التشكيلية الراحلة سوسن جلال.. عطر لوردة الغياب
رحلت التشكيلية سوسن جلال في نيسان الماضي بعد عمر فني غنيّ توزع بين إنتاج اللوحة وتعليم الفن في أكاديمية الفنون الجميلة وكلية العمارة ومعهد إعداد المدرسين، إضافة لفصول دراسية كانت تقيمها في مرسمها هذه الفنانة الشفافة التي نشأت في بيئة فنية عريقة، فوالدها الفنان الرائد محمود جلال وأخوها الفنان خالد جلال وقد أصبحوا جميعاً في رحمة الموت بعد أن تركوا إرثاً كبيراً متنوعاً يحتفظ المتحف الوطني ببعض منه.
في ندوة التكريم التي أُقيمت في صالة المركز الثقافي العربي في “أبو رمانة” هذا الأسبوع لمناسبة أربعين الراحلة سوسن جلال بمشاركة وحضور عدد من محبيها، تطرق المشاركون إلى مناقبها كفنانة ترسم الورد والمشاهد اللطيفة وتتمتّع بشخصية محبّبة عند الجميع، هذه الملامح الأساسية التي دارت حولها الندوة التي تخلّلها عرض لفيلم قصير عن الفنانة، كما تمّ عرض بعض أعمال سوسن ووالدها في صالة معارض المركز الثقافي.
ربما غطت الندوة بعض جوانب هذه الشخصية الفنية الرقيقة، إلا أنها لم تفِ بالحق كاملاً، ربما تغلّب الطابع الوجداني وهو الذي غيّب مرآة النقد واستبعد الدرس الموضوعي لهذه التجربة، على الرغم من وجود ناقد مشارك مثل غازي عانا وفنان مخضرم هو أنور الرحبي، اللذين أغنيا الندوة بمشاركتهما.
ربما لا تحتمل مثل هذه الندوات أكثر مما ذكر، لكن لا يمنع الأمر من مشاركة اتحاد التشكيليين أيضاً إلى جانب وزارة الثقافة في دعم إقامة معرض جماعي تكريمي لمثل هذه القامات مستقبلاً، والدعوة لندوة نقدية موازية بعيداً عن المجاملات، وصولاً لنبش القيمة الحقيقية للتجربة المدروسة، وسوسن جلال تستحق كرسامة تركت لمستها الخاصة والمؤثرة في عديد الفنانين والفنانات، وخاصة أولئك الذين مازالوا يصرّون على رسم الأزهار والورود إلى حدّ الملل، وبالطبع لم تكن سوسن هي الوحيدة من أبناء جيلها التي تناولت هذا الموضوع، إلا أن سمة تجربتها تختلط مع سمات أخرى مشمولة بالتنوع والانتقال بين المواضيع دون المغامرة في اكتشاف تقنيات تعبير جديدة قد تكون أكثر كفاءة.
رحلت سوسن جلال وعاشت أزهارها المرسومة على اللوحة بسقيا المحبة والوفاء.
أكسم طلاع