اقتصادصحيفة البعث

نعم يجوز زج التجار بالسجن..!.

حسن النابلسي

إذا ما سلمنا بأن “التاجر ليس فوق القانون.. ومن الطبيعي جداً أن يعاقب بالسجن في حال ارتكابه أية مخالفة”، فإننا نستهجن حالة الاستنفار غير المسبوقة التي يشهدها القطاع التجاري هذه الأيام لجهة إلغاء عقوبة السجن من المرسوم  التشريعي رقم 8 لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك الجديد..!.

مرد هذا الاستهجان يعود بالدرجة الأولى إلى النظرة الفوقية للتجار، واعتبارهم أنفسهم من علية القوم وبالتالي لا يجوز لأي تشريع أن ينال منهم حتى لو كانوا على باطل، وقد سمعنا أحاديث كثيرة لهم في هذا الاتجاه من قبيل “هل يعقل أن يسجن التاجر..؟”.. وكذلك “كيف يمكن زج من يؤمن الاحتياج اليومي للأسر بالسجن..؟”…!

بكل تأكيد يجوز زج أي تاجر مرتكب وراء القضبان مهما بلغت ملاءته المالية ومهما علا شأنه في السوق؛ ولعل سبب الهجمة الشرسة من قبل التجار ممثلين بغرف التجارة، واستماتتهم لإلغاء عقوبة السجن، يعود لاستمرائهم الاقتصار على الغرامات المالية التي لم تعد تشكل ذلك العبء بالنسبة لهم، ولاسيما بعد تضخم ثرواتهم إثر فرضهم قواعدهم الخاصة بالأسواق دون حسب أو رقيب..!

ها قد انخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ولم تنخفض الأسعار؛ وما يروج له العديد من التجار حول انخفاض الأسعار ومساعيهم للتدخل الإيجابي بالأسواق من خلال مهرجانات التسوق حيناً، وأسواق الخير حيناً آخر، لا يعدو كونه مجرد ذر للرماد في العيون.. فهذه ليست تخفيضات حقيقية، ومن يزور السوق الخيري سرعان ما يلحظ أن الفارق بينه وبين بقية الأسواق بالكاد يذكر، مع الإشارة هنا إلى أن مبلغ الـ 50 أو 100 ليرة لم يعد يذكر كفارق سعر ،خاصة لسلعة ثمنها 2000 ليرة بالحد الأدنى..!.

عود على بدء.. نعم يجوز زج التجار المخالفين في السجن، مثلما يجوز ويصح زج الصحفيين المرتشين، أو القضاة غير العادلين، أو الأطباء المنتهكين لقسم مهنتهم.. إلخ.

hasanla@yahoo.com