بعد بريكست.. بوادر مواجهة فرنسية بريطانية
تقرير إخباري:
بعد أربعة أشهر على إبرام اتفاق ما بعد بريكست، توتّر الوضع فجأة بين لندن وباريس حول مسألة وصول الصيادين الفرنسيين إلى المياه البريطانية، حيث تجمع 50 مركب صيد فرنسياً، صباح الخميس، احتجاجاً أمام ميناء سانت هيلير، عاصمة جزيرة جيرسي، فيما أرسلت المملكة المتحدة سفينتي حراسة تابعتين للبحرية الملكية إلى المنطقة. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إن “أي حصار سيكون غير مبرر على الإطلاق”، مبينا أن إرسال السفن البحرية هو “إجراء احترازي”.
وتمّ نشر السفينتين HMS Severn وHMS Tamar، يومي الأربعاء والخميس على التوالي. وكلاهما مسلحتان بمدفع مصمم للحماية من الطائرات الهجومية السريعة الحركة، ورشاشين على سطح السفينة.
ويأتي ذلك بعد تهديد من فرنسا بـ”إجراءات انتقامية” بما في ذلك قطع الكهرباء عن الجزيرة، ذات الحكم الذاتي التي تتبع التاج البريطاني، بسبب النزاع، مدفوعين بما وصفه المسؤولون الفرنسيون بأنه خرق بريطاني لاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشأن تراخيص الصيد.
يشار إلى أن جزيرة جيرسي تحصل على 95٪ من الكهرباء من فرنسا عبر الكابلات تحت الماء.
وتتطلّب قواعد الصيد الجديدة، التي أدخلتها حكومة جيرسي بموجب اتفاقية التجارة والتعاون بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، أن تثبت القوارب الفرنسية أن لديها تاريخاً في الصيد في مياه جيرسي. لكن السلطات الفرنسية قالت: إن “الإجراءات الفنية الجديدة” للصيد قبالة جزر القنال لم يتم إبلاغ الاتحاد الأوروبي بها، مما يجعلها “لاغية وباطلة”.
وكان ديمتري روجوف، رئيس رابطة الصيادين الفرنسيين قد أوضح، في وقت سابق، أن 100 سفينة صيد فرنسية ستبحر إلى ميناء جيرسي في إطار احتجاج على القواعد الجديدة، مؤكداً أنها ستعود بسلام من الميناء.
وينصّ اتفاق ما بعد بريكست على فترة انتقالية حتى صيف 2026، في هذا التاريخ يتخلى الصيادون الأوروبيون عن 25% من صيدهم في المياه البريطانية، أي ما يعادل 650 مليون يورو سنوياً. ثم ينصّ الاتفاق على إعادة التفاوض بشأن هذه المسألة سنوياً. وسيتمكن الصيادون في الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى المناطق الواقعة بين 6 و12 ميلاً بحرياً قبالة السواحل البريطانية حيث كانوا يصطادون تقليدياً، حتى صيف 2026.
وقال المدير العام للجنة الفرنسية للصيد البحري والمزارع البحرية، جان لوك هول، إن شروط وصول الصيادين البريطانيين إلى المياه الفرنسية لم تتغيّر، مضيفاً “لكن هذا يمثل عدداً محدوداً من السفن كالمراكب التي تصطاد الكركند أو السلطعون”.
وتقول الحكومة والصيادون الفرنسيون: إن لندن لا تلتزم باتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من خلال تشديد شروط دخول الصيادين إلى المياه البريطانية.
لا مشكلة من حيث المبدأ بالنسبة للمراكب الكبرى المجهزة بـ”نظام مراقبة السفن” الذي “يسجل مواقع السفن”، كما يقول لوك هول، لكن الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للقوارب التي يقل طولها عن 12 متراً وليس تحديد الموقع الجغرافي إلزامياً لها. و”المأزق الآخر، عندما يكون المركب جديداً وانضم إلى الاسطول مؤخراً منذ 2016، يجب إثبات أن المركب الذي حل مكانه كان يبحر في المياه البريطانية”، كما يقول لوك هول.
ووفقاً لوزارة البحار الفرنسية، تلقت فرنسا حتى الآن 88 ترخيصاً، من أصل 163 طلباً للصيادين، من او دو فرانس (شمال) و13 ترخيصاً من أصل 40 طلباً لزملائهم في بريتاني (غرب).
وللصيد في جيرسي، تم منح 41 ترخيصاً من أصل 344 طلباً. ووفقاً لباريس أصدرت هذه التراخيص الـ41 مع طلبات جديدة “غير مقبولة”.
ويتصاعد الغضب أيضاً بين الصيادين البريطانيين، فخلال برنامج “غود مورنينغ بريتن” على قناة “آي تي في” التلفزيونية، انتقد دون طومسون رئيس جمعية الصيادين في جيرسي الصيادين الفرنسيين لرغبتهم في “الصيد دون قيود في مياهنا بينما تخضع مراكبنا لجميع أنواع الشروط المتعلقة بكمية الأسماك التي يمكن صيدها، حيثما أمكنهم ذلك”، وأضاف: “لن يكون من العدل أن تستسلم الحكومة لهذا الأمر”.
والوضع أكثر تعقيداً لأن بروكسل ولندن لم تتمكنا بعد من الاتفاق على اعتماد حصص الصيد للمخزونات المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لعام 2021.
وقال لوك هول: “هناك رغبة لدى الجانب البريطاني في الاحتفاظ ببعض وسائل الضغط”، في إطار المفاوضات” بشأن هذه الحصص، لتبرير اصدار عدد محدود من التراخيص.
وكانت قضية أراضي الصيد نقطة شائكة رئيسية خلال مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.