ماذا سيقدم الجزء الثالث من سوق الحرير؟
مازال الجزء الثاني من سوق الحرير يغري الكثيرين بمتابعته ابتداء من الشارة والموسيقا إلى تلاحق أحداثه البعيدة عن الرتابة والملل والمشاهد الطويلة، ولما حفل به من تطور طال الشخصيات النسائية خاصة وتكامل مع الانفتاح الذي شهدته سورية في تاريخها المعاصر.. ابتداءً من تأثير نزار قباني ودوره السياسي الذي تم التنويه إليه، إلى التطور الاقتصادي وانطلاقة الصناعات النسيجية وتصديرها للخارج، وما طرأ أيضاً على الحارة الشامية القديمة والتغيير الاجتماعي بخروج شرائح معينة للسكن بالأحياء الحديثة، إلى جانب جمالية الأداء لشخصيات العمل.
التمرد على الواقع
محور التغيير بدأ من منزل عمران الحرايري بتمرد زوجاته على الواقع واقتناع كل واحدة بضرورة البحث عن ذاتها وكيانها، فخديجة –قمر خلف- تفكر بالاستقلال المادي وإنشاء ورشة خاصة بها وبتصميماتها بالتشارك مع جورجيت إيماءة إلى التعايش والتلاحم الاجتماعي والاقتصادي بين المسلمين والمسيحيين، وفي الوقت ذاته إظهار الدور الفعّال الذي قامت به المرأة لدعم الصناعات والاقتصاد الوطني. وضمن المسار ذاته مطالبة كريمة –ندين تحسين بيك- عمران- بسام كوسا- بالعودة إلى التدريس عملها الذي كانت تمارسه قبل الزواج وإزاء إصرارها يوافق، وتحدي قمر –كاريس بشار- عمران ومواجهته بأخطائه للحفاظ على مكانتها داخل المنزل.
التغيير طال أيضاً أخت عمران –ريام كفارنة- التي رفضت منذ البداية أن تكون زوجة تقليدية ودخلت تجربة العمل الإعلامي، بإقحام المخرج هذا الخط المرافق بفنية غير مباشرة بالربط بينه وبين افتتاح معرض دمشق الدولي من خلال الإذاعة ومشاركة المرأة بهذا المجال. ولم يقتصر التغيير بالعمل خارج المنزل وإنما بطريقة تفكير الأنثى بحقها باختيار حياتها الخاصة بعيداً عن شروط عائلتها كحال أمينة ابنة –أبو طلال- لوريس قزق-
كما ركز العمل على حالات مختلفة لحضور الأنثى الاجتماعي واستقلالها المادي مثل شخصية شادية –روعة السعدي- مديرة الفندق، ونجوى الصناعية التي تقوم بدور الوسيط بين عمران والجهة الخارجية.
في جانب آخر أظهر التطور بالجانب التعليمي ونشر الوعي التربوي بحضور أولياء الأمور الاجتماعات التي تقوم بها المدرسة، والتركيز على صورة بعض الأساتذة مثل سلوكيات أستاذ التاريخ الإيجابية –وسيم الرحبي- الذي كان يرتبط بعلاقة عاطفية سابقة مع قمر وستكون محور جدل وإثارة كما يبدو من تصاعد الأحداث.
وكان لشخصية صباح-رنا كرم- دور ليس على صعيد التغيير الاقتصادي بانضمامها فقط إلى العمل بورشة خديجة، وإنما بالتلميحات للقضية الفلسطينية والأحداث العاصفة التي نوّهت إليها في حديثها مع خالتها أم عبد الله وأضاعت عليها فرصة التعليم، لتحاول أن تستدرك جزءاً من حياتها الضائعة.
ومضى السياق الدرامي للجزء الثاني بحل العقدة التي مثلت المحور الأساسي للأحداث بإثبات براءة عبد الله وعودته إلى منزل أهله بمشهد مؤثر جمعه مع والدته بعد طول غياب وملاحقة المجرمين الحقيقيين، وبحثه عن فك خيوط الجريمة القديمة لخلدون والد مريم الذي ساعده قبل وفاته بالهرب من السجن.
الملفت أن خيوط الحبكة بدأت بالتلاشي تاركة الباب موارباً لومضات لاح بريقها ضمن الأحداث، فإعلان الشركة المنتجة- ميسلون فيلم- عن بدء التحضيرات للجزء الثالث بتوقيع المخرج المثنى صبح أسعد متابعيه الكثُر، وأثار أيضاً التساؤلات ترى ماذا سيقدم الجزء الثالث من سوق الحرير بعد عودة عبدالله إلى أهله؟ وهل سيخسر عمران ثروته بصفقة التصدير أم ستنقله إلى مكان آخر؟ وهل سينشأ صراع بين عمران وعبد الله من أجل المال؟ وما مصائر الشخوص خاصة بعد أن كُشف سر عمار ابن صبحية وهل ستعود العلاقة بين عمر وعمار –التوءم ربيع وشادي جان- كما كانت؟ وما دور نجوى في حياة عمران التاجر المحنك الذي يفصل بين حياته الخاصة وبيته؟ وكيف سيمضي عبد الله الذي عاش بالريف حياته في ظل الانفتاح والتطور؟ ربما تحمل الحلقات الأخيرة الإجابات والاحتمال الأكبر هو الانتظار لمفاجآت قفلة النهاية تمهيداً للجزء الثالث.
ملده شويكاني