لا فوترة ولا مفوترون!!
بعد أكثر من عشر سنوات من الاجتماعات والجدال والنقاش والاقتراحات، حسمت وزارة المالية أمرها: لا فوترة ولا مفوترون في الأمد المنظور.!
لطالما أكدت وزارة المالية أن تطبيق نظام الفوترة يحقق واردات كبيرة لخزينة الدولة، ويمنع التهرب الضريبي، ويضمن حق المواطن في الحصول على سلعة بمواصفات جيدة وسعر عادل، ومع ذلك تتردد الوزارة بتطبيقها، ثم تعلن تأجيلها بعد أكثر من عشر سنوات من الأخذ والرد، فلماذا؟.
هل الوزارة عاجزة عن التنفيذ لعدم توفر البيئة المناسبة، أم أن المتضررين عرقلوا تطبيقها ونجحوا في مسعاهم؟.
ولا ننسى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فهي المستفيد الثاني من الفوترة المؤتمتة لا الورقية، فمن خلالها تضمن انسياب السلع النظامية إلى الأسواق، ومراقبتها، وضبط المخالفين والأسعار، لكنها دون وزارة المالية لا يمكنها أن تجعل الفوترة قابلة للتطبيق.!
بعد أكثر من عشر سنوات من النقاش تفاجئنا وزارة المالية بالقول: لا يمكن تطبيق الفوترة قبل إصلاح النظام الجمركي.!
حسناً، هل كان الأمر يحتاج إلى عقد من السنوات لاكتشاف أن الفوترة والجمارك متلازمان؟.
لقد أعادتنا وزارة المالية إلى نقطة الصفر، أي أنها ستبدأ أولاً بإصلاح الأنظمة الجمركية النافذة حالياً، فهل ستفعلها، أم أن الأمر ليس أكثر من تبريرات واهية، وتأجيل تنفيذ الفوترة إلى أمد غير منظور؟!.
لو كانت وزارة المالية جادة بإصلاح الأنظمة الجمركية لفعلتها قبل البدء بإنجاز مشروع قانون لتطبيق الفوترة، فلماذا لم تفعلها؟.
ربما تعتمد وزارة المالية على النسيان والتناسي، لكن المتابعين لإصلاح النظام الجمركي يدركون جيداً أن البداية تكون بأتمتة الجمارك، ومنع الاحتكاك بين العناصر الجمركية والمستوردين عبر المنافذ الحدودية، هذا الاحتكاك الذي يشكّل باباً واسعاً للفساد والإفساد.!
لقد كان للحكومة مشروع جدي في عام 2003 لأتمتة الجمارك و لكن المشروع سرعان ما “طار!”، فلماذا غضت وزارة المالية آنذاك النظر عن مشروعها الذي كان سيضمن حقوق الخزينة، ويفضح تلاعب التجار المستوردين بالأسعار والمواد والأسواق؟
ربما ما حدث في منفذ حدودي سابقاً يكشف لنا السبب الحقيقي، فقد تعطّل أو عُطّل جهاز الكتروني متواضع مهمته الكشف عن البضائع المهرّبة!
فإذا كان المتضررون لم يتحمّلوا جهاز أتمتة واحداً على منفذ حدودي واحد، فكيف سيسمحون بأتمتة الجمارك بكاملها؟
الخلاصة: بعد تأجيل أتمتة الجمارك، لا فوترة ولا مفوترون في الأمدين، سواء البعيد جداً جداً، أو اللامنظور.!
علي عبود