السفير الروسي بدمشق: نتائج الانتخابات أكدت ثقة السوريين برئيسهم
قال الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية السفير الروسي بدمشق ألكسندر يفيموف إن نتائج الانتخابات الرئاسية أكدت بشكل كامل سمعة السيد الرئيس بشار الأسد العالية وثقة السوريين بقيادته، موضحاً أن موسكو مستمرة في نهجها الثابت بدعم سورية ومساعدتها الشاملة لكسر الحصار وإعادة البناء والإعمار.
وفي مقابلة خاصة مع سانا بمناسبة العيد الوطني لبلاده هنأ السفير يفيموف الشعب السوري بإجراء الانتخابات الرئاسية بنجاح في ظل الظروف الحالية الصعبة للغاية، وقال: أضم صوتي إلى كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن نتائج التصويت أكدت بشكل كامل السمعة العالية للرئيس بشار الأسد وثقة المواطنين السوريين في المسيرة تحت قيادته الرامية إلى استقرار الوضع في البلاد في أقرب وقت ممكن وتقوية مؤسسات الدولة، مؤكداً أن روسيا تنظر إلى الانتخابات على أنها شأن سيادي سوري وتعتبر التصريحات الصادرة من بعض العواصم الغربية حول عدم شرعية الانتخابات حتى قبل انتهاء الحملة الانتخابية بأنها عنصر من عناصر الضغط السياسي القاسي على دمشق ومحاولة جديدة للتدخل في الشأن الداخلي لسورية بهدف زعزعة استقرارها.
وأكد السفير الروسي أن الانتخابات الرئاسية في سورية جرت بالكامل وفق متطلبات الدستور السوري القائم والتشريعات الوطنية ولا تتعارض بأي حال من الأحوال مع أحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والقرارات الدولية الأخرى القائمة على احترام سيادة سورية مجدداً التأكيد على أنه لا يحق لأحد أن يملي على السوريين متى وتحت أي ظروف ينبغي أن ينتخبوا رئيس دولتهم.
وأضاف يفيموف: إنه رأى بأم عينه كيف جرت عملية التعبير عن إرادة الشعب السوري خلال مرافقته الوفد الروسي المكون من أعضاء غرفتي المجلس الفيدرالي الروسي بالإضافة إلى الغرفة المدنية في روسيا، وقال: لقد لفت انتباهنا الإقبال الكبير والحماسة الحقيقية الصادرة عن الناخبين، ولكن الانطباع الأقوى لدى الجميع كان العدد الكبير من السوريين الذين أدلوا بأصواتهم لصالح قائدهم الوطني بنقاط الدم.
واعتبر السفير الروسي أن قرار الرئيس الأسد نفسه بالذهاب مع السيدة الأولى إلى مركز الاقتراع في دوما مؤشر مهم للغاية، حيث يزعم خصوم سورية أن السكان المدنيين هناك تعاطفوا مع المسلحين سابقاً، بينما أظهرت الانتخابات بشكل لا لبس فيه أن هذه التلميحات لا صحة لها إطلاقاً بل على العكس أكدت أن السيد الرئيس يتمتع بالدعم الواسع من السكان حتى في المناطق التي بقيت معاقل للإرهابيين حتى وقت قريب، مشيراً إلى أن الاحتفالات الضخمة التي أقامها الشعب بانتصار رئيسه والتفافه حوله أملاً بتحقيق السلام والاستقرار في البلاد تفند مزاعم واتهامات خصوم سورية.
وأكد السفير يفيموف أن بلاده تنوي بدورها الاستمرار في اتباع نهجها الثابت في دعم سورية ومساعدتها الشاملة في إعادة إعمار البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية المدمرة وتجاوز التداعيات السلبية للحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أعوام.
الخطاب الغربي يقوم على الأكاذيب والمعلومات المضللة
وردا على سؤال حول المساعي الروسية لكسر الحصار الغربي المفروض على سورية، أكد السفير الروسي أن روسيا تولي أهمية كبيرة للجهود المبذولة لمساعدة دمشق في كسر الحصار والتخفيف من تأثير العقوبات عليها، وقال: حتى في ظروف الحرب الدبلوماسية والاقتصادية التي تشن ضد بلادكم فإن سورية لا يزال لديها العديد من الأصدقاء الأجانب والشركاء في الرأي وأنا واثق من أنه بالحقيقة الدول التي تهتم بإعادة العلاقات مع سورية وتطويرها عددها حتى أكبر مما نراه الآن وعندما يحين الوقت سيعلنون عن أنفسهم بالتأكيد ونحن بدورنا سنكون مرحبين بذلك، موضحاً أن العديد من ممثلي الدوائر الاجتماعية الدولية فهموا منذ فترة طويلة أن الخطاب المعادي لسورية الذي تفرضه بعض العواصم الغربية يقوم على الأكاذيب والمعلومات المضللة ولا يلبي سوى مصالح دائرة ضيقة للغاية من اللاعبين الأجانب.
وبين السفير الروسي أن هؤلاء اللاعبين بالذات يسعون لاستمرار حالة الانقسام في العالم العربي لأطول فترة ممكنة وبكل وسيلة، بما في ذلك منع عودة سورية إلى “البيت العربي”، لكن روسيا على العكس مقتنعة بأن عودة العلاقات الطبيعية بين دمشق والدول العربية ستفيد منطقة الشرق الأوسط بأكملها وستلعب دوراً مفيدا للغاية في تجاوز الأزمة في سورية وحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت عنها، لذلك فإن الجانب الروسي يقدم المساعدة اللازمة حيث كان ذلك ممكناً ومناسباً فيما يخص إعادة العلاقات السورية مع الدول العربية.
وحول المساعدات التي تقدمها موسكو لدمشق بين السفير يفيموف أن موسكو تقدم المساعدة الإنسانية المنتظمة والمتعددة النواحي لسورية عبر قنوات مختلفة بما فيها عن طريق الأمم المتحدة، حيث خصصت موسكو خلال فترة عمله في دمشق ما يقرب من 40 مليون دولار لتنفيذ مبادرات مختلفة عبر الهيئات التا بعة للأمم المتحدة سواء في مجال الرعاية الصحية أو التعليم أو الزراعة والأمن الغذائي أو إدارة مخاطر الألغام وغيرها في حين قامت بعض الدول بتخفيض التمويل لأنشطة الأمم المتحدة هنا وبتقييد استخدام أموال المانحين لتلبية احتياجات الحكومة السورية الشرعية.
وأضاف يفيموف: إنه في نهاية شهر أيار تم في مدينة حلب تدشين مختبر تشخيص الأمراض الحيوانية والذي تعرض لأضرار بالغة خلال الحرب وتم ترميمه وتجهيزه بمعدات حديثة من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” وذلك بتمويل من روسيا موضحاً أن هذا المختبر يهدف إلى تعزيز القدرات في مجال الإنتاج الحيواني بشكل كبير وسيساهم في دعم سبل عيش العاملين في هذا القطاع كما سيسمح مع غيره من مشاريع الفاو المنفذة بالتمويل الروسي في محافظة حلب بتقديم الدعم لنحو 350 ألف شخص من سكان محافظة وذلك لضمان أمنهم الغذائي وظروف عمل ملائمة بالإضافة إلى تأمين دخل ثابت لهم.
وبين السفير يفيموف أن روسيا تبذل جهوداً أكبر لمساعدة سورية في إطار التعاون الثنائي سواء من خلال المساعدات المباشرة من الحكومة الروسية كمنحة القمح التي بلغت 100 ألف طن خلال عام 2020 أو المساعدات الإنسانية المتوفرة من قبل العسكريين الروس والمنظمات الاجتماعية والدينية والشركات الروسية ورجال الأعمال الروس موضحاً أنه حسب بعض التقديرات التقريبية فخلال عدة سنوات أخيرة تم إنفاق حوالي 150 مليون دولار سنوياً من قبل روسيا على أنواع مختلفة من المساعدات للشعب السوري حيث وزع العسكريون الروس الموجودون في سورية خلال السنوات الخمس الماضية ما يزيد عن 4500 طن من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الأساسية وذلك في جميع أنحاء البلاد تقريباً.
وأضاف السفير الروسي إنه وبمساعدة روسيا تم منذ عام 2015 إعادة إعمار ما يقرب من 1000 منشأة تعليمية ونحو 250 مؤسسة طبية وأكثر من 4800 مبنى سكني بالإضافة إلى إصلاح الطرق والجسور وخطوط الشبكة الكهربائية وغير ذلك، كما قدم الأطباء الروس الرعاية الطبية لأكثر من 132 ألف سوري بما في ذلك في المناطق الخطرة والتي يصعب الوصول إليها.
وأوضح يفيموف أنه في عام 2019 سافرت مجموعة كبيرة من الأطفال السوريين متضررين من الأعمال الحربية إلى روسيا لتلقي العلاج وإعادة التأهيل ومن المتوقع أن يفتتح في دمشق هذا العام مركز إعادة تأهيل للسوريين الذين فقدوا أطرافهم نتيجة إصابتهم بالألغام أو المتفجرات وذلك بدعم من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
أما فيما يخص وباء كورونا فيؤكد السفير الروسي أن موسكو وقفت إلى جانب دمشق وتم عام 2020 إمداد سورية بأجهزة الاختبار الخاصة بالفيروس إضافة إلى مواد الوقاية والمطهرات وأجهزة التنفس الاصطناعي كما تم تزويد سورية بلقاح “سبوتنيك في” مؤكداً أن بلاده سوف تستمر بذلك آخذة بعين الاعتبار احتياجات سورية وإمكانيات إنتاج هذا الدواء في روسيا التي كذلك تحتاج اليوم إلى اللقاح وبدرجة كبيرة جداً، موضحاً أنه تم إرسال أول شحنات اللقاح “سبوتنيك في” إلى سورية حتى عندما لم نكن قد أنتجنا كميات كافية منه لتلبية احتياجاتنا في روسيا.
وحول التعاون الاقتصادي بين البلدين أكد السفير الروسي أن التعاون الاقتصادي مع دمشق يسير بشكل طبيعي بوجه عام وأنه بالرغم من جائحة كورونا التي أثرت عليه “نستطيع أن نتكيف مع الظروف الجديدة الصعبة وبغض النظر عن الوضع العام يستمر تنفيذ المشاريع الاقتصادية الروسية في سورية والشركات الروسية تساهم بإعادة إعمار وتشغيل المنشآت ومشاريع البنية التحتية الحيوية بالنسبة لسورية ولا يمكنهم أن يسمحوا لأنفسهم بالانقطاع عن العمل”.
وأضاف إن العلاقات التجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية ما بين روسيا وسورية “تعد من نواح كثيرة استمراراً وتطويراً للدعم والمساعدة التي قدمتها بلادنا ولا تزال تقدمها لدمشق في المجالين العسكري والسياسي فبعد أن مددنا يد المساعدة لسورية الصديقة في حربها على الإرهابيين إننا ندعمها اليوم في حل القضايا الأكثر إلحاحاً المرتبطة بعودة البلاد إلى الحياة السلمية وضمان استقرار الدولة السورية على خلفية مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية الشديدة عليها من الخارج”.
وبين السفير يفيموف أن “من بين العناصر الجديدة في التعاون الاقتصادي بدء تنفيذ العقود التجارية الثنائية الخاصة بتوريد القمح الروسي إلى سورية” موضحاً أنه منذ شهر آذار 2021 قد وصل إلى سورية 350 ألف طن منه وأنه يجري العمل باستمرار لأجل وضع خطط ومشاريع جديدة في إطار التعاون الثنائي بين البلدين حيث تمت مناقشة هذه القضايا مع الوفد السوري على هامش منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي المنعقد في الفترة ما بين 2 و5 حزيران 2021 وسوف يتم “بحث كل ذلك بشكل مفصل مع شركائنا السوريين خلال الاجتماع المقبل للجنة الروسية السورية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني، فنأمل بأن يعقد هذا الاجتماع في مستقبل قريب”.
وفي رده على سؤال حول استعادة المركز الثقافي الروسي نشاطه في دمشق بين السفير يفيموف أن “استئناف عمل المركز الروسي للعلوم والثقافة بدمشق مهم بالنسبة لنا جميعاً” موضحاً أنه تقرر مؤخراً تسمية جميع المراكز الثقافية الروسية في العالم تحت اسم “البيت الروسي” وأن البيت الروسي في سورية لا يعمل بكامل طاقته لأسباب مختلفة بما فيها جائحة كورونا لكنه يقيم بشكل منتظم فعاليات مختلفة وحفلات موسيقية بالإضافة إلى دورات تعليمية للأطفال والكبار في الموسيقى والرقص والفنون الجميلة والأهم من ذلك يوفر المركز الدورات في اللغة الروسية و”أنا متأكد من أنه بمرور الوقت ستظهر أنشطة جديدة ومثيرة للاهتمام في برنامج مركزنا الثقافي في دمشق” مؤكداً أنه وبعد تشغيل المركز بكامل طاقته سيكون من الممكن الحديث حول فتح الفروع للبيت الروسي في المدن السورية الأخرى لأن العديد من السوريين لديهم اهتمام كبير باللغة والثقافة الروسيتين.
وفي ختام المقابلة رأى السفير الروسي أن مقترح الغرفة المدنية الروسية خلال زيارتها لدمشق مؤخراً لتعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية بين البلدين مهم جداً من أجل الحفاظ على العلاقات الاجتماعية وتطويرها بين الشعبين الروسي والسوري وأن الأواصر من هذا النوع تعطي عمقاً ومتانة إضافيين للعلاقات الثنائية معتبراً أن المبادرة جاءت في الوقت المناسب وستكون مفيدة لكلا الطرفين وقال: “ندرس حالياً بكل الاهتمام احتمالات مختلفة بشأن مضمونها وتفعيلها إذ سيقوم كلا الجانبين بإعداد مقترحات ذات صلة رغم وباء كورونا والحجر الصحي الذي حد من فرص الاتصالات الاجتماعية والإنسانية ولكننا الآن نرى بوضوح أنه في كل من روسيا وسورية توجد طموحات قوية لتعويض ما ضاع وذلك بأقرب وقت ممكن”.