بوابات الأمل
“الحرب لم تنتهِ بعد”، ولكن مع كل ما خلفته هذه الحرب التي تعدّ من أشرس وأشد حروب العالم من دمار وإنهاك للدولة السورية وضرب لمقدراتها الوطنية، إلا أنها صمدت ومازالت قادرة على الصمود لسنوات أخرى بسبب تكامل عوامل الصمود المتمثلة بالتفاف الشعب حول قيادته وجيشه، وإن كان الانتصار ليس حالة فريدة في تاريخ الأمم إلا أنه بكل تأكيد صناعة العظماء الذين يقودون شعوبهم إلى ساحات المجد بشموخ العز والسيادة ليكتبوا في ذاكرة التاريخ والشعوب تاريخ الأقوياء، وانتصار بلدنا اليوم في حرب تعدّ علامة فارقة كأكثر الحروب دموية وفتكاً وتدميراً واستهدافاً لسيادة الدول وحرية الشعوب في التاريخ الحديث، وتسجل بداية لعصر جديد، فسورية غيّرت العالم وكشفت زيف كل من يدّعون أنهم حراس القيم والديمقراطية، وكان انتصارها على العدوان متعدّد الدول والجنسيات إنجازاً تاريخياً توّج بصمود لم يعرف التاريخ، لتنهض سورية من جديد رغم استمرار الحرب العدوانية عليها في ظرف تاريخيّ استثنائي وبشتى الأشكال والصور الإجرامية الجديدة والمبتكرة.
ولنكون أقرب للواقعية والحقيقة دعونا نحاول اجتياز المسافات والاقتراب من واقع بلدنا بقدر ما هو ممكن ومتاح، لنتعرف على أدوات قوتنا كدولة مؤسّسات وكشعب صمد وضحّى من أجل ماضيه المشرف وحاضره التاريخي ومستقبله الآمن، وكقيادة واجهت وقاومت لتصنع انتصارها الاستثنائي بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى، وطبعاً المسألة ليست معقدة كما يظن البعض، فبالمقارنة بين سورية قبل عام 2011 وما بعد ذلك نستطيع أن ندرك تماماً مفهوم الدولة القوية، وما صنعت الحرب الظالمة والحصار الجائر بحياة السوريين الذين تفصلهم أيام قليلة عن المشاركة في استحقاق الأمل بالعمل الذي يستودعونه وطنهم وأرواحهم وكل ما يملكونه، واثقين من النصر المؤزّر الذي تلوح بوادره في الأفق، حيث سيرى العالم بأسره خيار الشعب العظيم الرافض للضغوط والإملاءات الخارجية، وستشهد سورية مرحلة جديدة يشارك فيها الجميع بإعادة إعمار وبناء بلدهم.
إن الاستحقاق الرئاسي الآن وفي ظل ما جرى ويجري، والتحديات محلياً وإقليمياً ودولياً، هو نقطة تحوّل وانعطافة نوعية تعدّ الخطوة الأولى والأهم للانطلاق على مسار التجدّد، ومع تسارع عقارب الساعة والاقتراب من بوابات المستقبل التي تجسّدها الصناديق الانتخابية، يبقى المطلوب منا كسوريين أن يكون دافعنا للمشاركة بالعملية الانتخابية أكبر مما ينصّ عليه الدستور، فهو أمانة دينية وتاريخية في أعناقنا ويجب أن ندرك بأننا نصوّت لسورية الغد، ونصوّت ضد حملة التآمر التي أصابت كل سوري، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وعندما نقول واجب التصويت يعني أن نتحدى قوى التآمر والشر التي لم يكن لها هدف في يوم من الأيام إلا النيل من الشعب ومن سورية، لأنها دوماً كانت المدافعة عن الحقوق العربية ولم تفرط يوماً بحق عربي وسوري وتمسّكت بالسيادة عبر عصورها.
نعم في 26 أيار سنوجّه رسالة للعالم أجمع بأن الشعب السوري وحده من يصنع مستقبله ويحدّد خياره الانتخابي الرئاسي ويختار من يقوده نحو الانتصار، وأنه سيبقى الوفي لدماء شهدائه، وأنه على العهد والوعد المقاوم.
بشير فرزان