تحوّلات عالمية جراء تفشي الوباء
عائدة أسعد
ارتفعت أعداد القبور المحفورة لدفن موتى الوباء في غزة، وباتت المستشفيات على وشك الانهيار. وتتكشف حالياً ديناميكية مماثلة على نطاق أوسع، فبينما شكلت اللقاحات في الولايات المتحدة وبريطانيا وفي معظم أنحاء قارة أوروبا، في وقت لاحق من هذا العام، أملاً حقيقياً في عودة الحياة إلى طبيعتها، تشتعل عمليات حرق الجثث الجماعية في الهند حيث تجاوز عدد القتلى الفعلي الأرقام الرسمية بكثير.
وأصبح من الواضح الآن أن صيف 2021 هو إلى حد كبير عالم منتصف COVID-19، ولن يتفشى الوباء في ما تبقى من هذا العام فحسب بل ربما يتعداه.. وبدأ الأفراد والمؤسسات والدول في فهم معنى ذلك، وخاصة بعد تأثيرات COVID-19، من تراجع العقارات في مانهاتن إلى توقف السفر في جميع أنحاء العالم، إلى الدول التي ترى تصنيع اللقاحات كسباق تسلح عالمي جديد.
إن التحولات التي كانت تحدث بالفعل كانت الجائحة تسرّعها أحياناً، أو يتم إخفاؤها أحياناً أخرى، وهي تشمل الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، رغم أن الولايات المتحدة تتعامل مع الصين وروسيا من خلال منظور المواجهة.
وقد سلط الوباء الضوء على الفجوات الهائلة في الثروة العالمية والمحلية وأدى إلى تفاقمها في كثير من الأحيان، ولكن هناك على الأقل احتمال أن يجلب عالم ما بعد الوباء فرصاً أكبر وتنقلاً وتغييراً إيجابياً. وعلى الرغم من أن COVID-19 قتل عدداً أقل بكثير من الموت الأسود “وباء الطاعون”، الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1352م وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة ، لكن الديناميكيات مختلفة تماماً.
في أسوأ الأحوال قد يتضاءل تأثير الوباء على البطالة خلال العقد القادم بسبب تأثيرات الأتمتة والذكاء الاصطناعي وثورة أوسع في التكنولوجيا، وهذا يجعل بالفعل عدداً صغيراً من شركات التكنولوجيا هي الحكام في كل شيء، بدءاً من إدارة المعلومات المضللة عبر الإنترنت إلى مصير استكشاف الفضاء وتجار التجزئة الصغار، وقد يكون عالم ما بعد الجائحة أبعد من كل الآمال ولكن يتم تشكيله الآن.