سحب القوات من أفغانستان لن يبرر الخطأ
تقرير إخباري
بدأت الولايات المتحدة الانسحاب النهائي لقواتها من أفغانستان، وتعهدت بإكمال العملية بحلول أيلول من هذا العام، وحتى الآن لا يمكن تبرير حرب الولايات المتحدة على أفغانستان التي تسبّب كارثة إنسانية لـ22 مليون شخص، وروّجت لعدم الاستقرار الإقليمي.
كان ينبغي على الولايات المتحدة التعامل مع هجمات الحادي عشر من أيلول على أنها أعمال إرهاب وليس عملاً حربياً، لكن إدارة بوش اتخذت قرار الحرب متجاهلة الإطار الكامل للمعاهدات الدولية التي تمّ وضعها تحت رعاية الأمم المتحدة على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية من أجل التعامل مع أعمال الإرهاب الدولي، منتهكة قرار مجلس الأمن الدولي الذي تبنى الحادثة، وأطلق عليها هجمات إرهابية بدلاً من تسميتها هجوماً مسلحاً من قبل دولة ضد دولة أخرى.
لم تكن حرب إدارة بوش على أفغانستان دفاعاً عن النفس، بل كانت فعلاً انتقامياً، فقد أصدر بوش حينها إنذاراً لحكومة طالبان، ورفض جميع المفاوضات، وكذلك جميع إجراءات حماية الإجراءات القانونية الشاملة المطلوبة بين الدول ذات السيادة والمتعلقة بتسليم المجرمين، بحيث تمّت صياغة إنذار بوش بطريقة لن تكون حكومة طالبان قادرة على الامتثال له.
إن حرب إدارة بوش ضد أفغانستان التي تنتهك معاهدة كيلوج- برياند لعام 1928 التي وعدت فيها الدول الموقعة بعدم استخدام الحرب لحلّ النزاعات مهما كانت طبيعتها أو من أي مصدر وكذلك ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، تشكل “جريمة نورمبرغ ضد السلام” وتقدم مثالاً آخر على سبب معارضة البنتاغون وبوش بشدة لإنشاء محكمة جنائية دولية.
إذن لماذا شنّت الولايات المتحدة حرباً على أفغانستان، ومنعت ملايين الأفغان من الحصول على الطعام والملبس والمسكن والمياه والرعاية الطبية؟.
لقد تمّ استخدام المنطق نفسه للحفاظ على نشر القوات الأمريكية في الخليج العربي لأكثر من 11 عاماً، ومثلما كانت حرب العراق تدور حول النفط والغاز الطبيعي كانت الحرب ضد أفغانستان هي لسرقة النفط والغاز الطبيعي من آسيا الوسطى، وللالتفاف الاستراتيجي على روسيا والصين وإيران والهند من خلال إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في جميع أنحاء آسيا.
لقد قوّضت إدارة بوش سلامة المعاهدات الأربع لاتفاقيات جنيف لعام 1949، وهي معاهدات دولية للحدّ من همجية الحروب، وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال الحربية من مدنيين، حتى أصبحت حقبة احتلال أفغانستان النقطة السوداء في تاريخ الولايات المتحدة، وإن الانسحاب منها الآن لن يمحي من الذاكرة ما قامت به في تلك البقعة من الأرض، بل على العكس تماماً سيضاف إلى سجلها المليء بالنقاط السوداء.
عائدة أسعد