أقـل مـا يـقـال.. استحقاق بأبعاد تنموية
“البعث الأسبوعية” ــ حسن النابلسي
يشكل الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية محطة على غاية من الأهمية، ولاسيما في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا، وما ينتابه من تحديات لم تعد تخفى على القاصي والداني: حصار خانق، وعقوبات جائرة، وفساد في العديد من المفاصل التنفيذية.. إلخ، بحيث باتت حاجة ماسة لحسم الخيارات التنموية، ورسم مسار النهوض الاقتصادي بكل دقة وحزم. والرفيق بشار الأسد، الأمين العام للحزب، المرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، لم يجد حرجاً يوماً بتوصيف المشاكل الاقتصادية، لا في سلسلة خطاباته على مدى السنوات الماضية، ولا خلال اجتماعاته المتواصلة مع الحكومة وبعض مفاصلها التنفيذية؛ ولقد كان واضحاً في ذلك تماماً، وأكثر من المعنيين بالشأن الاقتصادي أنفسهم، خاصة أولئك اللذين كانوا يحاولون تجميل الواقع أو الهروب إلى الأمام. ما سبق يعني بشكل أو بآخر أن الرفيق الأسد يدرك عمق المشاكل والتحديات الاقتصادية بكل أبعادها، خاصة تلك ذات الصلة بسعر صرف الليرة وتدني قوتها الشرائية، وتراجع الإنتاج، وآفة التهريب، والتداعيات السلبية بتوسع رقعة الاقتصاد الريعي على حساب الإنتاجي؛ ولذلك طالما ركز سيادته في أحاديثه على المشروعات الصغيرة والمتوسطة كركن أساسي للنهوض بالاقتصاد الوطني، وهو بطرحه هذا يكرس مفهوم الإنتاج الحقيقي وانعكاساته التنموية على مستوى تحسين سعر صرف الليرة والمستوى المعيشي ككل، ولاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مقومات الاقتصاد السوري المتنوعة، من زراعة وصناعة وتجارة وسياحة وخدمات، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي واليد العاملة الماهرة. إن تركيز الرفيق الأسد على هذا النوع من المشروعات يعني بشكل أو بآخر أن هذا التنوع يشكل بيئة خصبة لإحداث العناقيد الصناعية، حسب مقومات كل منطقة على مساحة الجغرافيا السورية، وبما يفضي إلى تنمية حقيقية لزيادة رقعة الصناعات التحويلية من جهة، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الصناعات الغذائية، ولو نسبياً، على مستوى كل منطقة على الأقل، كالكونسرة في درعا، والألبان والأجبان في سهل الغاب، والعصائر في الساحل، والأقطان في منطقة الجزيرة… ونعتقد أن هذه الرؤية التنموية، بخطوطها العامة، كفيلة بإحداث فارق جوهري في الاقتصاد الوطني، وأن الرفيق الأسد، الذي يعي كل تفاصيلها، لا يدخر جهداً لتنفيذها، نظراً لكونها سبيل الخلاص للاقتصاد الوطني. أخيراً.. إن العمل على تطبيق شعار “سورية المتجددة” يتطلب تضافر جهود حثيثة من الحكومة وقطاع الأعمال بكل مكوناته، خاصة وأن الأولى اعتبرت منذ عقود – ولا تزال تؤكد – أن الثاني شريك لها في التنمية والإعمار، ما يستوجب بالضرورة من الأخير تحديد أولويات العمل الاستثماري الإنتاجي دون الريعي، وهذا يحتم عليه ركل الفرص السهلة ذات الطابع الخدمي والتجاري، والخوض في غمار نظيراتها الإنتاجية، كي لا نحيد عن مبدأ “نأكل مما نزرع” ونرسخ “نلبس مما نصنع” كمنهج يقينا شر العوز للغير.