بيونغ يانغ ترفض التفاوض مع واشنطن وتصف دبلوماسيتها بالزائفة
اتهمت بيونغ يانغ واشنطن بأنّها تستخدم الدبلوماسية “لافتة زائفة” تخفي وراءها نواياها “العدوانية”، مؤكدة رفضها التفاوض مع الولايات المتحدة.
وقالت وزارة خارجية كوريا الديمقراطية في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية: إن الدبلوماسية تمثل بالنسبة إلى الولايات المتحدة “لافتة كاذبة” تهدف إلى “التغطية على أعمالها العدوانية”. وحذّرت من أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ارتكب “خطأ فادحاً” باعتماده موقفاً “عفا عليه الزمن” تجاه بيونغ يانغ. وقال كوون جونغ غون مدير عام إدارة الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية الكورية الديمقراطية: “إن قيام الولايات المتحدة، التي دأبت على تهديد بيونغ يانغ من خلال سياسة عدائية شريرة لا مثيل لها وابتزاز نووي متواصل، بوصف نهج الردع الدفاعي الذي نتبعه بأنه تهديد يشكل أمراً غير منطقي وتعدياً على حقنا في الدفاع عن النفس”.
وشدد كوون على أن تصريح بايدن “يعكس بوضوح نيته مواصلة تطبيق السياسة العدائية تجاه جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية كما فعلت الولايات المتحدة لأكثر من نصف قرن وأن حديثه عن الدبلوماسية لا يعدو كونه وسيلة للتستر على أعمال بلاده العدائية”، وأضاف: إن مثل هذه المواقف كانت متوقعة من الولايات المتحدة نظراً لأن هذه هي عادة الأميركيين ولكن أن يعمد الرئيس الجديد إلى عرض موقفه من كوريا الديمقراطية بهذه الطريقة في أول خطاب له حول سياسته المقبلة أمر لا يحتمل ولا يمكن التهاون معه، وتابع: إن المناورات النووية التي تستهدف بيونغ يانغ والتي أجرتها الولايات المتحدة مباشرة بعد تنصيب الادارة الأميركية الجديدة أثبتت بالفعل من الذي يهدد الآخر في شبه الجزيرة الكورية وأظهرت بوضوح وجوب تمتعنا بقوة الردع لمواجهة الولايات المتحدة.
وحذر من أن الولايات المتحدة ستواجه أزمة متفاقمة أكثر فأكثر بحيث لا تمكن السيطرة عليها في المستقبل القريب في حال ألحقت المزيد من الضرر بالعلاقات مع كوريا الديمقراطية وأصرت على التمسك بعقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن وسنكون من جانبنا مضطرين لاتخاذ إجراءات جوابية ومع الوقت ستجد الولايات المتحدة نفسها في وضع خطير.
وفي بيان ثان نشرته الوكالة نفسها، اتهمت الوزارة الرئيس الأمريكي بإهانة الرئيس كيم جونغ أون، مضيفة: “لقد حذرنا الولايات المتّحدة بما يكفي لتفهم أنها ستتأذّى إذا ما استفزتنا”، وأشارت إلى أن كلمة بايدن، التي وصف فيها كوريا بـ”التهديد الخطير”، وتعليقات فريقه حول قضية حقوق الإنسان فيها، “لا يمكن التسامح معها”، وأضافت “إن متحدثا باسم وزارة الخارجية الأميركية أصدر في الـ28 من الشهر الماضي بياناً صحفياً هاجم فيه الإجراءات التي اتخذتها بيونغ يانغ لمكافحة فيروس كورونا وزعم انها تشكل خرقا لحقوق الانسان مرتكبا بذلك انتهاكاً سياسياً خطيراً “.
وتابعت الخارجية الكورية الديمقراطية أن الولايات المتحدة التي تتسبب بالمعاناة الشديدة وتلحق الأذى الكبير بالشعب الكوري من خلال سياستها العدائية التي لا سابق لها في التاريخ غير مخولة بالحديث عن حقوق الإنسان، وأضافت “نحن نحذر واشنطن مرة بعد أخرى بأن أي استفزاز ضدنا سيؤدي إلى كارثة تلحق بها وهي بالطبع ستندم على أفعالها الطائشة في حال اختارت تجاهل تحذيراتنا”، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة بلاد تفتقر لحقوق الإنسان وتعاني من أسوأ فشل في مكافحة الأمراض المعدية حيث يموت الكثير من الناس كل يوم تقريبا بسبب عدم المساواة الاجتماعية والتمييز العنصري وتوفي أكثر من 580 ألف شخص بسبب جائحة كورونا فيما يقتل أكثر من 40 ألف أميركي في حوادث إطلاق النار سنوياً وجميع أنواع الجرائم الأخرى، وشددت على وجوب التحقيق مع الولايات المتحدة دولياً بسبب انتهاكها الجسيم لحقوق الإنسان وتحميلها المسؤولية الكاملة عنها.
وكانت وزارة الخارجية الكورية الديمقراطية جددت آذار الماضي مطالبتها الولايات المتحدة بالتراجع عن سياساتها العدائية في حال أرادت إقامة اتصالات وحوار.
وتشهد شبه الجزيرة الكورية منذ سنوات حالة من التوتر الشديد جراء المناورات العسكرية الأمريكية الكورية الجنوبية المتكررة، إضافة إلى التهديدات الأمريكية العدائية المتواصلة ضد كوريا الديمقراطية وقيام واشنطن بنشر منظومة ثاد الصاروخية في أراضي كوريا الجنوبية وهو ما تعتبره بيونغ يانغ تهديدا لأمنها القومي.
وكان بايدن قال في خطاب في الكونغرس يوم الأربعاء الماضي إنّه سيستخدم “الدبلوماسية بالتوازي مع الردع الشديد” لاحتواء طموحات بيونغ يانغ النووية.
ويأتي موقف بيونغ يانغ بعد يومين من إعلان البيت الأبيض أنّ بايدن يؤيّد انتهاج مقاربة دبلوماسية “واقعية” إزاء كوريا الديمقراطية.
والمفاوضات بين واشنطن وبيونغ يانغ متوقفة منذ فشلت القمّة الثانية بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الكوري كيم جونغ-أون في هانوي في شباط 2019. ومنذ تولّيه منصبه قبل 100 يوم، لم يكشف بايدن الكثير عن الطريقة التي ستتعامل بها إدارته مع هذا الملف.
والجمعة زعمت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية، جين بساكي، للصحافيين إنّ “هدفنا يظلّ إخلاء شبه الجزيرة الكورية بالكامل من الأسلحة النووية”. واكتفت بالإشارة إلى أن السياسة الأمريكية إزاء كوريا الديمقراطية ستنتهج “مقاربة دقيقة وعملية ومنفتحة على الدبلوماسية” بالتشاور الوثيق مع كل من كوريا الجنوبية واليابان، رافضة الإفصاح عما إذا كانت الإدارة تَعدّ مبادرات بهذا الشأن.
لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض حرصت على الإشارة إلى أن مقاربة إدارة بايدن لهذا الملف ستختلف عن تلك التي انتهجتها إدارتا ترامب وأوباما.
وكان الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن دعا قبل عشرة أيام نظيره الأمريكي إلى استئناف المفاوضات مع بيونغ يانغ.
ومون، الذي سيستقبله بايدن في 21 أيار في البيت الأبيض، قال يومها: إن “أهم شيء بالنسبة للحكومتين هو أن تكون هناك رغبة في الحوار والجلوس وجهاً لوجه في أقرب وقت ممكن”. وأضاف: “آمل أن يدخل بايدن التاريخ كرئيس حقق تقدما جوهريا ولا عودة عنه باتجاه الوصول إلى شبه جزيرة كورية خالية بالكامل من السلاح النووي وتنعم باتفاق سلام”.