اقتصادصحيفة البعث

القيادة.. القرار؟

قسيم دحدل 

برسائل للداخل والخارج لها من الدلالات بقدر ما فيها من التأكيدات لنهج المرحلة “الأمل بالعمل”، إلى مدينة عدرة الصناعية، كانت الزيارة الثانية للسيد الرئيس بشار الأسد، بعد زيارته الأولى إلى مدينة حسياء الصناعية في الثالث من شهر أيار الماضي.

ما يستوقفنا كإعلاميين، كما يستوقف غيرنا من متابعين على مختلف المستويات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية والعمالية، في هذا المقام، أمر في غاية الأهمية وهو ما بين القيادة والإدارة.

في هذه الزيارة تجسّدت مفاهيم القيادة في أسمى معانيها ورسائلها، المعنوية الاجتماعية قبل المادية الاستثمارية، وهذه قضية غاية في الأهمية والتأثير والتحفيز: دعم للصناعة والإنتاج، وأبواب عالية واسعة من الثقة تؤكد أن الاستثمار في سورية امتحان انتماء للوطن والمواطن، وعربون صداقة وشراكة للأصدقاء والأشقاء فعلاً، عملاً لا قولاً.

وبصراحة كاملة نقول: التواجد الميداني للقيادة في جبهات العمل، وما أعلنته من رسائل مباشرة واضحة، يدل على متابعتها الدقيقة غير المنقطعة، رغم كم ونوع مهامها ومسؤولياتها وتحدياتها، والأهم برأينا تواجد “القرار”،  وهذا الأخير لا شك وصل أو يجب أن يصل لكل رجال المال والأعمال المحليين والخارجيين، إذ طالما كان العديد منهم ينشدونه على مسامعنا: “القرار الضامن”.

فإذا ما علمنا أن عبارة “القيادة”، ووفقاً لعدد من كبار خبراء الاقتصاد السياسي، أصبحت من أهم متطلبات النجاح في هذا العصر، إذ لم تعد مرتبطة بمفهوم القيادة الحربية، حيث كان القائد في الحروب من أهم محفزات الانتصار، ورمز قوة لتلك الجيوش، بل تطور المفهوم وأصبحت القيادة من المفاهيم الإنسانية والإدارية التي تحفز على نجاح المشاريع، وتسهم في صنع قيمة مضافة، كونها عموماً إحدى طرق التوجيه والإشراف، وتسهم في التأثير بأداء الأعمال، والقائد هو الشخص الذي يدير حركة “العاملين” من خلال الاتصال المباشر معهم.

وإذا ما علمنا أن الإدارة تركز على معرفة الأشياء التي يجب أن تتم لجعل التنظيم ناجحاً، فإن القيادة تركز على جعل الآخرين يؤدون هذه الأشياء بنجاح من خلال الاستراتيجيات التي يرسمها القائد لتحقيق الأهداف، ندرك تماماً ما يعني وجود القائد الأسد في تلك الجبهات، حيث حربنا حالياً حرب اقتصادية كما أكد سيادته، ما يعني تواجد “القرار” هناك.

وكبعد اجتماعي للقيادة، یعرفها الخبراء بأنها النشاط الإداري الذي يتم من أجل زيادة الإنتاجية، وتنشيط الابتكار في حل المشكلات، ورفع الروح المعنوية والرضى للعاملين، وعليه فهي، كما يؤكدون، مجموعة السمات والمهارات التي يمتاز بها القائد، أو التي يجب أن تتوافر في القائد لتوجيه وضبط وإثارة سلوك واتجاهات الآخرين، وهي ترتبط بالخصائص الشخصية للقائد، ومدى قبوله من قبل التابعين له، وتأثيره فيهم.

كل ذلك وغيره جسّدتهما زيارة السيد الرئيس لـ “عدرة الصناعية”، كما في “حسياء”، ولمن لم يتلمس ذلك التجسّد نحيله لتصريح القائد الأسد الذي لا شك وصل العقول والقلوب معاً.

يبقى أن نؤكد، كما أكد الخبراء، أن القيادة تنبع من التأثير الاجتماعي، وليس السلطة أو القوة، وأن القيادة تعتمد على الآخرين، وهذا يعني أنهم ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا تحت إدارة مباشرة، وكذلك لا ترتبط القيادة بإرث أو مكانة اجتماعية أو سمعة، فهناك العديد من الأساليب والمسارات لتحقيق القيادة الفعّالة، كما أنها تسعى لتحقيق أهداف وليس التأثير، مع عدم وجود مستهدفات.

بتلك الرسائل والمعاني والأهداف ندرك القيمة المطلقة للزيارة، وما تضمنته كل كلمة من قرار.

Qassim1965@gmail.com