عين الصواب
محمد كنايسي – تونس
واهم من يعتقد أنه قادر على منع الشعب السوري من ممارسة حقه الدستوري في انتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية. ولا يندرج منع السوريين اللاجئين من ممارسة هذا الحق باستخدام العنف ضدهم، فضلاً عن التهديد والوعيد، كما حدث بشكل إجرامي في لبنان، في خانة الاعتقاد بأن ذلك سيؤثّر على نتيجة الانتخابات أو يشوّه صورتها على الأقل.. لأن من ارتكبوا هذه الجريمة النكراء يدركون جيداً أن المرشّح الرئاسي بشار حافظ الأسد فائز لا محالة بأغلبية ساحقة نظراً لما يملكه من شعبية واسعة في بلده، قلما نال مثلها إلا عظام القادة الذين عرفهم عالمنا المعاصر، ولكنه عمل انتقامي خسيس، وعقاب للسوريين على ما أظهروه للمرة الثانية – لا ننسى انتخابات سنة 2014 – من حس عال بالمسؤولية الوطنية أثار حنق بعض القوى اللبنانية الرجعية التي راهنت على استخدامهم ضد دولتهم، فأفشلوا رهانها، وفضحوها، وجعلوها تعيش كابوس الأسد الذي لا يقهر، لا هو، ولا شعبه، ولا جيشه، وتضطر للاعتراف بالحقيقة المرّة التي مضت في إنكارها إلى النهاية، وهي أنها قد خسرت الحرب ضد سورية، وأن وقت دفع ثمن الرهان الخاسر قد اقترب، مما أفقدها القدرة على ضبط النفس، ودفعها مجدداً إلى ذلك السلوك الهمجي الذي يعكس قلقها، وخوفها وتخبطها، واستمرارها العبثي في تزوير الحقائق، وتوظيف فضائياتها المأجورة في مهاجمة اللاجئين السوريين بحجة أن لبنان قبلهم لأنهم ضد “النظام السوري”، فكيف يتبين أنهم معه!، علماً أن هذا الخطاب البائس ليس أكثر من محاولة تزويرية لحجب حقيقة لم تعد، في الأعوام الأخيرة، قابلة للحجب، وهي أن من أجبر السوريين على اللجوء هو وحشية الارهاب التكفيري المدعوم من أولئك الذين يتصنّعون اليوم الاستغراب من موقف السوريين الوطني في الخارج والداخل..
والحقيقة أن ظاهرة إقبال السوريين على الانتخاب في الدول التي سمحت لهم بذلك بالكثافة التي شاهدها العالم هي في حد ذاتها دليل قاطع يكذّب الرواية الرسمية التي فبركها أعداء الدولة الوطنية السورية حول ما حدث ويحدث فيها، وهي ثانياً رسالة سياسية بليغة مفادها أن اللعبة قد بلغت نهايتها، وأن إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده الدستوري سيشكل محطة نوعية وحاسمة على طريق هدف تحرير كل شبر محتل من سورية، واستعادة وحدة أرضها وإعادة إعمارها، مما سيعيدها بقوة رقماً صعبا في المعادلات الإقليمية والدولية..
إن أبلغ ما يمكن أن نشبه به محاولة إفشال هذا الاستحقاق الانتخابي، والتشكيك فيه، والتشويش عليه، هو أنها مجرد قشة تواجه سيلاً جارفاً لا توقفه أصلب الحواجز وأكبرها، فكيف بقشة لا وزن لها ولا تأثير..
وعلى كل الذين يجدون صعوبة في فهم تعلّق السوريين في الداخل والخارج بالقائد بشار الأسد أن يفهموا أن الأمر ليس اعتباطياً، ولا هو نتيجة ضغط من أي نوع كان، ولكنه إيمان راسخ بأن هذا المرشّح، سبق للشعب العربي السوري أن اختبر وطنيته النموذجية، وإنسانيته المبدئية، وأخلاقه الرفيعة وفكره المنهجي، وخاض بنجاح تحت قيادته الاستراتيجية الشجاعة وقدرته الهائلة على اجتراح معجزة الصمود والثقة المطلقة بالنفس والشعب والجيش في أحلك الظروف الميدانية، واحدة من أكثر الحروب تركيباً ولا نمطية، حرب جنّد لها الأعداء الإقليميون والدوليون إمكانيات مالية وعسكرية وإعلامية غير مسبوقة في ضخامتها، هو المرشّح القادر على استكمال مسيرة النصر في الحرب المستمرة حتى دحر الاحتلال، أيا كانت هويته، كلياً ونهائياً.
ليس في الأمر لغز إذا يجعل هذا الشعب الأبي يتمسّك بكل قوة وحماس بالمرشّح الأسد، وما يفعله هذا الشعب هو، بكل بساطة، عين الصواب.. والحديث يدور هنا عن قائد بكل ما تعنيه الكلمة من كاريزما ومؤهلات استثنائية ليس أقلها تحويل الآمال الشعبية والوطنية الكبرى إلى واقع عن طريق الاخلاص في العمل والبذل والعطاء.