اقتراع السوريين في الخارج يعرّي المشككين
سنان حسن
مرة أخرى يترك السوريون في الخارج علامة فارقة في مسار أحداث الحرب التي تشنّها الدول الغربية على وطنهم الأم سورية، داحضين كل الروايات والأحداث المفبركة عن خروجهم من بلدهم، ومؤكدين مرة أخرى أنهم خارج الابتزاز السياسي والحسابات الضيقة التي تحاول تلك العواصم زجّهم بها لتحقيق غايات ومطامع جيوسياسية لم تستطع قوى الإرهاب أن تحققها في الحرب. فمشاهد المواطنين السوريين على أبواب السفارات السورية لانتخاب رئيسهم الجديد، التي تابعها العالم بأسره، خير دليل على ذلك.
في انتخابات عام 2014 حاولت تلك الدول التقليل من حجم إقبال السوريين على السفارات التي أتيح لهم الانتخاب بها، والقول: إن هناك دوافع وغايات وراء ذلك، ولكن اليوم وبعد سبع سنوات بالتمام عاد السوريون ليرسموا مشهداً جديداً بدائرة أكبر من تلك التي كانت في الانتخابات الماضية مع دخول سفارات جديدة (باريس واستوكهولم وفيينا) في عملية الانتخاب، معلنين أن سورية التي تركوها مجبرين بفعل الحرب الإرهابية ستبقى في عقولهم وأفئدتهم وأنهم يتوقون للعودة إلى بيوتهم التي هجّروا منها في أقرب وقت ممكن.
لقد مارست القوى الغربية منذ إعلان المؤسسات السورية عن موعد الانتخابات الرئاسية 2021 شتى أنواع الترهيب لمنع ذهاب السوريين إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، للزعم أن هذه الانتخابات التي شككوا في مصداقيتها وشرعيتها وأصدروا البيانات المناوئة لها، وبأنها لن تكون ذات معنى إذا لم يشارك فيها السوريون المهجّرون في الخارج، وقد عمدوا في سبيل ذلك إلى الكثير من الأساليب، تارة من بوابة إغلاق السفارات وعدم إصدار التصاريح بإقامتها، كما فعلت ألمانيا وإيطاليا وأمريكا، وإلى التهديد بالترحيل وإنهاء الإقامة تارة أخرى، كما هدّد النظام التركي، وإلى القتل وقطع الطرقات أحياناً أخرى كما جرى في لبنان يوم التصويت من قبل أطراف لبنانية انضمت إلى جوقة الخائبين، ولكن رغم ذلك كان السوريون أوفياء لوطنهم.
إن مشهد السوريين وهو يتوافدون إلى سفارات بلادهم في الخارج لانتخاب رئيسهم أسقط دون رجعة ورقة التهجير التي سعت قوى الإرهاب وداعموها إلى استثمارها بوجه الدولة السورية، كما أسقط وبالضربة القاضية كل الادعاءات الغربية وفبركاتها وادعاءاتها عن شرعية الانتخابات الرئاسية السورية وعن ديمقراطيتهم المزعومة، فما جرى في هذه العواصم التي كان قسم كبير منها يشارك بسفك الدم السوري هو سقوط لآخر أوراق التوت التي احتمت فيها تلك الدول لتبرير سياستها العدوانية والهمجية بحق سورية وشعبها، ولم يتبقَّ خيار أمامها إلا الاعتراف بأن الدولة السورية بمؤسساتها ودستورها وشعبها انتصرت على الإرهاب وداعميه ومموّليه.
وكما أسقط السوريون في الخارج الرهانات الغربية على شرعية الانتخابات الرئاسية، فإن السوريين في الداخل سيؤكدون في السادس والعشرين من الجاري أن سورية بكل مكوناتها ستكون وفية لمبادئها وديمقراطيتها وسيادتها ودستورها وجيشها ولكل من ضحى بقطرة دم لتبقى قلعة العروبة والصمود والمقاومة.