حاكم مصرف لبنان متهم باختلاس 300 مليون دولار.. اختبار لفرنسا
أعلن مصدر قضائي لبناني أن الادعاء العام فتح تحقيقاً بحق حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بعد طلب قانوني سويسري، بتهمة اختلاس أكثر من 300 مليون دولار من البنك، عبر شركة مملوكة لشقيق سلامة.
وقال مصدر قضائي كبير لـ “رويترز” إن مكاتب رجا، الأخ الأصغر لرياض سلامة، تم إغلاقها بالشمع الأحمر ومصادرة ما فيها من أجهزة كمبيوتر وملفات، في إطار التحقيق، ولم يصدر عن المدعي العام اللبناني تعليق بعد.
ويوم 12 نيسان الجاري، كشفت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية عن تقديم المحامي أنطوان ميزونوف دعوى في باريس ضد سلامة بتهمة الاختلاس وتبييض الأموال. ليصبح سلامة ملاحقاً في كل من فرنسا وسويسرا، إضافة إلى احتمال تحوّله قريباً إلى مدّعى عليه في بريطانيا، بالتوازي مع الملفات التي يواجهها في بيروت.
ولم يكن لدى رياض سلامة، الملاحَق في لبنان وسويسرا وفرنسا، تعليق عندما سألته “رويترز” عن فتح التحقيق ضده، وعن إغلاق مكتب أخيه، والملفات المصادرة. لكن اللافت أن سلامة غادر قبل يومين إلى فرنسا، على متن طائرة خاصة، بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، بدء فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيّين متورّطين في الفساد، إضافة إلى أولئك الذين تتّهمهم فرنسا بعرقلة تأليف الحكومة. هذه العقوبات التي تقتصر على “اتخاذ إجراءات تقيّد دخول أشخاص يعرقلون العملية السياسية في لبنان إلى الأراضي الفرنسية”، بحسب ما أعلن لو دريان، ستكون أمام الاختبار الأول لها بوجود سلامة، الذي بات في دائرة الشبهة، في نظر الادّعاء العام الفيدرالي السويسري، بجرم استغلال السلطة والاختلاس وتبييض الأموال. فهل ستطبّق فرنسا عقوباتها الجديدة عليه، أم أنها، على جري عادتها، ستعتمد الأسلوب الأميركي بمعاقبة خصومها السياسيّين حصراً؟، حسبما يؤكد مراقبون.
وأحجم مصرف لبنان المركزي أيضاً عن التعليق، وعن تقديم معلومات للاتصال برجا سلامة.
وكان مكتب المدعي العام السويسري، قد قال في كانون الثاني الماضي إنه طلب مساعدة قانونية من لبنان فيما يتعلق بتحقيق في “غسل أموال خطير” و”اختلاس محتمل”، مرتبط بمصرف لبنان. ويؤكد الطلب، الذي اطلعت عليه “رويترز”، أن شركة “فوري أسوسيتس”، التي يمتلكها رجا سلامة، لها حساب بنكي في سويسرا، كان يتلقى عمولات عن بيع سندات مقومة باليورو وسندات خزانة لبنانية، وتلقى هذا الحساب من مصرف لبنان المركزي تحويلات مالية بقيمة 326 مليون دولار بين عامي 2002 و2014 ، قيل إنها رسوم وعمولات.
وأغلب المدفوعات التي تمت لشركة “فوري أسوسيتس” جرى تحويلها بعد ذلك لحساب باسم رجا سلامة. وذكرت الوثيقة أن أكثر من سبعة ملايين دولار حوّلت أيضاً من حساب فوري أسوسيتس إلى حساب باسم رياض سلامة بين عامي 2008 و2012.
ولم يتسن لـ”رويترز” التوصل لأي معلومات للتواصل مع شركة “فوري أسوسيتس”.
ولم يكن لدى مكتب المدعي العام السويسري أي تعليق عن محتوى طلب المساعدة القضائية، ما عدا تكرار البيان الصادر في كانون الثاني، ولم يكشف الطلب عما إذا كان رياض سلامة مشتبها به.
وقال مسؤول حكومي لبناني لـ”رويترز” في كانون الثاني: إن السلطات السويسرية تحقق في تحويلات مالية أجراها رياض سلامة، كما تنظر في أنشطة قام بها شقيقه ومساعده، فيما أكدت وسائل إعلام لبنانية رسمية أن القاضي غسان عويدات، المدعي العام اللبناني التميزي أحال النتائج الأولية للسلطات السويسرية في شباط.
ولم تعلن السلطات السويسرية منذ ذلك الحين عن أي تفاصيل عن القضية بشكل رسمي.
ومع اقتراب الموعد الذي حدّده مصرف لبنان لتسليم المستندات التي تطلبها شركة “ألفاريز ومارسال” لتتمكّن من إجراء التدقيق الجنائي، شدّد رئيس الجمهوريّة ميشال عون، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّ “هناك استحقاقاً زمنيّاً لتسليم مستندات ووثائق مصرف لبنان لشركة التدقيق المالي الجنائي، ونحن والشعب اللبناني نرصد، والمسافة أيّام”.
والقطاع المصرفي في قلب أزمة لبنان المالية التي اندلعت في أواخر 2019، إذ حالت البنوك إلى حد كبير بين العملاء وودائعهم الدولارية وأوقفت التحويلات إلى الخارج منذ ذلك الحين مع تنامي شح الدولار. وتسبب الانهيار المالي في تداعي قيمة العملة المحلية وأجبر البلاد على إعلان عدم قدرتها على سداد ديون سيادية ودفع نصف السكان على الأقل إلى الفقر.
والتحقيق السويسري هو واحد من بين عدة تحقيقات يجري الإعداد لها في أوروبا وتستهدف مسؤولين في القطاع المالي اللبناني.