منعطف مهم وفرصة بناء جديدة للاقتصاد الوطني يحملها الاستحقاق الرئاسي
دمشق- ميادة حسن
تشهد المرحلة الحالية نقطة انعطاف مهمة في تاريخ سورية، فبعد مرور سنوات عصيبة من الألم والحصار الاقتصادي والغلاء المعيشي، تبشّر هذه الأيام المكللة بالانتخابات والاستحقاق الرئاسي بتغييرات إيجابية للمواطن، حيث يعوّل على مجمل مؤشرات تجسّدت بالكثير من القرارات والقوانين التي صدرت في الآونة الأخيرة، ولعلّ أهمها ما يتعلق بالاستثمار وإعادة الإعمار، وهنا لن نتجاهل استمرار العقوبات على الشعب السوري وتأثيرها السلبي وعرقلتها لعدد من المشاريع، إلا أن العمل الدؤوب والجهد الذي تبذله الحكومة حول تحسين الوضع الاقتصادي، يكشف أن القادم من الأيام سيكون بالتأكيد لمصلحة المواطن، وخاصة ما يتعلّق بسعر الصرف ودعم الليرة، وملاحقة ثغرات الفساد في دوائرنا الرسمية والخاصة، وتشجيع عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنح القطاعات المصرفية مرونة في العمل وإعطاء القروض.
تحفيز اقتصادي
ولا تختلف هواجس المواطن العادي حول المرحلة المقبلة عمّا يتداوله المفكرون الاقتصاديون فيما يتعلق بتحسين المعيشة وبناء الاقتصاد في سورية، حيث يؤكد الاختصاصي الاقتصادي فادي عياش أهمية الاستقرار بكافة أبعاده لتطوير الاقتصاد، وعندما تقوم الدولة بواجباتها واستحقاقاتها الدستورية بالشكل والتوقيت الصحيح، فهذا مؤشر على قوتها وتأكيد على قدرتها القيام بمهامها تجاه شعبها، وتسقط بذلك كل مساعي الحصار والمؤامرات الاقتصادية لجعلها دولة ضعيفة، وهذه المؤشرات مهمّة للتحفيز الاقتصادي، فكما هو معروف فإن رأس المال جبان بالعموم ويحتاج إلى الاستقرار والأمان، لكن رأس المال الوطني يجب أن يتمتّع بالمبادرة والمغامرة ضمن معطيات الاستقرار الذي يعبّر عنه استحقاق الانتخابات بكافة أنواعها، وهذا يمهّد لبيئة عمل مناسبة تؤدي إلى زيادة الإنتاج وتشجيع التصدير، وبالتالي استقرار توازنات سعر الصرف، مما ينعكس إيجابياً على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد، فالتحفيز الاقتصادي وزيادة الإنتاج يعزّزان الصادرات واستقرار توازنات سعر الصرف، وبالتالي يمكن من خلال ذلك تحقيق توازنات العرض والطلب وضبط الأسعار وإتاحة الفرصة الواقعية لتعزيز وتحسين الدخل، وبالتالي تحسين مستوى المعيشة، بما يعزّز الاستقرار الاجتماعي.
منهج جديد
استطاعت إرادة الشعب القوية أن تتجاوز الحرب الكونية التي عصفت بكل مناحي الحياة ودمّرت البنى التحتية وأثرت على معيشة المواطن، لذلك من الطبيعي أن يبني المواطن آماله على الاستحقاق الرئاسي والانتخابات الحالية. وبحسب الخبير الاقتصادي عابد فضلية فإن المرحلة القادمة هي مرحلة عمل بامتياز، فبعد الخروج من سنوات الحرب وحجم الدمار الذي خلّفته لابد لنا من رسم الخطط الواضحة لإعادة البناء وتحريك المعامل والمصانع وتدوير عجلة الإنتاج وتطهير القطاع الصناعي من اقتصاد الظل الذي كان له منعكسات سلبية على هذا القطاع، أهمها تزوير المنتجات واستخدام أسماء مسجلة محلية وعالمية. ويتابع فضلية: إذا نظرنا إلى تاريخ الشعوب التي مرّت بالحروب المدمرة كألمانيا وغيرها نرى أن الحرب فتحت الآفاق أمام جميع الصناعات والأعمال التجارية لرسم خططها في بناء اقتصاد كليّ قويّ، والاستحقاق الآن في هذه المرحلة مؤشر جيد للعودة إلى مشاريعنا السابقة التي كنّا قد بدأناها في مرحلة ما قبل الحرب ولم يتسنَ لنا إتمامها والانطلاق بمشاريع جديدة تفرضها مرحلة ما بعد الحرب. ويرى فضلية أن عملية إعادة البناء أسهل بكثير من الترميم والتصليح، ونحن الآن أمام فرصة كبيرة لخلق منهج عمل جديد في جميع القطاعات وخاصة الاقتصادية، مضيفاً: إن إقامة الانتخابات الرئاسية هي أكبر مؤشر لعودة حالة الأمان والاستقرار التي تعتبر من أهم العناصر المطلوب تأمينها لعودة بناء الاقتصاد وتشجيع جميع الصناعات التي تنتظر فرصتها للتصدير والانتشار في الدول العربية والعالمية، وستبدأ هنا عملية التأثير على سعر الصرف والحياة المعيشية.