إدارتنا المحلية و”الجماهيرية”!
إذا لم يكن ممثل الإدارة المحلية بين الناس، يلتقي بهم، يحاورهم يستمع لطروحاتهم وشكاويهم فأين يكون؟!..
يبدو أن الحوارات الجماهيرية التي نعنيها ونقصدها مقطوعة أو غائبة أو -ربما مغيّبة- مع ممثلينا لمجالس الإدارة المحلية على مستوى البلديات والبلدات والمدن ومجالس المحافظات. وإذا كان هناك من يظن أن الاجتماعات الدورية التي تعقدها المجالس المحلية تغني عن الحوار الجماهيري، فهو يساهم بشكل أو بآخر في تأطير مفهوم الإدارة المحلية وتقليصه لجعله محض رسميٍّ، ما يفرغه بلا شك من مضمونه النبيل ويبعده عن مفهوم التشاركية في صنع القرار لجعله نابعاً من صميم الناس لا مفروضاً ومنفصلاً عنهم.
والشيء ذاته في اجتماعات المكاتب التنفيذية الدورية -الرسمية- على كل مستوياتها، إذ لا يمكن أن تنوب أو تغني عن اللقاءات الجماهيرية التي نراها لا تحصل إلا ماندر وهذه مشكلة بحد ذاتها. لكأن ممثلينا المحليين وقادتهم يخشون لقاء الناس والاستماع لهم، فتراهم يتهربون من المواجهة العلنية المباشرة ويتحاشونها، وهناك الكثير من الأمثلة وأولهم المحافظون ورؤساء مجالس المدن الذين يتفادى أغلبهم اللقاء الجماهيري المباشر مع الناس والاحتكاك بهم!!.
وإذا كان البعض يدّعي أنهم يعيشون بين الناس، وأنهم يعالجون ويتابعون قضاياهم، فإن ذلك بتقديرنا لا يكفي، لأن الأمر ليس مخترة أو وجاهة، بل هو عمل مؤسساتي قوامه الحوارات واللقاءات الجماهيرية، أولاً وآخراً، حتى تكتمل الصورة لأنها تضع النقاط على الحروف وتكشف حقيقة من انتخبناهم وتفاعلهم مع مشكلاتنا وكيفية التعاطي معها!.
فلمصلحة من هذا الغياب، ولماذا التنازل عن ألف باء الإدارة المحلية -اللقاءات والحوارات الجماهيرية– لأنها ستتحول إلى إدارة مركزية، لا محلية، ولا يعتقدنّ أحد أن الدراسات والتقارير التي يعدّها الرسميون تغني أو يمكن أن تكون بديلاً أبداً.
إننا اليوم بأمسّ الحاجة لأن نكون أكثر قرباً من الناس ومن تفكيرهم ومعالجة مطالبهم ومعاناتهم وتحقيق أحلامهم، وإن الأداء الجاد لمثل هذه الحوارات الخلاقة التي ترتقي للطموحات سيفرز منتوجاً يرضي الناس بعيداً عن لغة الروتين، لا بل إنه سيقدم أداءً رسمياً مباشراً واضحاً شفافاً قد ينجم عنه تغيير خطة أو إقرار مشروع أو إعفاء بيروقراطي أو متقاعس وتكليف مهمّش.
وحقيقةً، فإننا لا نعرف سبباً وجيهاً، أو مبرراً مقنعاً لتغيب مجالسها المحلية عن أداء دورها الجماهيري كونها المعنية الأولى بمتابعة وتنفيذ وإنجاح الإدارة المحلية قانوناً وواقعاً، آملين ألا يكون “الكوفيد 19” الحجة لأنها لن تقنع أحداً بالتأكيد.. والمسألة برسم وزارة الإدارة المحلية.
وائل علي