الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

يوم سوري بامتياز في لبنان.. إقبال منقطع النظير على صناديق الاقتراع

بكثافة ملحوظة توافد المواطنون السوريون المقيمون في لبنان، منذ صباح اليوم، إلى مقر السفارة السورية في بيروت للإدلاء بأصواتهم وممارسة حقهم الدستوري وواجبهم الوطني بالتصويت في انتخابات رئاسة الجمهورية العربية السورية، مؤكدين أنه “كلما ازدادت الضغوط فإن الشعب يتمسك باستقلاله أكثر، وكلما حاول الآخرون التدخل في شؤونه كلما أثبت إصراره على التشبث بـالدستور واستحقاقاته كحامٍ للاستقلال ورافعة للاستقرار”.

السوريون في لبنان قدّموا أروع الأمثلة على الإطلاق في حب الوطن، من خلال مشاركتهم الواسعة في الانتخابات، والتي أعادت للذاكرة الإقبال الكثيف في عام 2014، والذي صدم أعداء الوطن. واليوم يعيدون توجيه الرسالة نفسها، عبر تأكيدهم على الإصرار على ممارسة حقهم الدستوري وواجبهم الوطني، الذي يتوج انتصارات سورية في مواجهة ما تعرضت له من مؤامرات، مبدين رغبتهم بالعودة إلى وطنهم والمساهمة في إعادة إعمار ما دمره الإرهاب.

ورغم تعرض عدد من حافلات المشاركين في الانتخابات في بعض المناطق اللبنانية، لاعتداءات خلال توجههم إلى السفارة السورية في منطقة اليرزة، وانضمام بعض الأطراف اللبنانية إلى جوقة الخائبين من الإقبال الكثيف على الانتخابات الرئاسية، إلا أن السوريون أصرّوا على متابعة حقهم وواجبهم في انتخاب رئيسهم، وحولّوا يوم الانتخاب إلى يوم سوري بامتياز، هذا ما أكد عليه نايف المشاي من ريف حلب ومقيم في بيروت، واعتبر أن مشاركته بالانتخابات جزء من الكرامة الوطنية ودليل على أن السوريين جزء أساسي في حماية مؤسسات الدولة، مبيناً أنه منح صوته للشخص الذي يراه القائد الأنسب في المرحلة القادمة.

جمعة كاعود وبعد أن أدلى بصوته لفت إلى أنه انتخب الشخص الذي يراه أنه سيعيد إعمار سورية.

وأكد المقيم في لبنان رامز العيسى أنه قدم من جنوب لبنان إلى السفارة في بيروت للإدلاء بصوته في الانتخابات واختار من يمثله مشيراً إلى أن شوارع لبنان غصت اليوم بالسوريين للمشاركة بالانتخابات وأن المواطنين السوريين الموجودين في لبنان أثبتوا أن مؤسساتهم الدستورية ذات مصداقية لأنها أعطت الحق للمواطنين في الخارج للإدلاء بأصواتهم.

فطوم الخلف أم الشهيدين نادر ومحمد حسن العلي اللذين استشهدا في مدينة حلب أكدت أنها جاءت لتنتخب لكي تستمر انتصارات الجيش العربي السوري ولكي تثمر دماء ابنيها مزيداً من الانتصارات مبينة أما كانت لتفوت فرصة المشاركة في الانتخابات لأن المشاركة تعني الانتصار على من أرادوا تدمير سورية.

جمال البقاعي، جاء من خلدة، بين أنه انتخب لأنه يؤمن أن سورية قوية فقط بقوة شعبها ومؤسساتها ومنح صوته لمرشح وطني يعتقد أنه سيعمل على تحقيق الرخاء لسورية فيما أوضحت نهى عبد الواحد من الزبداني تعيش في منطقة الشوف أنها جاءت لانتخاب الرجل الذي سيؤمن مستقبل أبنائها.

وبلباسها التقليدي السيدة مريم من محافظة دير الزور اعتبرت أنها انتخبت اليوم الشخص الذي سيسهم بإعمار سورية، فيما أوضحت آسيا التركي من محافظة الرقة والتي تقطن في منطقة الوزان أن مشاركتها في الانتخابات هي نوع من الوفاء لبلدها.

الشيخ علاء اللباد رئيس مجلس القبائل والعشائر العربية في لبنان لفت إلى أن حشود السوريين الذين أتوا للإدلاء بأصواتهم على يقين أن بلادهم ماضية في الانتصار وإعادة الأعمار، مبيناً أن الانتخابات الرئاسية في العام 2014 كانت في ظل المعارك الحاسمة ضد الإرهاب، بينما اليوم الانتصار في مراحله الكاملة والنهائية، مشيراً إلى أن السوريين أدلوا بأصواتهم بكل شفافية للمرشح الذي يمثل طموحاته.

الوصول إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم واختيار من يمثلهم كان الهدف الأسمى لدى السوريين المتواجدين في لبنان، على الرغم من قيام بعض اللبنانيين بالاعتداء على حافلات تقلهم من مناطق عدة إلى مقر السفارة السورية فى بيروت للمشاركة بالانتخابات الرئاسية.

أبو خالد مواطن أربعيني سوري قال: تعرضنا لهجوم مجموعة من الشباب ونحن في طريقنا إلى السفارة السورية لكي ندلي بصوتنا ونشارك في الانتخابات حيث اعتدوا علينا بالضرب والعصي والحجارة والسكاكين والأدوات الحادة ما أدى إلى إصابة عدد منا بجروح وإسعافنا إلى المشافي، بينما بين المواطن من محافظة إدلب أبو محمد أنه في طريقنا للإدلاء بأصواتنا تعرضنا للضرب والإهانة وتكسرت سياراتنا ورغم كل هذه المعوقات وصلنا للمركز وأدينا حقنا الانتخابي.

من جانبه قال مواطن سوري آخر: تعرضت حافلتنا التي كانت تقلنا ضمن 60 باصا قادمة من طرابلس للاعتداء في منطقة نهر الكلب حيث تعرض نساؤنا وأطفالنا للضرب بالعصي والسكاكين حيث تمكن فقط 10 باصات من الوصول. وأضاف.. نحن السوريين ما زلنا متمسكين بقرارنا في المشاركة بالانتخابات رغم كل الظروف والمآسي التي مررنا بها فنحن مستمرون بالنهج الذي تربينا عليه ونعتبر هذه المعركة الانتخابية تتمة ولا تقل أهمية عن معارك الميدان والمعارك السياسية في المحافل الدولية.

عبد الكريم يدعو لملاحقة ومحاسبة المعتدين على الناخبين السوريين

إلى ذلك، أعرب سفير سورية في لبنان علي عبد الكريم عن أسف سورية لإقدام عدد من اللبنانيين على الاعتداء على حافلات كانت تقل مواطنين سوريين من مناطق تواجدهم إلى السفارة في بيروت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مؤكداً ضرورة قيام الأجهزة المعنية اللبنانية بملاحقة ومحاسبة كل من أقدم على ذلك لأن ما حدث يسيء إلى صورة لبنان.

وأوضح عبد الكريم في مؤتمر صحفي اليوم أنه من المؤسف إلى حد لا نجد له تبريراً أن يعتدي عدد من اللبنانيين على حافلات كانت تقل سوريين إلى السفارة لممارسة حقهم وواجبهم والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن ما حدث ويحدث من اعتداءات وإصابة بعض المواطنين السوريين يمس بكرامة اللبناني كما بكرامة السوري ويسيء لصورة الدولة اللبنانية. وقال عبد الكريم ممتنون لتعاون قيادة الجيش اللبناني ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية ومجلس النواب وكل المسؤولين لكن أناشد بتدخل أكثر حزماً من كل الوزارات والقيادات المعنية لأن هذه الانتخابات فيها مصلحة للبنان كما لسورية وخاصة أن هذا الإقبال الذي شهدته السفارة من السابعة صباحاً تعبير عن رغبة السوريين في العودة إلى وطنهم.

ونوه عبد الكريم بالتعاون والتنسيق والودية التي تعامل بها الأشقاء في لبنان والتسهيلات التي قدمت لإجراء الانتخابات مستغرباً هذا التشويش وهذه التجاوزات وفيما إذا كانت تصرفات فردية أو بتوجيهات من أحد، مؤكداً أن السفارة ستقيم دعوى قضائية ضد كل من اعتدى على المواطنين السوريين. وأشار عبد الكريم إلى أنه لو كان المعتدى عليهم لبنانيين لكنا في الحماسة نفسها فهم أهلنا وإخوتنا ولا نريد مضاعفات تزيد هذا التجاوز ونضع الأمر في عهدة الدولة والمسؤولين والقيادات اللبنانية مشدداً على أن الجغرافيا والتاريخ والتحدي الاقتصادي والأمني والعلاقات العائلية تفرض العلاقة الأخوية والمتميزة بين البلدين.

إدانات لبنانية

واستنكر حزب الله بشدة هذه الاعتداءات، واصفاً إياها بأنها مشينة ولا تمت ‏بأي صلة إلى القيم الأخلاقية والتصرف الإنساني والعلاقات الطبيعية المفترضة بين ‏الشعبين اللبناني والسوري، ولفت في بيان إلى أن “هذه المجموعات ومن يقف خلفها من قوى سياسية لا تمثل على الإطلاق عامة الشعب اللبناني الذي أصر طوال سنوات الأزمة في سورية على احتضان النازحين ‏من بلدهم ولا شك أن الشعب اللبناني بأغلبيته الساحقة براء من هذه التصرفات ‏المرفوضة مؤمناً بحسن الجوار مع الشقيقة سورية”.

وأكد الحزب أن “مشاركة المواطنين السوريين بهذه الكثافة العالية في ‏الانتخابات الرئاسية أزعجتهم بشدة بعدما سقط بالكامل مشروع الاستثمار السياسي ‏في النازحين السوريين ومأساتهم التي تسببت بها قوى التكفير والإرهاب ورعاتها ‏الدوليون والإقليميون”. ودعا السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية إلى “وضع يدها بقوة على هذا الملف ‏ومنع التجاوزات ومحاكمة المسيئين والمعتدين ووضع حد للكراهية والبغضاء ‏والعنصرية المقيتة”.

بدورها استنكرت حركة أمل بشدة الاعتداءات على السوريين في لبنان مؤكدة أنها تجاوزات مرفوضة تستدعي ملاحقة قضائية وإدانة واضحة. وقالت في بيان إن “هذه التصرفات لا تمت بصلة إلى القيم الأخلاقية والانسانية اللبنانية بل تمثل عنصرية بغيضة غريبة عن المجتمع اللبناني وخارجة عن أصول التعاطي بين أشقاء تجمعهم علاقة أخوية متجذرة”.

ووصف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في تغريدة له على موقع تويتر من قاموا بهذه الاعتداءات بـ “النازيين” وقال “عندما تضربون نازحين مسالمين ذاهبين للتصويت في سفارة بلدهم وتعتدون على أمانهم وكرامتهم نقول عنكم أنكم نازيون”.

من جهتها نددت اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر في بيان لها بالاعتداءات على المواطنين السوريين مبينة أن مشهد ازدحامهم امام السفارة السورية ببيروت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية أغاظ البعض فانهالوا على الناس بالضرب والاهانات.

من ناحيتها أكدت “رابطة الشغيلة” في لبنان أن هذه الاعتداءات تعبر عن حجم التعبئة العنصرية البغيضة التي تمارسها قيادات وأحزاب بتحريض محازبيها وأنصارها على ارتكاب مثل هذه الجرائم بعد أن فشلت في محاولتها استغلال وتوظيف المهجرين السوريين في خدمة مخططاتها المعادية للدولة الوطنية السورية.

كما أدان رئيس حزب الوفاق الوطني في لبنان بلال تقي الدين الاعتداء على الناخبين السوريين مشيراً إلى أنه “أمر مستنكر ولا يمكن أن يقبله عاقل” داعياً القوى الأمنية وأجهزتها المعنية إلى التصرف بحزم مع المعتدين وملاحقة المتورطين وتوقيفهم ومنع تكرار مثل هذا الاعتداء.

بدوره استنكر وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الاعتداءات غير المبررة بحق السوريين في لبنان داعياً جميع المعنيين إلى “اتخاذ الإجراءات القصوى لحماية هؤلاء الإخوة الذين يمارسون حقهم الشرعي بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية لبلدهم” ومعتبراً “أن حمايتهم هي أولوية لدى لبنان بمختلف جهاته”.

من جهته قال النائب جميل السيد عبر حسابه على تويتر أن “من تآمر مع دول أجنبية واستدرج المساعدات الدولية وأنشأ جمعيات وهمية فوجئ اليوم بالمشاركة الكبيرة من قبل السوريين في لبنان بالاستحقاق الرئاسي”.

كما أدان تجمع العلماء المسلمين في لبنان الاعتداء على المواطنين السوريين واعتبره إساءة للعلاقات الأخوية اللبنانية السورية.

بدورها طالبت جبهة العمل الإسلامي في بيان “الدولة والأجهزة الأمنية والمختصة بملاحقة المعتدين على الإخوة السوريين ومحاسبتهم وضبط الحالة الأمنية في البلاد والحفاظ على الاستقرار الداخلي”.

من جانبه أدان رئيس الحركة الشعبية اللبنانية مصطفى حسين الاعتداءات داعياً الجيش والقوى الأمنية والأجهزة القضائية إلى التحرك الفوري للجم المعتدين ومحاسبتهم.

وأكد الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور “أن ما جرى من اعتداءات يسيء للبنان قبل كل شيء ويسيء لمرتكبيها ولمن يقف وراءهم” لافتاً إلى أن “هذه الممارسات تكشف تناقضا في منطق الذين ادعوا بالأمس أنهم ينتصرون للشعب السوري فإذا بهم اليوم يعتدون عليه بروح عنصرية بغيضة”.

إلى ذلك استنكر رئيس (تيار صرخة وطن) جهاد ذبيان الاعتداءات بحق السوريين أثناء توجههم لممارسة حقهم في الاستحقاق الرئاسي وقال في بيان “هذا السلوك اللاأخلاقي لا يمثل إلا أصحاب المشاريع الفتنوية ولن يؤثر في العلاقة اللبنانية السورية على المستويات كافة” مشدداً على ضرورة متابعة الملف من قبل القوى الأمنية والأجهزة القضائية اللبنانية”.

وأكد لقاء الأحزاب والقوى الوطنية والقومية في البقاع في بيان له أن هذه الاعتداءات “تعبر عن مكنونات عنصرية همجية غرائزية لدى من قاموا بها” معتبراً أنه “بهذا السلوك المفلس انفضح زيف البكائيات الخادعة على مسألة النزوح السوري وما تخلله من مطالعات المتاجرة المبتذلة بهذا الملف إنفاذاً لرغبات الخارج واجنداته المعروفة الأهداف”.

وعبر نائب الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي طارق الداود عن إدانته للاعتداءات على المواطنين السوريين وقال: “إن هذه الاعتداءات تشكل قمعاً لحرية السوريين في لبنان” داعياً “الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني إلى العمل على حمايتهم وعدم السماح بالتعرض لهم”.

وفي سياق متصل خرجت مسيرة في منطقة جبل محسن بطرابلس شمال لبنان للتنديد بالاعتداء على المواطنين السوريين.