انتخابات رئاسة الجمهورية العربية السوريةرأيصحيفة البعث

في بعض معاني انتخابات 26 أيار

أحمد حسن

ثمة جملة واحدة يمكن لها أن تختزن، وتفسّر، معاني 26 أيار الحالي ودلالاته في حياة السوريين: إنها اللحظة المفصليّة في الحرب الدائرة بين فريقي الرهان على الدولة والرهان على سقوطها، ولأن ميدان هذه المعركة هو صناديق الاقتراع فإن أهمية الصوت فيها ترتفع إلى مستوى الرصاصة الموجّهة في وجه ذات العدو الإرهابي المزنّر، هنا، بصناديق نفاق يملؤها بعض قادة “المجتمع الدولي” ودعاة حقوق الإنسان المزعومين وأتباعهم من “ثوار الفنادق المكيّفة” بما تيسر من الأكاذيب الفجّة، فيما يصبح اسم القائد، الذي ستحمّله هذه الصناديق عبء متابعة الحرب، بمثابة الفرق بين إعلان الإصرار على الانتصار البات والنهائي، وإعلان الاستسلام الكامل وغير المشروط.

بهذا المعنى يمكن القول إن المشاركة في هذه الانتخابات فرض كفاية لا فرض عين، وإن التذرّع بـ “الحرّ والقرّ” ليس أقل وطأة، ونتيجة، من فرار علني من أرض المعركة، خاصة وأن هذه الانتخابات تحديداً – وهي الثانية على هذا المستوى التنافسي التعدّدي منذ عقود عدّة في سورية – تحمل العديد من الرموز والرسائل الشديدة الوضوح للجميع، سواء من سيشارك، أو من لن يشارك، من سمح بإجرائها في الخارج متقيّداً بالقانون الدولي، ومن منعها متقيّداً بشرعة الغاب وحقبة ما قبل حقوق الإنسان، لأنها انتخابات كاشفة ومنشئة في الآن ذاته.. كاشفة عن مواقف ومواقع، ومنشئة لأخرى، فهي وإن كشفت عن ضراوة تصادم مشاريع وإرادات وتداخل أوهام وحقائق، إلا أنها أنشأت – بمجرد التقيّد بمواعيدها – رغماً عن البعض، صورة النصر القادم.

بهذا الإطار يمكن القول إن الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري كان كاشفاً عن تجذّر فكرة الدولة – المشاركة الكثيفة لسوريي الخارج كانت صورة مشرّفة عن الوعي الشعبي بذلك – والإصرار على منعها خارجياً، كان كاشفاً عن تجذّر فكرة الخوف من الانتصار السوري، وأيضاً فاضحاً لصورة وعي بائس بالمطلق – بعض “الأشقاء” الموتورين اعتبر أن خروج السوريين في بلادهم للإدلاء بصوتهم يشكّل “استباحة للسيادة والكرامات” – فيما تكشف محاولة منعها في بعض “الداخل” – ما أبلغ دلالة أن يجمع المنع ما بين أتباع “ماركس” المزعومين و”الأمير” أبو محمد الجولاني!! – عن تجذّر استغراق هذا “البعض” في وهم طال عمره لأكثر من عشر سنوات دون أن يستيقظ منه بعد، وبالتالي كان كاشفاً، أيضاً، لعجز سلبي عن مواجهة صندوق الاقتراع ونتائجه، فكان الحلّ الاستمرار في التمسك بالخطأ، الذي تحّول مع مرور الزمن إلى خطيئة فادحة بحق الوطن السوري بالكامل.

بالمحصلة، وباختصار، إجراء الانتخابات بحد ذاتها فعل مواجهة وانتصار. المشاركة فيها فعل تمسك بفكرة الدولة الحرّة السيّدة مقابل فكرة الدولة التابعة – وفكرة الدويلات أيضاً – هكذا يصبح يوم الأربعاء القادم يوم فراق بين السوري المتمسّك بسوريته الكاملة وذلك التابع الباحث عن مشاريع واهمة، وفي هذا اليوم سيقول السوريون للجميع: اللعبة انتهت، وسورية على طريق انتصارها الكامل بقلب ثابت، وأقدام واثقة، وأصوات صادحة تقول، على ما قال كاتب عربي عام 2014 بمناسبة الانتخابات الرئاسيّة السابقة “نعم لسورية وطناً وملاذاً وطريقاً وسكناً وعيشاً وعملاً وكرامة ومشاركة في القرار… لكل السوريين”، وهذه “النعمات” هي في جوهرها “لاءات” قاطعة لتوجّهات الخارج ومشاريعه ليس لسورية فقط بل للمنطقة بكاملها.