على مشاريع الطاقة الفحمية بصرامة، وتضبط نمو استهلاك الفحم بشكل صارم خلال فترة “الخطة الخماسية الـ14″، وتقلل منه بشكل تدريجي خلال فترة “الخطة الخماسية الـ15”. إلى جانب ذلك، قد قررت الصين القبول بـ”تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال”، وتعزيز الإدارة والسيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري غير ثاني أكسيد الكربون، وستطلق التداولات لسوق الكربون الوطني.
وتابع الرئيس شي جي بينغ أن الصين باعتبارها مشاركا ومساهما ورائدا في بناء الحضارة الإيكولوجية في العالم ستلتزم الصين بتعددية الأطراف بكل ثبات، وتعمل على إقامة منظومة الحوكمة البيئية العالمية التي تتسم بالعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك. ستستضيف الصين الدورة الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في تشرين الأول المقبل، تطلعا للعمل مع جميع الأطراف على الارتقاء بالحوكمة العالمية للتنوع البيولوجي إلى مستوى جديد. وندعم تحقيق نتائج إيجابية في الدورة الـ26 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. كما يصدق المثل الصيني “تعليم المرء بالصيد خير من مجرد إعطائه السمك”، بذلت الصين قصارى الجهد لمساعدة الدول النامية في تعزيز قدرتها على مواجهة تغير المناخ بأشكال عديدة من التعاون العملي بين بلدان الجنوب. حققت الصين إنجازات مشهودة وملموسة وفعالة في تعاون الجنوب-الجنوب بشأن مواجهة تغير المناخ، وهي تشمل الأقمار الاصطناعية للاستشعار عن بعد للأرصاد الجوية في إفريقيا، والمناطق المنخفضة الكربون النموذجية في جنوب شرق آسيا، والمصابيح الموفرة للطاقة في الدول الجزرية الصغيرة. كما تعتبر الصين التعاون الإيكولوجي جزءا محوريا من التعاون في بناء “الحزام والطريق”، وأطلقت سلسلة من مبادرات العمل الأخضر، واتخذت سلسلة من الإجراءات في مجالات البنية التحتية الخضراء والطاقة الخضراء والمواصلات الخضراء والمالية الخضراء، بما يخدم رفاهية الشعوب في الدول التي تشارك في بناء “الحزام والطريق” بشكل مستمر.
وختم الرئيس الصيني أنه “طالما نوحد الجهود، لا شيء ثقيل بالنسبة لنا.” إن التحديات التي أتى بها تغير المناخ على البشرية واقعية وخطيرة وطويلة الأمد، غير أنني على يقين بأنه طالما نوحد جهودنا بروح التساند والتآزر، سننجح في مواجهة هذه التحديات ونترك للأجيال القادمة عالما نظيفا وجميلا بكل التأكيد.