تقصير يتطلب المحاسبة
أخفقت “السورية للتجارة” بتوزيع مادتي السكر والرز في مواقيتها المعلنة عن أشهر شباط وآذار ونيسان، وهذا يعني أن هناك تأخيراً انعكس على من استلم المادتين وعلى من لم يستلمها.!
شريحة لم تحصل على السكر والرز على الرغم من تمديد وزارة التجارة الداخلية فترة بيعهما للمرة الثالثة، والمؤشرات تؤكد أنها لن تحصل عليهما، وشريحة استلمت المادتين مبكراً أو بشكل متأخر لكنها لن تحصل على مخصصات شهري أيار وحزيران قبل تموز أو آب!
وكل هذا يشير إلى خلل أو تقصير في عمل “السورية للتجارة”، ما يستوجب محاسبة المسؤولين عن حرمان ملايين الأسر السورية من مادتين مدعومتين فقط، وبالتالي ماذا سيحدث لو زادت الحكومة المواد المدعومة المباعة عبر البطاقة الذكية؟
نادراً، ما كان يحصل تأخير أيام توزيع المواد المدعومة عبر القسائم الورقية على مدى ثلاثة عقود تقريباً، حيث كان يمكن للأسرة السورية أن تحصل على مخصصاتها (رز وسكر وشاي وزيت) من أي منفذ حكومي أو عمالي، بل كان العاملون في الجهات العامة يحصلون على حصتهم المدعومة من منافذ أحدثتها وزارة التموين في مؤسساتهم!
وتوقعنا أن تقوم وزارة التجارة بعد اعتماد البطاقة الذكية ليس بزيادة بيع المواد المدعومة فقط، وإنما بسرعة توزيعها أيضاً، وهذا لم يحصل حتى الآن .. فلماذا.؟
هل الخلل بآليات إرسال الرسائل أم بسبب شح المواد وندرتها.؟
الوزارة تؤكد مراراً وتكراراً إن لديها مخزونا في مادتي السكر والرز يكفي لأكثر من عام، لكنها لم تقنعنا بسبب واحد حال دون وصولهما لملايين الأسر السورية قبل انتهاء شهر نيسان!
ما لفتنا ارتفاع أسعار الرز والسكر في الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة بعد العجز بإيصال المادتين إلى ملايين الأسر السورية في الوقت المحدد من جهة، واضطرار ملايين الأسر التي استلمت حصتها واستهلكتها في شهر شباط أو آذار إلى شراء المادتين من السوق الحر بفعل التأخر بتوزيع المادتين عن شهري أيار وحزيران.!
ولن نستغرب أن تعلن وزارة التجارة الداخلية قريباً عن توزيع مادتي السكر والرز عن ستة أشهر دفعة واحدة، مع الإعلان عن منح قروض بلا فوائد لتتمكن الأسر من شرائها دفعة واحدة!
بل لا نستبعد أن “تعلق” وزارة التجارة العمل ببيع المواد المدعومة إلى أجل غير مسمى بذريعة إعادة تقييم التجربة وتلافي الأخطاء.
تذكروا .. لقد حصل ذلك بعد انتهاء أمد القسائم الورقية ولم يصدر أي قرار بإصدار قسائم جديدة بذريعة تطويرها إلى الكترونية، مع وعد حكومي بأن تزيد كميات وعدد المواد المدعومة المباعة بسعر رمزي للأسرة السورية لتشمل الرز والسكر والزيت والبرغل والشاي والسمنة والعدس.. إلخ!
ولم ينفذ الوعد إلا بشكل محدود اقتصر على مادتين فقط مع خلل أو تقصير بتأمينهما شهرياً، أو مقدمة لإلغاء دعم أي مادة أساسية كما حصل في الأشهر الأخيرة برفع الدعم عن عدد من المواد بما فيها الشعبية، والمثال اختفاء الفروج عن موائد ملايين الأسر السورية!
السؤال: هل تعجز “السورية للتجارة” عن بيع مادتي السكر والرز في مواعيدها المحددة، وشهرياً بدلاً من كل شهرين أو ثلاثة أشهر؟
لدى المؤسسة 1418 منفذاً لبيع المواد الأساسية يضاف إليها 150 صالة ومركزاً للمؤسسة الاجتماعية العسكرية، أي المتاح فعلياً 1568 منفذاً باستثناء المنافذ الموجودة في جهات حكومية ونقابية سواء عمالية أو مهنية.. إلخ.
حسناً.. إذا افترضنا أن كل منفذ يتعامل مع 100 عملية بيع يومياً لمادتي السكر والرز، فهذا يعني الإمكانية لـ 156800 أسرة أن تشتري حصتها المدعومة يومياً، ولأكثر من 14 مليون أسرة خلال الأشهر الثلاثة المحددة لتوزيع المادتين!
وإذا أضفنا إمكانية عملية بيع السكر والرز في منافذ الجهات العامة والنقابية ومن خلال أسطول النقل المؤلف من217 شاحنة في الأحياء والأرياف البعيدة عن منافذ التوزيع ولو مرة واحدة في الأسبوع، فهذا يعني أن بيع المخصصات يمكن أن يُنجز خلال شهرين لا ثلاثة أشهر!
بالمختصر المفيد: إذا كانت المواد متوفرة، وتكفي لأكثر من عام، فهذا يعني إننا أمام خلل بل تقصير في آليات عمل “السورية” يستوجب المساءلة والمحاسبة، وبخاصة أن المستفيد الوحيد من هذا الخلل أو التقصير بضعة فاسدين متواطئين مع حفنة من محتكري استيراد مادتي السكر والرز!
علي عبود