باتروشيف: روسيا مستعدة لاستخدام القوة
في رسالة هي الأولى من نوعها، تؤكد أن روسيا تراقب عن كثب السياسات الغربية الطارئة في التعامل مع موسكو، والإجراءات الاستفزازية التي يتخذها الغرب ضدّها بشكل يومي، فضلاً عن المحاولات المستميتة منه لإقحام روسيا في نزاعات مسلحة مع جيرانها، أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، أن روسيا مستعدة للجوء إلى “إجراءات عبر استخدام القوة” من أجل ردع خطوات غير ودية من الدول الأجنبية.
وقال باتروشيف في مقابلة مع صحيفة “روسيسكايا غازيتا” نشرت اليوم الاثنين: إن التغيّرات التي طالت الأوضاع السياسية العسكرية وزيادة المخاطر والتهديدات العسكرية تطلبت من روسيا تدقيق المهمات في مجال الدفاع القومي.
وأوضح باتروشيف أن ضمان الأمن العسكري لروسيا سيجري تحقيقه “ليس فقط عن طريق الردع الاستراتيجي للخصوم المحتملين، وتكميل المؤسسات العسكرية للدولة، وإنما بالدرجة الأولى من خلال خفض مخاطر إثارة حرب عالمية جديدة ومنع وقوع سباق تسلح وتعزيز الاستقرار الاستراتيجي والثقة المتبادلة واستخدام الوسائل السياسية وآليات الدبلوماسية وإجراءات حفظ السلام”.
واعتبر سكرتير مجلس الأمن الروسي أن “مساعي الولايات المتحدة وبعض البلدان الغربية الأخرى إلى الحفاظ على هيمنتها العالمية تتسبّب في زيادة الخلافات بين الدول وتؤدّي إلى إضعاف نظام ضمان الأمن الدولي”.
وتابع: “تشدّد النسخة الجديدة لاستراتيجية الأمن القومي على سعي روسيا إلى رفع القدرات على التنبّؤ والثقة والأمن في الساحة الدولية. وتؤكد مع ذلك قانونية اتخاذ إجراءات متكافئة وغير متكافئة لردع وإحباط الخطوات غير الودية التي تمثل تهديدا لسيادة الاتحاد الروسي ووحدة أراضيه”.
وبيّن باتروشيف، ردّاً على سؤال حول ما إذا كان يدور الحديث عن إجراءات عسكرية محتملة: “بالدرجة الأولى هذا يشمل اتخاذ إجراءات اقتصادية خاصة، لكن كذلك اللجوء إلى أساليب إلزام عبر القوة”.
شويغو: تحسين قواتنا القتالية
بدوره، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عزم بلاده الردّ على نشاط دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” قرب حدود بلاده بمواصلة تحسين تكوين قواتها القتالية وزيادة معداتها العسكرية.
ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن شويغو قوله اليوم: بحلول نهاية العام الجاري سيظهر نحو 20 تشكيلاً ووحدة جديدة في المنطقة العسكرية الغربية، موضحاً أن ذلك سيكون بمنزلة الردّ على نشاط “ناتو” بقيادة الولايات المتحدة التي تزيد من كثافة الرحلات الجوية والسفن الحربية قرب الحدود الروسية.
وشدّد شويغو على تحسين التكوين القتالي لقوات بلاده حيث ستزوّد الوحدات الجديدة بأسلحة ومعدات حديثة بالتزامن مع استمرار تحسين مهارات الأفراد وهيئات القيادة والسيطرة العسكرية.
لافروف: لن تترك الخطوات الأوروبي دون ردّ
وفي الحديث عن “الخطوات غير الودية” أيضاً، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم أن بلاده لن تترك هذه الخطوات التي يحضّرها الاتحاد الأوروبي ضدها دون ردّ.
ونقلت وكالة تاس عن لافروف قوله في افتتاح مؤتمر حول العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي: إن “العديد من السياسيين في أوروبا يدركون تماماً أن سياسة المواجهة تأتي بنتائج عكسية وهدامة.. وروسيا من جانبها تأمل في أن يسود المنطق السليم في نهاية المطاف وأن نكون قادرين على البدء برسم أنموذج جديد متوازن للعلاقات يكون مبنيّاً على أساس مبادئ القانون الدولي”.
وبيّن لافروف أن الخطاب المعادي لروسيا في الغرب تحوّل إلى حشد عسكري على حدودها، مشيراً إلى أن دول الاتحاد تواصل تجاهل مبادئ القوانين الدولية والتدخل بشكل صارخ في شؤون روسيا وحلفائها الاستراتيجيين.
وأضاف: “وفيما نحن مستعدّون للتعاون النزيه والعادل مع الآخرين فإن ذلك لا يعني أننا سنترك الخطوات الجديدة غير الودية ومحاولات التحدث إلينا من موقع القوة والتدخل في شؤوننا الداخلية دون رد.. وسيأتي الرد بالتأكيد”.
ولفت لافروف إلى أن موسكو متفاجئة بردّ فعل بروكسل الهزيل تجاه النهج الأميركي الهدام لنظام الحدّ من التسلح العالمي، وقال: إن “ردّ فعل الاتحاد على التخريب الممنهج لأنظمة الحد من التسلح الدولية من الولايات المتحدة أمر مثير للدهشة”.
وأضاف: إن اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفصّل والمتماسك بشأن منع انتشار الصواريخ المتوسطة المدى تم تجاهله.
ويتم تنظيم مؤتمر العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بالتعاون بين السفارة البرتغالية في موسكو ووفد الاتحاد الأوروبي إلى روسيا والمجلس الروسي للعلاقات الدولية.
إلى ذلك، وفي إطار حديثه عن العلاقات مع حلف شمال الأطلسي “ناتو”، قال لافروف: إن موسكو لن تسمح بعد الآن بتكرار المآسي التي حدثت في العراق وليبيا ودول أخرى، عندما انتهك حلف الناتو حق الإنسان في الحياة.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية البرتغالي: “آمل حقًاً أن يتذكر زملاؤنا الغربيون أن هذا (الحق في الحياة) هو أهم شيء لأي شخص، أينما كان، وأينما يعيش”.
ونوه إلى أن “موسكو لن تسمح بعد الآن بتكرار تلك المآسي التي حدثت في العراق وليبيا ويوغوسلافيا سابقاً، عندما قام الناتو بالدوس على هذا الحق بأكثر الطرق فظاظة وغير قانونية”.
من جهة ثانية، أكد لافروف أن روسيا ستكون مستعدة لاستئناف الحوار مع الناتو، لكن لا ينبغي أن يكون الحديث فارغاً.
وقال لافروف: “حسناً، سنكون مستعدين، بالطبع، لاستئناف الحوار. لكن لا ينبغي أن يكون حديثاً فارغاً، وليس من أجل أعضاء الناتو للتعبير عن كل تلك البيانات الأحادية الجانب تماماً في اجتماعات مجلس روسيا والناتو في كل مرة، وهو ما يفعلونه علناً ويتهموننا بكل الخطايا المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، لكن نريد من مجلس الناتو وروسيا أن يركز على القضايا الأمنية”.
وأضاف وزير الخارجية الروسي: إن موسكو تتوقع ردّاً على العديد من المقترحات الروسية، التي نظر فيها حلف شمال الأطلسي لأكثر من عام، والتي يمكن أن يساعد اعتمادها بشكل كبير على تهدئة الموقف الذي لا يزال متوتراً.
وزارة الخارجية الروسية، وفي إطار تعليقها على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن القمة المرتقبة مع نظيره الروسي، أعلنت أن بعض التصريحات التي سيصدرها الجانب الروسي في الأيام المقبلة ستكون غير جيّدة لواشنطن.
وتعقيباً على بيان الرئيس الأمريكي أمس حول عزمه مناقشة موضوع “حقوق الإنسان” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: إن “على الأمريكيين أن ينطلقوا من حقيقة أن عدداً من الإشارات ستكون غير جيدة بالنسبة لهم بما في ذلك في الأيام المقبلة”، مضيفاً: أنا “لا أتحدّث عن اجتماع قمة في هذه الحالة”.
ولفت ريابكوف في تصريح نقلته وكالة سبوتنيك إلى عدم التطابق بين الأجندتين الأمريكية والروسية، مشيراً في الوقت ذاته إلى استعداد موسكو للتجاوب مع أي مسائل قد يثيرها الجانب الأمريكي أثناء القمة المرتقبة بين رئيسي البلدين، معرباً عن الأسف لأن بلاده لا ترى استعداداً مقابلاً من واشنطن إلا قليلاً ونادراً.
وأضاف: إن “على الأمريكيين أن يدركوا أن عدداً من الإشارات التي سيتلقونها من موسكو، لن تكون مريحة بالنسبة إليهم بما في ذلك في الأيام المقبلة”.
وتطرّق ريابكوف إلى توصيات السفارة الأمريكية في موسكو للمواطنين الأمريكيين الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم لمغادرة روسيا قبل 15 حزيران القادم، قائلاً: “ليس من الواضح تماماً سبب إرسال مثل هذه الإشارات إلى الأمريكيين من مكاتبهم القنصلية، فهناك إجراء معروف جيداً يعمل من خلال إداراتنا بما في ذلك خدمة الهجرة التي تعمل داخل وزارة الشؤون الداخلية وهناك جداول معينة لا بد من اتباعها وأما بخصوص توصيات البعثات الخارجية الأمريكية لمواطنيها فنحن لا نتبع ذلك”.