المجد للمقاومين الفلسطينيين
ترجمة: هيفاء علي
يتواصل العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة مسبّباً سقوط مئات الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من ألف جريح، في ظل صمت دولي وغربي مريبٍ ومخزٍ في آن معاً، وما يدعو للاستغراب أكثر هو الموقف الصادر عن الأمم المتحدة، الذي يتلخّص بالإعراب عن القلق الشديد، كالعادة، الأمر الذي يساوي بين الجلاد والضحية عندما يحمّل مسؤولية التصعيد للفلسطينيين والكيان الإسرائيلي معاً. لكن هذا لا يمنع وجود أصوات غربية تقول كلمة الحق وتطالب بإنصاف الشعب الفلسطيني ومحاسبة الكيان الإسرائيلي. ومن بين تلك الأصوات هناك صوت الصحفي الفرنسي “برونو غيغ” المعروف بمناصرته للقضية الفلسطينية، والذي كتب مقالاً يمجّد فيه المقاومين الفلسطينيين ويفضح إجرام ووحشية وغطرسة الكيان الإسرائيلي.
يقول في البداية: “الأكثر إثارة في الدراما الفلسطينية، وحشية المحتل، وغروره الاستعماري، وازدرائه لأرواح الآخرين وإدمانه على الجريمة، وثقته في القتل، وغطرسته عندما يضغط على الزناد ويقتل المدنيين بدمٍ باردٍ، ولكن هذا أيضاً هو سوء النية الفظيع، هذا النفاق للمعتدي الذي يلعب دور الضحية والمعتدى عليه، هذه الكذبة التي تخرج من فمه عندما يدّعي الدفاع عن نفسه، عندما يدين الإرهاب، عندما يجرؤ على الدفاع عن النفس، وعندما يتحدث عن معاداة السامية”!.
يصفُ الصحفي الفرنسي الفلسطينيين بأنهم أناس حقيقيون يقاتلون من أجل الوطن، من أجل أرض أجدادهم، ليعيشوا بسلام، يوماً ما، في فلسطين التي يريد الغزاة أن ينهبوها منهم، من أجل فلسطين التي يظنّ المحتل أنها ملكه هو، بينما هو مجرد محتل غير شرعي، مغتصب ويدّعي الدفاع عن النفس. ويتابع: الدفاع الشرعي الوحيد عن النفس هو دفاع الشعب الفلسطيني عن نفسه وليس المحتل الإسرائيلي. مقاتلو المقاومة فقط يحق لهم القتال، والذين يعرفون أنه إذا كان الشرف في صفهم، فإن العار على الجانب الآخر.
ويتساءل الصحفي الفرنسي: منذ متى المقاومة متطرفة؟ الاحتلال هو المتطرف، بعنفه المستمر، وبهذا الإذلال الدائم الذي يُلحقه بالسكان، وبهذه الهيمنة الهيكلية، هذا الغطاء الرصاصي الذي لا يطاق، والذي يثقل كاهل شعب مصاب بالكدمات، ويظهر اندفاعاته الثورية، لحسن الحظ، أنه لم يهزم. المسؤولية النهائية عن العنف في فلسطين ليست مشتركة، لأن هذا العنف ناتج عن الاحتلال والاستعمار، والفلسطينيون غير مسؤولين عن الظلم الذي يتعرّضون له. هذه الحرب لم تبدأ اليوم، فهي إبادة عرقية، ومحاولة لمحو وإلغاء الشعب الفلسطيني. هذه الحرب ليست حرباً عادية، إنها صراع بين قوة محتلة ومقاومة شرعية، والدعوة إلى إنهاء العنف لن تكون كافية لإنهائها. وما هو بغيض وسخيف في الوقت نفسه في تصريحات الدبلوماسية الغربية هو هذه الدعوة الضمنية لنزع سلاح الفلسطينيين، إنهم مطالبون بالاستسلام، والاستقالة، وقبول النير.
ويضيف: لا يزال هناك هذا الاتهام المتجدّد إلى أجل غير مسمّى بمعاداة السامية والغباء المثير للشفقة والنفاق البغيض، والذي يتمّ إلقاؤه في وجه كل من يدعم نضال الفلسطينيين. قوة الدعاية التي لا يمكن وقفها، عندما تثير العبور الخبيث من مصطلح إلى آخر، تولد الانعكاس الخبيث الذي يقع به الجلاد ضحية، وتسمّى معاداة السامية. هذا الاتهام، كما هو مفهوم، هو سلاح التخويف الهائل، الذي يسمح للحكومات المستعبدة، التي تسعد بخدمة الإمبريالية والصهيونية، أن تشتري لنفسها ضميراً زائفاً. دبلوماسية يرثى لها، تواطؤ في الجريمة التي تزينها كل الفضائل، والتي لا تكفّ عن الوصول إلى الحضيض. لقد أدرك الفلسطينيون منذ زمن طويل أنه ليس لديهم ما يتوقعونه من هؤلاء الأوروبيين الذين سيخنقون يوماً ما جراء جبنهم وتخاذلهم.