التنمية أمانة بأعناقكم ..!.
حسن النابلسي
إذا ما تحدثنا عن الاعتماد على الذات من خلال حُسن استثمار مواردنا الطبيعية المتنوعة، فلا بد للحكومة من تهيئة البنية المؤسساتية المتينة، ونظيرتها التشريعية المرنة من جهة، ولابد من انخراط القطاع الخاص بالكامل لتنفيذ هذا المبدأ من جهة ثانية..!
ولربما إن استعرضنا بعض تجارب إعادة الإعمار في الدول التي عانت من الحروب والكوارث، لتمكّنا من الوقوف على بعض حيثيات ما يجب العمل عليه من قبل الحكومة لتحفيز رجالات المال بتوجيه بوصلتهم نحو التنمية المستدامة.. وسرعان ما يطفو على السطح في هذا السياق تجربتا اليابان وألمانيا في إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية.
أهم السياسات ذات الأولوية التي ركز عليه اليابانيون، كانت إصلاح التعليم وكتب التاريخ والمناهج الدراسية، ومما توافق عليه اليابانيون آنذاك هو أن الأمة خسرت الحرب.. لكن المدارس لم تفقد استحواذها على الطلاب، إلى جانب إلغاء السياسات العقابية واعتماد سياسة الإصلاح وإعادة البناء، والإسهام في إدارة شؤون العمل وغيرها.
وفيما يتعلق بالتجربة الألمانية كانت المفاجأة أن ألمانيا استطاعت بعد أقل من عقد من الزمن أن تكون صاحبة أكبر وأقوى اقتصاد في أوروبا ورابع أكبر اقتصاد على مستوى العالم، ولاسيما بعد أن فقدت ألمانيا ربع منازلها وانخفاض إنتاج الغذاء بمقدار النصف عما كان عليه قبل الحرب، السبب في ذلك يعود إلى وضع سياسات تضمن بيئة تنافسية بعيدة عن الاحتكار ووضع سياسات اجتماعية لحماية الفرد والعمال.
بالعودة إلى القطاع الخاص ومشاركته بالعملية التنموية نبين ضرورة اضطلاعه بمسؤولياته الإنتاجية وزج كل إمكانياته بالعملية التنموية.. وهنا نستذكر تصريح وزير الاقتصاد مؤخراً بأن “رأس المال المحلي في سورية كبير وأكبر مما هو متوقع”، ما يعزز بالمحصلة هذه المسؤولية..!.
أخيراً.. سبق وأن تحدثنا عن قوة المال وتأثيره الاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي، وأن صاحب هذا المال هو النواة المعوّل عليها لتوظيفه بالشكل الأنسب.. وانطلاقاً من ذلك، فإن عدم انخراط “أباطرة المال ولاسيما الريعي منه” في العملية التنموية حتى اللحظة يجعلهم هدفاً للأسئلة.. ولعلّ أغلبنا لاحظ التسابق المحموم على المشاريع الريعية في بلد يجهد لتوطين أبسط المشاريع الإنتاجية.. ونختم بالقول: “إن التنمية أمانة بأعناقكم.. أثبتوا أنكم أهلٌ لها”..!.
hasanla@yahoo.com