الموسيقا الآلية لألحان من الشمال بتوزيع اوركسترالي
لاقت الأمسية التي قدمتها فرقة التراث السوري للموسيقا بعنوان: “ألحان من الشمال” بقيادة المايسترو نزيه أسعد، وإشراف الباحث الموسيقي إدريس مراد، صدى مختلفاً لدى جمهور الاوبرا الذي أصغى إلى ألحان أغنيات المنطقة الشمالية التي اعتاد على سماعها مغناة، وحفظ بعضها، لاسيما أهل تلك المناطق.
لم تكن ألحان سعيد يوسف عازف البزق التي اشتُهرت في كل العالم والمألوفة لدى جمهور الاوبرا حاضرة فقط، إذ بُنيت الأمسية على اختيار مجموعة أعمال لكبار الملحنين في تلك المناطق، فقدمت ليوسف برازي، والأب جورج شاشان، ومحمد علي شاكر، وشيركو دقوري، ونذير محمد، وتم توزيع الأعمال من قبل أربعة موسيقيين: جوان قره جولي، وصهيب السمان، وشيركو دقوري، ونزيه أسعد، بروح مختلفة انعكست على جمالية الألحان، وأظهرت شخصية كل واحد منهم، ضمن توليفة الفرقة المؤلفة من الوتريات والآلات الشرقية، بالتركيز على البزق، الآلة الأساسية في تلك المناطق، بمشاركة الهارب وآلات النفخ الخشبية، وبعض الآلات الإيقاعية المتنوعة، مع تأثير آلة الأجراس، وقد أثرت الصور المتتالية المعروضة على الخلفية لأماكن ومواضع من هذه البيئة من تأثير الألحان.
تميزت المجموعة الأولى (جلنار- الحبيبة) لأعمال محمد علي شاكر، توزيع صهيب السمان بوقع آلة الأجراس مع الضربات الخفيفة على الطبل الكبير، وصولو البزق، والتكثيف الوتري بالنقر على الأوتار ضمن توليفة الفرقة، بينما أخذت الكلارينيت دورها في الوردة الحمراء، وكو ليزار للشاعر والملحن يوسف برازي، توزيع نزيه أسعد، بحضور الخط الإيقاعي والقفلة مع التشيللو، وبدت روح جوان قرة جولي في صولو العود الذي أخذ دور المقدمة الموسيقية في ألحان سعيد يوسف (رقيقة القلب- حل المساء)، ثم الامتدادات اللحنية البراقة، ودور القانون.
وسُبقت أعمال الأب جورج شاشان الذي قدم أجمل الألحان السريانية بصولو الكمان في التنور العتيق، توزيع نزيه أسعد، بلمسة رومانسية ومقدمة على الهارب، ومن ثم تناوب الآلات الشرقية مع الفرقة، وبدت جمالية التوزيع أيضاً في أعمال نذير محمد لتنويعات على لحن hey dil dilo بتوزيع شيركو دقوري بالدور الإيقاعي مع الامتداد الوتري، وتخللت الأمسية مقطوعة نار البيات من تأليف شيركو دقوري.
وعلى هامش الأمسية أوضح المايسترو نزيه أسعد في حديثه لـ “البعث” أنه تم اختيار مجموعة ألحان سورية تختص بالمنطقة الجغرافية الشمالية الشرقية والشمالية من بيئات مختلفة لملحنين أثروا بشريحة شعبية كبيرة، وتركوا بصمتهم بالتراث الموسيقي السوري، فاعتمد على الألحان الثابتة بتوزيعها اوركسترالياً وفق قواعد الهارموني الكلاسيكية، بتوليفة الآلات الموسيقية للفرقة، ونوّه إلى وجود آلة الهارب التي تعود جذورها إلى سورية، وارتبطت بالحضارة السومرية، وعن وجود آلتين من الكلارينيت ضمن آلات الفرقة بيّن أن كل آلة منهما أخذت دوراً معيناً للتلوين الصوتي.
ونوّه إدريس مراد إلى أن ألحان المنطقة الشمالية تنتمي إلى ثقافة سورية عريقة، ومن الضروري أن نحافظ عليها، ونقدمها على مسارحنا للحفاظ على تراثنا الموسيقي.
ملده شويكاني