دراساتصحيفة البعث

عمالة الأطفال.. بقعة سوداء في سجل حقوق الإنسان في أمريكا

تقرير إخباري

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في احتفال بيوم حقوق الإنسان في ولاية ديلاوير: “لا يمكننا فعل أي شيء سوى التحدث عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم لأن هذا هو ما نحن عليه”. لكن على الولايات المتحدة التي تتخذ من حقوق الإنسان ذريعة لاتهام الآخرين ومعاقبتهم، أن تراجع التاريخ المظلم لحقوق الإنسان، ولاسيما ما يتعلق بعمالة الأطفال.

من المعروف أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وطالما كانت إساءة استخدام عمالة الأطفال من القضايا التي طال أمدها في أمريكا. لقد أعربت منظمة العمل الدولية عن مخاوفها بشأن مشكلة عمالة الأطفال في الولايات المتحدة لسنوات، وحثت واشنطن على اتخاذ تدابير لمعالجة هذه القضية. ومع ذلك، لم تفعل الإدارات الامريكية المتعاقبة شيئاً للتصدي لها.

إن استخدام عمالة الأطفال ليس فقط دليلاً على انتهاك الولايات المتحدة الجسيم لحقوق العمال، ولكنه أيضاً دليل على معاييرها المزدوجة في مجال حقوق الإنسان، وجذور عمالة الأطفال في الولايات المتحدة عميقة وتعود إلى نظام العبودية الخاص بها، حيث كان الأطفال الصغار يستخدمون في كثير من الأحيان ليحلوا محل البالغين لتشغيل الآلات، وغالباً ما يعملون لمدة تصل إلى 10 إلى 12 ساعة يومياً في ظروف شديدة القسوة، ورغم ذلك لم تنته معاناة أطفال العمل بانتهاء نظام العبودية.

في عام 1842 أصدرت ولاية كونيتيكت قانوناً ينص على عدم السماح لأي طفل دون سن 14 عاماً بالعمل أكثر من 12 ساعة في اليوم. وفي عام 1848، أمرت ولاية بنسلفانيا بعدم السماح لأي طفل أقل من 12 عاماً بالعمل في المصانع عالية المخاطر والشدة، لكن هذه القوانين، التي تبدو وكأنها تحمي عمالة الأطفال، قدمت واقعياً الإذن للرأسماليين لاستغلال عمالة الأطفال بطريقة قانونية!.

فقد تم توثيق أن طفلاً يبلغ من العمر ثماني سنوات أُجبر على تنظيف مدخنة بالكاد مطفأة في مصنع للبيرة، ولكن للأسف، كان هذا الطفل الصغير المسكين عالقاً في المدخنة ولم يتم العثور عليه حتى احترق بالكامل. ولم يتغير الأمر مع توقيع الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1938 على قانون معايير العمل، إذ لا يمكن إخفاء التاريخ المظلم لعمالة الأطفال في أمريكا. فقد أكدت التقارير أن الأطفال العاملين في مزارع التبغ عانوا بشكل عام من الغثيان والصداع، وظهرت عليهم أعراض تسمّم بالنيكوتين، وتمّ تشخيص إصابة البعض بالتهابات في الرئة. وتظلّ مشكلة عمالة الأطفال في صناعة الزراعة الأمريكية مروعة أكثر. ووفقاً لبعض التقارير، ينخرط ما يقرب من نصف مليون طفل في الولايات المتحدة في نوع من العمل الزراعي.

إن مشكلة عمالة الأطفال تمثل بقعة سوداء في سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، يذكر العالم بالظل الخفي لما يُسمّى بـ”منارة الديمقراطية”، ونهجها بمكيالين تجاه حقوق الإنسان.

عناية ناصر