“كوارتيت ستايل” الروسية.. تقارب الثقافات والتواصل المشترك
تعرّف جمهور الأوبرا مع الجالية الروسية إلى آلة البيرلنكا الروسية الشعبية الشهيرة المرتبطة بالتراث الموسيقي الفلكلوري، وقد أصغى بشغف إلى نغمات أوتارها المتداخلة مع الأكورديون بتوليفة رائعة في الأمسية التي قدّمتها الفرقة الروسية ضمن برنامج الثقافة والعالم، بالتعاون ما بين المركز الثقافي الروسي في دمشق ووزارة الثقافة (دار الأوبرا)، وتتألف الفرقة من ثلاثة عازفين: عازف الأكورديون ألكسندر سميث قائد الفرقة، وعازف البيرلنكا الكبيرة -بلاس الشبيهة بالكونترباص- جيمي ريكين، والبيرلنكا الصغيرة ألكسي بوسن.
ورغم أن عنوان الأمسية موسيقا فلكلورية شعبية، إلا أنها قدّمت مجموعة منوعة من المقطوعات العالمية والموسيقا التصويرية، ولامست خصوصية الفرقة بعزف المقطوعات التي ألّفها العازفون واتسمت بإحساس درامي يغني عنصر التخيّل ضمن مسار الفرقة بتواشج العلاقة بين الأكورديون والبيرلنكا وتبادل الخط اللحني الأساسي والتناوب فيما بينهما. فعزفت الفرقة الثلاثية الموسيقا التصويرية لأفلام فيديريكو فليني، تميّزت بحركة نشطة حيوية براقة تخلّلها تكثيف العزف بالأصابع على أوتار البيرلنكا وأخذ الأكورديون اللحن الأساسي، وبدت جمالية الأمسية بعزف مقطوعة تشايكوفسكي الأغنية النابولية ذات الإيقاع السريع على آلة البيرلنكا غير المعروفة على نغمات هذه الآلة في الأوبرا.
ومن مؤلفات الفرقة اختار عازف الأكورديون معزوفة السوق، ولاسيما بعد مشاهدته أسواق دمشق، فاتسمت بنمط هادئ وبدأت مع البيرلنكا الصغيرة ومن ثم الامتداد اللحني للأكورديون، تلتها مقطوعة الأرجوحة القديمة التي توحي باستحضار ذكريات قديمة من مؤلفات العازفين أيضاً وتميّزت بأصواتها القوية ودور البيرلنكا الصغيرة الأساسي والقفلة الثلاثية.
وتم تقديم مقطوعة “العطلة الصيفية” من مؤلفات الفرقة، وتميّزت بإثارة القدرة على تخيّل مشهدية البحر وأصوات الأمواج، والملفت استخدام العازف آلة البيرلنكا الصغيرة آلة نفخية من جوانبها لإصدار صوت يقارب أمواج البحر، ومن ثم عودة الموج مع البيرلنكا الكبيرة وفواصل زمنية مع نغمات الأكورديون. كما عزفت الفرقة مقطوعة من الرقصات الانسيابية والبطيئة جداً المألوفة في الموسيقا الروسية. واختُتمت الأمسية بتفاعل الجمهور وخاصة الجالية الروسية مع المقطوعة الشعبية “رشا سيمون”. وتأسّست فرقة كوارتيت ستايل عام 2015 من خريجي جامعة سانت بطرسبرغ للثقافة والفنون.
غليان حياتي
على هامش الأمسية تحدثت “البعث” مع وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح التي بيّنت أن آلة البيرلنكا التراثية والغريبة عن مسامعنا بمقاييسها الموسيقية والتي قدمت مقطوعات من التراث العالمي والمحلي الروسي، تدل على تقارب الثقافات فمهما اختلفت تجد طريقاً للتواصل المشترك بينها، وتبقى الموسيقا لغة عالمية تعبّر عن المحبة والتآخي بين الشعوب، وتابعت مشوّح أن التعاون قائم بين الوزارة والسفارة الروسية والمركز الثقافي الروسي لاستقدام الموسيقيين الروس ليكون هناك تلاقح بينهم وبين الموسيقيين السوريين للاستفادة من خبراتهم الأكاديمية، وقد أقامت الفرقة ورشة عمل في المعهد العالي للموسيقا مع طلاب المعهد والأساتذة ولاشك بأن الفائدة كبيرة.
كما أوضح مدير المركز الثقافي الروسي في دمشق أن هذه الأمسية ضمن النشاطات الدورية التي تُقام في المركز والأوبرا وغاليري مصطفى علي، إضافة إلى كنيستي الصليب والقديس إلياس وبالتعاون ما بين المؤسسة الروسية الاجتماعية “الثقافة والعالم” والمركز الثقافي برعاية وزارة الثقافة السورية وبدعم مالي من صندوق رئيس روسيا الاتحادية.
وأعرب عازف الأكورديون وقائد الفرقة ألكسندر سميث عن سعادته بزيارة دمشق وإعجابه بنبض الحياة الدائر فيها طوال النهار بما يشبه الغليان، وأشاد بجمالية أسواق دمشق القديمة وطبيعة المناخ المعتدل.
ملده شويكاني