مجلة البعث الأسبوعية

الخطوط الحديدية على السكة الصحيحة.. ربط الموانىء بمواقع الإنتاج وتوطين تكنولوجيا التصنيع السككي من أولويات خطط المؤسسة

“البعث الأسبوعية” ــ معن الغادري

في وقت تدأب المؤسسة العامة للخطوط الحديدية على استكمال تنفيذ برامجها ومشاريعها المقررة ضمن خطط عملها على المديين المتوسط والبعيد، وبجهود وخبرات وكفاءات عمالها بمختلف اختصاصاتهم، وفي فروعها كافة، وما يبذلونه من جهود مضاعفة، يبين مديرها العام الدكتور نجيب فارس أنه ما زال هناك الكثير من العمل لإنجازه إذ يتم حالياً العمل على وضع الدراسات المطلوبة وبما يتوافق ويتماهى مع المعايير والمواصفات العالمية، مشيراً لـ “البعث الأسبوعية” إلى أن لدى المؤسسة الكثير من الخطط والبرامج التي تنتظر التصديق والتمويل لتنفيذها تباعاً، كما ويتم العمل على إقامة مشاريع مستدامة تهدف إلى توطين الصناعة السككية وتوفير بيئة عمل ناضجة ومتوازنة ومنتجة تتناسب مع أهمية هذا المرفق الحيوي والذي يشكل أحد أهم روافع النهوض الاقتصادي.

 

وفق الأولوية

تحدث د. فارس عن مراحل ما تنجزه المؤسسة من عمل وفق سلم الأولوية والأهمية، والبداية كانت بإحداث مراكز صيانة إسعافية في كل من طرطوس وحمص وحلب لتأمين الصيانات اللازمة للخط الحديدي والأدوات المحركة والمتحركة، إضافة إلى إمكانية تدريب العناصر الفنية في الفروع كافة على أعمال الصيانة اللازمة بما يحقق سرعة إنجاز الأعمال المطلوبة للخطوط الحديدية، مؤكداً أن الكوادر الفنية المتخصصة في المؤسسة من مهندسين وفنيين قامت بإجراء الإصلاحات والصيانات الدورية والرئيسية للقاطرات وشاحنات نقل البضائع لتأمين الجاهزية الفنية لها وتأمين استمرارية نقل البضائع من مراكز الإنتاج إلى مراكز التسويق ونقل الركاب.

 

صيانة

وأضاف فارس أن ورشات العمل نجحت بإعادة صيانة وتأهيل 18 قاطرة جرية استطاعة 2800 حصان، و17 قاطرة مناورة، وعدد كبير من شاحنات البضائع، وهي 190 صهريج نقل حبوب و150 صهريج نقل فوسفات، و70 صهريج نقل فيول، وأكثر من 60 عربة ركاب؛ كما تم إعادة تأهيل وتشغيل المحاكي للقاطرة الجرية و”الترين سيت” وتجهيزاتها بحلب، والذي يقوم بتدريب سائقي القطارات وإعدادهم فنياً على نحو متميز، كما تم إجراء إصلاح وترميم وتأهيل مجموعات نقل الركاب “الترين سيت” عدد 7، سعة كل منها 283 راكباً، وعربات نقل الركاب من الدرجة الممتازة وعربات المنامة.

 

تحديد الأضرار

وبما يخص إعادة تأهيل الخط الحديدي على محور حلب – دمشق، أوضح فارس أنه تم تحديد الأضرار على هذا المحور، والتي شملت تدمير وتخريب 19 محطة، وتدمير منظومة الإشارات والاتصالات بشكل كامل، بالإضافة إلى تدمير فتحات من – جسر حربنفسه – الذي يبلغ طوله 440 متراً بارتفاع 18متراً، دمرت منه 4 فتحات، طول الفتحة 20 متراً، وإلحاق أضرار جسيمة بباقي الجسور الصغيرة على هذا المحور، وتدمير كامل لمفاتيح التحويل السككية في المحطات، والتي يبلغ عددها 65 مفتاحاً، مشيراً إلى أن أهمية وظيفتها تكمن بتحويل مسار القطارات في المحطات من خط إلى آخر؛ كما شهد المحور سرقة القضبان الحديدية والعوارض ومواد التثبيت لمسافة 42 كيلومتراً، يضاف إلى ذلك التخريب في الجسم الترابي للخط الحديدي.

 

وفق الإمكانيات

ويتابع المدير العام للمؤسسة بأن المؤسسة وضعت الدراسة الفنية لإيجاد الحلول الفنية لمعالجة هذه الأضرار وفق الأسس الفنية والعلمية الخاصة بأعمال السكك الحديدية وتم تأمين مستلزمات العمل، وإصلاح وترميم البنية التحتية للخط الحديدي وفق الإمكانيات المتاحة، وتم إنجاز كافة أعمال الصيانة والتركيب من تمديد خطوط بدل مسروق، وتصحيح مناسيب وإحداثيات الخط الحديدي، وفرش البحص وأعمال رفع وتسوية وتجليس الخط الحديدي (معايرة فنية)، وذلك بواسطة الآليات السككية المتخصصة بهذا النوع من العمل السككي التخصصي، وإصلاح الأدوات المحركة والمتحركة، وتصنيع بعض قطع الغيار الضرورية بخبرات وكفاءات كوادر المؤسسة ومن مختلف الاختصاصات السككية، مبيناً أن المحور بامتداده الكامل من حلب إلى دمشق مروراً بحمص أصبح جاهزاً وهو في طور التجريب تمهيداً لوضعه في الخدمة والاستثمار قريباً.

 

ربط

وشدد فارس على أن العمل متواصل لاستكمال الخطط والدراسات وإنجاز المشاريع المقررة، منها استكمال إنشاء عدد من المرافئ الجافة بهدف ربط الموانئ البحرية السورية مع مراكز الإنتاج في المدن الصناعية عبر السكك الحديدية، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض تكاليف السلع والمنتجات، وتشجيع وتسريع التصدير، ما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد وعلى التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى مشروع إنشاء المرفأ الجاف وساحة الحاويات في المدينة الصناعية في حسياء في محافظة حمص، وتفريعته السككية من محطة خنيفيس باتجاه المدينة الصناعية بطول 12 كم حيث بلغت نسبة التنفيذ 85 %.

 

توطين

يضاف إلى ذلك أن العمل جار على مشروع إعادة إعمار وإنشاء المدينة الصناعية السككية في محطة حلب الكبرى لتجميع القاطرات والشاحنات ومجموعات نقل الركاب (ترين سيت) وصيانتها من خلال نقل تكنولوجيا التصنيع السككي وتوطينها في سوريا تمهيداً لتأسيس نواة التصنيع السككي قابلة للتطوير والتوسع في المستقبل مما يساهم بتوفير كادر فني متدرب ومتخصص في جميع مجالات السكك الحديدية بشكل فعلي يساهم في تطوير قطاع النقل السككي وتلبية المتطلبات الملحة والمتنامية لاحتياجات السكك الحديدية بما فيها شبكة قطارات الضواحي ومترو الأنفاق داخل المدن من مواد الخط والأدوات المحركة والمتحركة وغيرها.

 

تفعيل

بالتوازي مع ما سبق – يتابع فارس – تستكمل المؤسسة تفعيل خطط الجانب الاستثماري للموارد لجهة استثمار الأراضي والعقارات التي تملكها في المحافظات، ليتم طرحها لاحقاً للاستثمار وفق قانون العقود الموحد، رقم 51 لعام 2004، وقانون التشاركية من أجل الحصول على إيرادات مالية للمؤسسة لتنفيذ مشاريعها الاستراتيجية وتخفيف العبء المالي على خزينة الدولة، منوهاً بأهمية هذا الملف كونه يشكل دعامة وقاعدة لتوفير الموارد المطلوبة لتدعيم عملية اعادة تأهيل المنظومة السككية.

يذكر أن الخطوط الحديدية في سورية تعد واحدة من أهم روافع الاقتصاد الوطني، وشهدت خلال العقدين الماضيين – ما قبل الحرب الإرهابية القذرة – نهضة حقيقية وتطوراً وتحديثاً في آليات عملها الفني، وواكبت التقنيات العالمية لناحية تقديم أفضل وأجود الخدمات، سواء بما يخص نقل الأشخاص أم البضائع.

وتتشكل المؤسسة في تكوينها الفني من الخطوط الحديدية بقسميها العلوي والسفلي والأدوات المحركة والمتحركة والأبنية والمحطات، ويبلغ طول شبكة الخطوط الحديدية السورية حوالي 2500 كم موزعة على كامل الجغرافيا السورية؛ وتهتم المؤسسة بنقل الوقود إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية، والحبوب من وإلى صوامع الحبوب، والغاز والمشتقات النفطية، ونقل الحاويات من المرافئ البحرية السورية إلى المرافئ الجافة والفعاليات الاقتصادية، إضافة إلى نقل الركاب بين أغلب المحافظات والمدن.

وخلال الحرب الإرهابية العدوانية الظالمة التي شنت على سورية تعرضت منشآت وشبكات الخطوط الحديدية السورية ومحطاتها وقاطراتها وعربات نقل الركاب وشاحنات نقل البضائع ومراكز الصيانة والإصلاح ومنظومة الإشارات والاتصالات إلى أضرار كبيرة وجسيمة، مما أدى إلى توقف حركة القطارات على أغلب محاور الشبكة، حيث تم توثيق الأضرار المادية والبشرية الحاصلة بالبنى التحتية للمؤسسة في المناطق التي يمكن الوصول إليها، حتى نهاية عام 2018، بحوالي 700 مليار ليرة سورية.