دورات الصقل والترقية في رياضتنا.. زيادة كمية هائلة وفائدة فنية محدودة
“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش
تمتلك الدورات التي تقيمها اتحادات الألعاب لرفع سوية المدربين والحكام وتطوير الأداء الفني للكوادر العاملة أهمية كبيرة، كونها دليلاً على حيوية مفاصل عمل الاتحادات الرياضية. ومما لا شك فيه أن العمل على بناء قاعدة أي لعبة بوجود كوادر مميزة للتحكيم والتدريب يعتبر خطوة مهمة جداً لتطوير الواقع الرياضي على مستوى الاتحادات، في حال تم وفق آلية أكاديمية وتنظيمية واضحة من قبل أشخاص مختصين ويملكون الخبرات، ولكن – وبكل أسف – ما نشاهده في الكثير من هذه الدورات أن الأشخاص والأسماء القيمين عليها هم أنفسهم بحاجة لدورات تأهيل لكي يحدثون معلوماتهم، خاصة في ظل التطور الحاصل على كافة الأصعدة الرياضية.
دورات خلبية
في البداية، يجب أن يتم التفريق ما بين دورات الصقل ودورات الترقية، فالصقل للمدربين والحكام من أجل الاطلاع على آخر المستجدات في عالم التدريب والتحكيم، وآخر ما تم تعديله على القوانين الدولية لاتحادات الألعاب، كما أن الهدف منها هو صقل تلك الكوادر بشكل جيد قبل انطلاق النشاطات المحلية في بداية كل عام، وتقييم الوضع الفني لكل مدرب أو حكم وجاهزيته للمنافسات، وكيفية إيصال المباريات إلى بر الأمان؛ أما دورات الترقية فهي مخصصة لتأهيل كوادر جديدة أوتطوير الموجودة (أي ترفيع حكم أو مدرب من درجة ثالثة إلى ثانية أو أولى)، وهذا منوط بعمل اللجان المنبثقة عن الاتحادات فهي المعنية بتأهيل كوادرها محلياً.
لكن النوعين كلاهما من الدورات لا يحظى بالرضا من الكوادر الرياضية، وهذا يعود لعدة أسباب، منها عدم وجود ثقافة الدورات الرياضية التي ارتكزت عليها رياضتنا، وعدم التمكن من تنمية هذه الثقافة التي يجب أن تبدأ من النادي ومن ثم الاتحاد وصولاً إلى قمة الهرم الرياضي.
وللأسف، فإن دورات الترقية والصقل التي تقيمها الاتحادات “خلبية”، الهدف منها فقط هو زيادة كوادر اللعبة دون الاهتمام بتطويرها.
غير ملبية
الملفت للنظر أن اتحادات كثيرة سبق لها وأن أقامت دورات للمدربين والحكام على مستوى عال، واستقدمت محاضرين معتمدين من قبل الاتحادات الدولية، لكن هذه الدورات لم تكن ملبية للطموح بسبب قصر زمنها ونقص المتابعة بعدها.
كما أن هناك دورات طويلة الأمد تتصل بالمستوى الأول والثاني والثالث، ولها علاقة بإعداد مدربي الفئات المختلفة من الفرق، ولكنها – للأسف – بعيدة كل البعد عن خطط بعض اتحادات الألعاب التي لا يمكنها إقامة تلك الدورات المكلفة مالياً. وهنا، يتبادر إلى الذهن سؤال يتعلق بمصير كل من اتبع الدورات السابقة التي أقيمت قبل بداية الأزمة الحالية، فأغلب الاتحادات التي أقامت مثل هذه الدورات للمدربين أو الحكام خسرتهم لأسباب عديدة، إضافة إلى أن الوضع المادي حالياً يعيق إمكانية تكرار مثل تلك الدورات، فرسم المشاركة بأي دورة كان في السابق رمزياً (ما بين 3 – 5 آلاف ليرة)، أما في الوقت الراهن فإن المشاركة بأي دورة تكلف أضعاف هذا المبلغ، والأمر الآخر يتعلق برواتب المدربين، وأجور التحكيم الضعيفة لكافة الألعاب (ما عدا كرتي القدم والسلة)، لذلك نجد عزوفاً من المدربين عن التواجد في الأندية التي هي بالأساس فقيرة مادياً.
فصل التدريب عن التحكيم
أمين سر اتحاد الريشة الطائرة، إياد محمود، أوضح لـ “البعث الأسبوعية” أن دورات الصقل والترقية مفيدة، وخاصة بالنسبة للحكام، حيث تقام بهدف تطويرهم انطلاقاً من أهمية التحكيم وتوازيه مع التدريب، مشيراً إلى ضرورة الارتقاء بالواقع التحكيمي لأي لعبة كونه المرآة التي تعكس تطور المستوى الفني على كافة الصعد.
وأضاف محمود: لابد في المستقبل من العمل على وضع سجلات خاصة بمدربي وحكام أي لعبة، وترقيتهم الكترونياً حسب كل درجة، لتسهل عملية تنظيم وإدارة دورات الترقية وأرشفة القوائم الإسمية وكل ما يخص كوادر الألعاب، إضافة إلى إيفاد نلك الكوادر لدورات خارجية والفصل بين التدريب والتحكيم، وزيادة عدد أيام دورات التدريب، وإعادة النظر بالفوارق المادية بين رواتب مدربي المنتخبات الوطنية للألعاب الفردية ومدربي منتخبات الوطنية لكرة القدم وكرة السلة.
حاجة كبيرة
أما رئيس اتحاد “الرياضة للجميع”، هنائي الوز، فكشف أن موضوع الدورات يتطلب من اتحادات الألعاب إيلاء اهتمام أكبر بها، ونبه الوز أن جوهر الدورة الناجحة هي أن تكون مربوطة بآخر تعديلات القانون الدولي والمستندات الفنية لتطبق على الاتحادات الوطنية التي تقوم بدورها بتطبيقها على المدربين واللاعبين، خاصة لاعبي المنتخبات الوطنية المشاركين في البطولات الخارجية، فرياضتنا بحاجة للكثير من هذه الدورات،
وتحدث الوز عن صعوبات المشاركة في دورات صقل خارجية كونها مكلفة جداً، إضافة لعدم تمتع وإلمام كوادرنا باللغة الإنكليزية المعتمدة دوليا، لكن هذا لا يعفيهم من مسؤولية الاطلاع على التعديلات الدولية حتى ولو عبر الانترنت حتى لا نتفاجأ عند مشاركتنا بأي محفل خارجي، لافتاً الى أن مدربي رياضتنا يجب أن يكونوا ملمين بمستندات التحكيم، فليس بالضرورة أن يكون المدرب حكماً، لكن عليه أن يوصل تعديلات القوانين للاعبين الذين يشاركون خارجياً.