دراساتصحيفة البعث

الصين بمواجهة تحالف “العيون الخمس”

تقرير إخباري

أكَّدت العديد من  التقارير والمعلومات الاستخباراتية سعي جمهورية الصين الشعبية للتحول إلى قوة سيبرانية كبرى في العالم، لذا فقد ركزت معظم التحليلات والرؤى السياسية والأمنية في الآونة الأخيرة على تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية. هذا الأمر لا يقضّ فقط مضجع الولايات المتحدة بل يقضّ مضجع كل حلفائها في سياق منظومة الدول الناطقة بالإنكليزية التي تقيم تكتلاً استخباراتياً وأمنياً وثيقاً يُعرف بـ(تحالف العيون الخمس)، ويضمّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وكندا.

وفي هذا السياق يؤكد الكثير من قادة الولايات المتحدة أن قدرة الصين وقوتها الاقتصادية تقلق الدول الأنغلوساكسونية، ولاسيما الولايات المتحدة وأستراليا. لكن حتى الآن لم تقرّ أمريكا أن نقطة القوة الرئيسية الكبيرة بالنسبة للصين تكمن في أنها تملك القدرة على مواجهة التقلبات التجارية بشكل أفضل من منافسيها، لأنها تمتلك قوة اقتصادية ضخمة وبدائل تجارية متعدّدة، كما يعتمد خصومها عليها في مجالات عديدة أخرى، باستثناء قطاع المعادن الضرورية الذي تظل فيه الصين رهينة لبعض شركائها، وخاصة في مجال الحديد الأسترالي بأنواعه الذي لا تستطيع أن تحصل على كميات كافية منه من بلدان أخرى من العالم. صحيح أن الصين تتجنّب استعمال العقوبات الاقتصادية ضد أعدائها، إلا أنها تمتلك قدرة كبيرة على التحدي والصمود في الحروب التجارية عندما تكون مقتنعة أن الأرباح والمكاسب الإستراتيجية تتجاوز كل الخسائر الناجمة عن الضوابط والقيود التي يمكن أن تفرضها بشأن تصدير البضائع الأساسية بالنسبة للاقتصاديات المنافسة لها في بلدان أخرى، ولاسيما أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بحاجة إلى عدة سنوات من أجل إيجاد بدائل للكثير من المعادن الأرضية النادرة القادمة من جمهورية الصين الشعبية، ليس لأنها نادرة، كما يشير اسمها، بل لأنها غالية الثمن وتصعب معالجتها بيسر وسهولة.

وبناءً على ما سبق، يبدو أن دول (تحالف العيون الخمس) ترى أن مسألة تقليص تبعيتها للمنتجات الصينية يمثل رهاناً استراتيجياً بالنسبة لأمنها القومي على المدى القريب والبعيد، لذلك من شأن كلّ هذه التطورات أن تدفع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تبني خيارات غاية في التشدّد ضد الصين من أجل تطويعها وإجبارها على تغيير سياساتها التجارية الخارجية تجاه التحالف الذي يبدو أنه بدأ يُوسع من قدراته وإمكانياته وصلاحياته لتمسّ كل المسائل الإستراتيجية المهمّة التي من شأنها المحافظة على قوة المنظومة الأوروبية الأنغلوساكسونية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.