الأمل بالعمل
بسام هاشم
لعل أكثر ما ينداح في الأذهان لدى أول تفاعل سمعي أو بصري مع شعار الحملة الانتخابية للمرشّح بشار الأسد، “الأمل بالعمل”، هو تلك السنوات من الديناميكية والحيويّة والسباق مع الزمن التي ميّزت الرئيس الشاب. كانت سورية الواثقة الواعدة المتنعّمة بالاستقرار والطامحة لأن تجمع، في وقت واحد، قلب العروبة وقلب البحار الخمسة، وبوابة أوروبا باتجاه آسيا وبوابة آسيا إلى أوروبا، والمركز الذي تتلاقى في شوارعه ومدنه ومعالمه وأوابده وشعبه مختلف الحضارات والثقافات. كانت سورية ورشة واسعة تمتد على مساحة الوطن، مشمّرة عن ساعديها، منكبة على صنائعها، تماماً كما ذاع صيت السوريين في العالم إثر تهجيرهم من بلدهم بعد ذلك بسنوات.
جاءت الحرب الإجرامية لإزهاق ذلك الحلم والإجهاز على تلك الطمأنينة، في إطار مشروع الأعداء لإعادة سورية عقوداً طويلة إلى الوراء، وللوهلة الأولى نجح القتلة والهمج ولقطاء التاريخ إلى حد ما. حاولوا وأد شعلة الأمل من خلال بث روح الفرقة والتعصب بين أبناء النسيج الوطني والمجتمعي الواحد، وعملوا على اختطاف المهارة السورية من خلال سرقة المعامل والمصانع والمنشآت الاقتصادية، التي حملت بصمة وسر الإبداع السوري على امتداد القرون والألفيات. وللمفارقة، وللدهشة ربما، كان على العالم أن يتعرّف، مرة أخرى، إلى الحقيقة السورية، وحقيقة السوريين من خلال اعتمادهم على الذات، وارتباطهم بالعمل، وانكبابهم على تحسين ظروف الهجرة، والالتفاف على الواقع الطارئ الصعب والشاق عبر التفنن في الاجتهاد بكسب الرزق وتحصيل مقوّمات العيش، بعيداً عن معونات الدول المسمّاة مانحة، وبعيداً عن مشاعر الشفقة أو الازدراء التي كان يمكن لحكومات “مضيفة” أن تتصدّق بها على وافدين بائسين حطّت بهم رحال المؤامرة الاستعمارية في مخيمات اللجوء أو هنغارات الإيواء.. على العكس، ما تكشّف لاحقاً أن هذه الدول والحكومات إنما كانت تعتاش على ظهر اللجوء السوري، أكياساً وصناديق مساعدات وتحويلات وبرامج تأهيل مزعومة، واستغلالاً صارخاً للعرق والجهد والخبرة، وتسوّلاً فاضحاً ومكشوفاً حتى بات فتح الحدود وسيلة لدى البعض للتكسّب والاستعطاء على أبواب الصناديق المالية الدولية.
السوري “الشغيل” و”التعيب”، الذكي والحاذق والماهر، هو الوجه الآخر الذي شحذته الحرب، وأماطت اللثام عن كينونته المخبأة في تلافيف كثيفة ومضاعفة من التواضع والأهلية ونكران الذات. هذا الشعب اللماح، المتطلّع، المُجد، المُشبع بأمل لا ينتهي، وقدرة لا تنضب على العمل، هو الذي وضع المرشّح الأسد، القائد الأسد، ابن الشعب، يده على نبضه النقي والحار، وسر تجدّده وقدرته على الانبعاث من الموت والرماد، فكان شعار حملته الانتخابية “الأمل بالعمل”.
من كان سيصدّق أن سورية ستنتصر في مواجهة كل ذلك الطوفان!؟ ولكنها انتصرت حقاً!!
من سيشكّك بعد اليوم في المعجزة السورية المتوارثة عبر الأجيال، معجزة النهوض ومواجهة تحديات البناء وإعادة الإعمار؟
من قاد سورية إلى الانتصار هو وحده يعرف سر قيادتها إلى إعادة الإعمار.. المرشّح الأسد الذي صبر لأنه لم يفقد الأمل ذات يوم، والذي كان يخلق الأمل كل لحظة، لأنه كان يعمل لمصلحة شعبه ووطنه حتى في أصعب اللحظات.