حياة دون وسائل التواصل الاجتماعي
تحوّل معظم التفاعل الاجتماعي في حاضرنا وبات يعتمد على حسابات على الأنترنت، ولكن ماذا لو تعرّفت على شخص ليس لديه حساب على أي من وسائل التواصل الاجتماعي، أو يستخدم منصة واحدة على الأنترنت فحسب؟ نعم، هذا النوع من الناس موجود.
ربما يبدو الأمر مستحيلاً، لكن هناك أناس لا يشاركون صور سفرهم، أو الوجبات التي يأكلونها، أو أعياد الميلاد، أو أي صور مناسبات أخرى، إنهم يعيشون دون وسائل التواصل الاجتماعي، مع أن معظمنا يقضي معظم يومه- للأسف الشديد- وهو يرصد حياة الآخرين.
وترانا خلقنا هويات “مثالية” ليراها جمهورنا عبر الأنترنت، في حين أننا قد نكون في الحقيقة غارقين في الأسى واليأس، أمست تلك الوسائل السبب الرئيس الذي يجعل الناس يشعرون أنهم تخلّفوا عن الركب، وأنهم يفوتون على أنفسهم أموراً كثيرة، مع أنه يعسر على أي أحد إدراك كل شيء بانشغاله بمشاغل الحياة.
كان الناس يسافرون أو يحتفلون أو ينتحبون على فقيد دون أن نعرف، فدون الأنترنت لم نكن لنعلم بوجود حفل أو مناسبة هنا أو هناك إلا إن ذهبنا قاصدين التحقق من ذلك شخصياً، ولم نكن لنعرف أيضاً إذا كان أصدقاؤنا في الصغر يعملون في وظائف لائقة وأسسوا عائلات كبيرة، فعلاً الجهل نعمة!.
الأمر أن الأخبار الآن باتت في متناول أيدينا، ولكن لايزال هناك أناس تمكنوا من البقاء على الحياد، وامتنعوا عن البحث عن أخبار غيرهم من وسائل التواصل الاجتماعي، أو تقديم تفاصيل عن حياتهم، لربما لدى هؤلاء الناس إحساس أسمى في علاقاتهم مع الآخرين، وفي متناول أيديهم طريقة أنجع وأسلم في اختبار الأمور والمشاعر وتجربتها، سواء كانت مؤلمة أو مفرحة.
صدق أو لا تصدق، كلما قلبت صفحات هذه الوسائل ستقرأ أخباراً سيئة لا تعد ولا تحصى، وسترى نفسك بعد مدة عالقاً في حياة الآخرين، فتفقد التركيز على شخصيتك، لكنك لست مضطراً لإغلاق حساباتك، كل ما عليك أن تختار ما يستحق الرؤية، وأن تمتلك الإرادة لتجاهل أخبار الغير، فلا تهدر وقتك ونفسك.