دور إسرائيل وحلفائها في “ثورات الربيع العربي” سورية أنموذجاً
لابد لكل من هجر بيته قسراً تحت مسميات مختلفة أن يعرف ما السبب، ولا بد لكل من خسر دماً أن يعرف أيضاً ما هي الأسباب التي أوصلته إلى ما وصل إليه، الأرض والتراب والكرامة والشرف كلها وصلت إلى مرحلة الحصار بعد أن حاولت دولة الكيان الصهيوني لسنوات طويلة ولم تتمكن من فعل ذلك، وبعد شقاء مر كادت أن تخسر بعده كل شيء تمكنت من أن تدفع العملاء والأغبياء للعمل على تكوين ربيع مزيف مزور سمّته “الربيع العربي”.
في كتاب الباحث الدكتور محمد الحوراني على غلافه يقول: “منذ كارثة ما سمّاه بعضهم زيفاً بـ”الربيع العربي” الذي أدخل بعض أقطار الوطن العربي في حالة من التدمير والتفتيت والعنف الدموي غير المسبوق، وإسرائيل تعيش حالة من الهدوء والراحة والاستقرار النفسي بعد أن أدخلتنا في متاهة الدم العربي، حالة من شأنها أن تحقّق لإسرائيل ما عجزت عن تحقيقه في الكثير من حروبها وعملياتها الأمنية منذ تأسيسها”.
وثمّة وثائق ذهب إليها د. الحوراني في بحثه الذي من المفترض أن يطلع عليه كل المثقفين، وخاصة الذين تورطوا في إنماء هذه الظاهرة التي قدّمت للكيان الصهيوني ما لم يحلم به منذ أن بدأ سرطانه يمدّ مخالبه على الأراضي العربية، ويبث سمومه في شرايينها، يكشف الكتاب عن لقاءات سرية بين دول عربية والعدو الصهيوني، وتهدف هذه اللقاءات إلى التآمر على سورية ومن يساندها مثل إيران، واستضافت هذه اللقاءات دول عدة مثل الهند وإيطاليا وتشيكيا.
ولا يخفى على أحد أن دولة ما يسمّى إسرائيل، وفق ما جاء في الكتاب، عملت منذ فترة طويلة ومازالت على تقسيم الدول العربية وأنشأت مراكز أبحاث لوضع الخطة الكفيلة بتفتيتها وشرذمتها مثل مركز “دايان”.
كما لا بد أن نسلط الضوء على السيطرة الداعشية على أجزاء من شمال العراق، حيث عبر ستيفن كوك الخبير في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي عن سعادته بتنفيذ مخطط تقسيم العراق ومحاولة تطبيق النظام “الفيدرالي” وخلق مناطق الحكم الذاتي التي تسعى لحل الدولة وإنشاء قوة مستقلة وزعزعة العراق واستقلالها، والأهم من كل المعطيات ما يعرفه كل العرب ووثقه د. الحوراني في كتابه أن برنار هنري ليفي الفيلسوف الصهيوني الفرنسي المنحدر من أصول جزائرية هو واحد من أبرز المثقفين الغربيين الانتهازيين الذين سعوا لإنجاح المشاريع الاستعمارية الصهيونية في المنطقة العربية والعالم، ونشطت قواه بعد مجيء ساركوزي خلفاً لجاك شيراك إلى الحكم ومتابعة كل ما أسّسه جورج بوش وجاك شيراك وتقدّم الرئيس الفرنسي في تنفيذ المؤامرات.
ثم لابد من الإشارة إلى أن في الكتاب وثائق تدلّ وتشير إلى التحالف الصهيوني مع المجموعات الإرهابية في سورية، وتشكيل الكيان الحلف الأقوى للإرهابيين للعبث بفكر الشعب السوري الذي عُرف بعدائه للصهيونية وعملها على إبطال مخططاته، ولابد من معرفة أن كل هذه المرتزقة هي بتخطيط من الكيان الصهيوني وبالاشتراك مع تركيا التي يهمها من الأمر السيطرة على الثروات وخدمة الصهيونية. ويسلط د. الحوراني الضوء على اعترافات بعض الغربيين بما حدث من ورطات ومؤامرات مثل الخبير الفرنسي آلان شووي مدير جهاز المخابرات الفرنسية السابق وغيره في التأكيد أن ما يحدث فيما يسمّى “الربيع العربي” هو لعبة استخباراتية دولية بأهداف تآمرية، وأن ثمة تحالفاً قوياً بين معظم التنظيمات الإرهابية المتطرفة العاملة في سورية والكيان الصهيوني، كما أن ثمة تقاطعاً كبيراً في المصالح بينهم، وبدا واضحاً هدف الصهيونية في القضاء على الدولة السورية والفكر المقاوم وتعويم الفكر التكفيري التفتيتي الذي من شأنه تعميق الشرخ الذي أحدث في سورية، لكن أحلامهم باءت بالفشل وسورية ستبقى جبهة الصمود والتصدي في وجه أي تآمر على مرّ التاريخ الذي يشهد بذلك.
نبوغ محمد أسعد