مشكلات الولايات المتحدة
تقرير إخباري
لا يزال الكثيرون يتذكرون الفيديو المضحك الذي تمّ إنتاجه بعد أسابيع فقط من إطلاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حملته عام 2016 الذي كرّر فيه كلمة “الصين” 234 مرة لإلقاء اللوم على الصين في مشكلات الولايات المتحدة التي اتسمت بها سنوات رئاسته الأربع. ولكن التوقعات بأن يتصرف الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بشكل مختلف عن سلفه تبدو غير صحيحة إذا حكمنا عليه من خلال أدائه في الأشهر الأربعة الماضية.
ويبدو أن مهاجمة الصين هي السلاح الوحيد الذي يتعيّن على بايدن محاولته لتحفيز مجتمع أمريكي منقسم، وبيع فاتورة إنفاقه الطموحة البالغة 6 تريليونات دولار والتي يعارضها معظم الجمهوريين، فبعد سنوات من الترويج للخوف بشأن صعود الصين كان الإجماع الوحيد بين السياسيين في واشنطن هو تضخيم نظرية التهديد الصيني.
وحسب استطلاعات الرأي Pew على مدى الأشهر الماضية وتحديداً منذ انتخاب بايدن، قال21 في المائة فقط من الأمريكيين إنهم يتوقعون تضييق الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين، بينما قال 54 في المائة من الجمهوريين إن العلاقات بين الحزبين ستزداد سوءاً في العام المقبل. وحسب استطلاع أُجري في آذار الماضي أكد 52 في المائة من الأمريكيين أن ثقتهم في بايدن ضئيلة أو تكاد تكون معدومة وذلك في تعزيز وحدة أكبر في الولايات المتحدة.
وأظهر استطلاع آخر ضعف ثقة الجمهور بالحكومة الأمريكية، بسبب محاولة بايدن تشتيت الانتباه عن التقصير والمشكلات من خلال لوم الصين، وهذا يفسّر سبب عدم قيام بايدن كما وعد بإلغاء العديد من سياسات الحماية التجارية المدمّرة لترامب، وخاصة ضد الصين، فهو يخشى أن يحمّله الجمهوريون المسؤولية لكونه مرناً مع الصين مما يقوّض قدرته على إقناعهم بالموافقة على فورة إنفاقه.
إن هذه الإستراتيجية مخيبة للآمال لدرجة أن آن كروجر كبيرة الاقتصاديين بالبنك الدولي انتقدت إعلان بايدن أن “أمريكا عادت” لأنه لم يفعل شيئاً لإزالة إرث ترامب بشأن التجارة وكتبت: “إذا أرادت إدارة بايدن تحقيق أهدافها المعلنة فعليها أن تزيل إجراءات ترامب الحمائية وتعمل بشكل متعدّد الأطراف كما تعتبر استمرار السياسات التجارية للإدارة الأخيرة بمثابة وصفة للفشل مشاركة في Project Syndicate وهي منظمة إعلامية دولية تنشر وتجمع التعليقات حول قضايا مختلفة.
كما أعرب العديد من الباحثين الأمريكيين في الصين عن قلقهم من استمرار ممارسة واشنطن لعبة إلقاء اللوم على الصين، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى إستراتيجية عملية لا تعتمد على إبطال نمو الصين.
لقد بات من الواضح أنه عندما ألقى الرئيسان السابقان باراك أوباما وترامب باللوم على الصين أو المكسيك أو الهند لسرقة الوظائف الأمريكية من خلال الاستفادة من العولمة كانا يحاولان تحويل انتباه الرأي العام المحلي عن السؤال الحقيقي لفشل الإدارة في مساعدة العمال الأمريكيين على التكيّف مع الوضع الاقتصادي المتغيّر من خلال برامج التدريب الوظيفي التي نظمتها العديد من الحكومات الأخرى منذ عقود. وقد يكون إلقاء اللوم على الصين أمراً مناسباً لـ بايدن للترويج لأجنداته في الوقت الحالي، لكنه لن يحلّ أياً من مشكلات الولايات المتحدة بل سيزيدها سوءاً بدلاً من ذلك!.
عائدة أسعد