التسعير بين الوثائق والحقائق
من المجمع عليه أن المرسوم التشريعي رقم 28 لعام 2021 يهدف لحماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء ومنع الاحتكار، من خلال وضع ضوابط لممارسة التجارة والتسعير وفرض الرقابة على جودة المواد والمنتجات، مع تشديد العقوبات والغرامات على الاحتكار والبيع من دون فاتورة وعدم إعلان الأسعار والتلاعب بالوزن والمكاييل والبيع بأسعار زائدة، والمتاجرة بمادة الدقيق التمويني ومواد الإغاثة والسرقة والاختلاس والغش.
ولم يخف على السلطات المعنية بتنفيذه ميدانياً أن هذا المرسوم لا يخص المستهلكين فقط، بل إن أطرافاً عديدة معنية به، ما يجعل متطلبات التنفيذ تحتاج لوجود معطيات تجعل التنفيذ ممكناً وضامناً لحقوق جميع الأطراف، فالمستهلكين أحد أطراف المرسوم، وضمان حقوقهم يجب أن يكون مقروناً بضمان حقوق بقية الأطراف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المطالبة بأية حقوق، أن يجب أن تكون مسبوقة ومترافقه بالقيام بالواجبات.
فالمخالفات العديدة والمديدة المشكو منها، اقتضت صدور هذا المرسوم، ولكن العقوبات الشديدة التي تضمنها تقتضي وجود مجمل إجراءات وتشريعات، تمنع وجود أي إحساس بالغبن منها لدى أي طرف، أو تداول أية مبررات تحول من تطبيقه، وفي طليعة هذه الإجراءات أولوية اعتماد آلية تُمكِّن من تحديد السعر العادل لكل سلعة في ضوء مجمل المواصفات المطلوبة فيها، وتمكين المنتج والتاجر والمستهلك من اعتماد فواتير الشراء والبيع، مبيَّناً عليها نسبة الربح المشروعة بين كل حلقة وأخرى.
وانسجاماً مع هذه التطلعات طلبت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من مديري التجارة الداخلية في المحافظات، منح منتجي ومستوردي المواد الغذائية مدة ثلاثة أشهر لتثبيت وتوثيق تكاليف إنتاجهم أو استيرادهم ليصار إلى اعتمادها من قبل الجهة المخولة بالتسعير أو الإيداع أو التصديق، كما طلبت منح منتجي ومستوردي المواد غير الغذائية (نسيجية وصناعات تحويلية ومنظفات وسلع معمرة وغيرها من السلع غير الغذائية بأنواعها ومسمياتها) مهلة ستة أشهر لتسوية أوضاع بيانات التكلفة لتكون موثقة وتوجيه جهاز حماية المستهلك لطلب البيان الجمركي حصراً لتقديمه ضمن الوثائق اللازمة لدراسة تكاليف المستوردات ليصار إلى تدقيقه من الجهة المخولة بالتسعير، وأكدت الوزارة على التقيد بالمهل الممنوحة، وقبولها لبيانات التكلفة المعدة من قبل المنتج أو المستورد حاليا، دون ثبوتيات لحين انقضاء المهلة المحددة أو ورود توجيه آخر من قبل الوزارة، ووجوب تداول الفواتير الأصولية من قبل الفعاليات كافة استناداً إلى بيان التكلفة بعد تصديقه من المديرية المعنية بعد إضافة هوامش الربح النافذة في القرارات الناظمة، كما أشارت الوزارة إلى أنه يراعى عند دراسة تكاليف المواد والسلع المنتجة محلياً لدى الشركات والمعامل المنتجة جميع المصاريف المباشرة التي لا غنى عنها في مرحلة الإنتاج الأولية إضافة إلى المصاريف غير المباشرة وتشمل كل المصاريف التي لا تتعلق مباشرة بعملية الإنتاج والمصاريف الإدارية والمالية ومصاريف التوزيع على أن تراعى طبيعة المؤسسة ونفقاتها المختلفة عند دراسة التكاليف.
مشكورة وزارة التجارة الداخلية على ما تعدُّ له من إجراءات ستمكنها من تنفيذ المرسوم، ولكن الطامة الكبرى ستنجم عن ضعف أهلية بعض أعضاء لجان التسعير( وهذه حقيقة واقعة )، وستنجم أيضاً عن عدم التزام الصدقية المطلوبة من المنتجين والمستوردين في العرض الحقيقي لمضمون وثائق كلف المواد في ضوء المواصفات الكمية والنوعية والحقيقية لكل مادة، وأيضاً حال كان المنتج المعروض في السوق أدنى كمية ونوعية من الذي تم عرضه في الوثائق المقدمة للجان التسعير، ومن المؤسف أن هذا سيحصل وسيكون غالباً بنسبة قليلة لا تثير حفيظة المواطن أو المراقب، ونظراً لتقلب تكاليف مدخلات الإنتاج ستكون أسعار جديدة متغيرة، أقترح تدوين سعر السلعة عليها بشكل مثبت طباعة وتشريع الإلزام والالتزام ببيعها وفقه، أي ضرورة الحؤول من شطب التسعيرة إلى سعر أعلى مع جواز بيعها بسعر أقل، حال حصلت زيادة في أسعار المدخلات على أن تكون الزيادة جائزة في المواد الداخلة مجددا إلى السوق في ضوء الزيادات أو النقص في الكلف الجديدة، على أن يخص السعر الجديد المواد المعروضة مجدداً في ضوء الكلف اللاحقة، على أن يخص السعر الجديد المواد المعروضة مجددا في ضوء الكلف اللاحقة، على أن يخص السعر الجديد المواد المعروضة مجدداً في ضوء الكلف اللاحقة، خاصة وأن لجان التسعير تجتمع أسبوعيا وكلما دعت الحاجة، وحقيقة الأمر أن الضابط الأفضل للأسعار لن يتحقق، ما لم يتحلى جميع الأطراف بالأخلاقيات التي تتحسس أن كل مواطن هو ( أو أخيه أو جاره ) منتج ومستهلك وتاجر، ولكل ذي حق حقه، وإن كان تسعير المنتجات الصناعية والمستورد ممكنا، يبقى السؤال من سيضع السعر الحقيقي للمزارع ومربي الدواجن والمواشي في ضوء الكلفة لكل منتج، وهل من يضمن لهؤلاء بيع منتجاتهم في ضوء ذلك على غرار المنتج الصناعي والحرفي.
عبد اللطيف عباس شعبان /عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية