زراعة طرطوس.. تحديات صعبة والخسائر تدفع الفلاح للبحث عن مصدر رزق آخر!
في الوقت الذي يعدّ فيه سهل عكار الغني بالأراضي الزراعية الخصبة وما تؤمنه من محاصيل صيفية مروية وشتوية محمية، بمنزلة “كنز غذائي”، إلا أن الفلاح في هذا السهل يعاني ما يعانيه من ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية وانخفاض هامش الربح، ما يضع الجهات المعنية على محك الاشتغال على استثماره بشكل أمثل والارتقاء به إلى ليكون “منطقة إنتاج زراعي استراتيجية بامتياز” تزود السوق السورية بالخضار والفواكه، عبر تأمين كل مستلزمات البنية الإنتاجية.
يقول عدد من فلاحي عكار أن المشكلة الأساسية تتمثل بغلاء البذار وعدم توفر البذار الأجنبي الهجين، وغلاء الأسمدة الكيميائية والسماد العضوي (الدجاج، الأغنام، الأبقار) بشكل كبير مقارنة مع السنوات الماضية، وعدم توفر المحروقات، ما أدى لغلاء أجور نقل المواد وزيادة أسعار المواد المنتجة، كما أن عدم توفر الأسمدة وبيعها بسعر التكلفة من قبل المصرف الزراعي أدى إلى زيادة أسعارها عشرات الأضعاف وبأرقام غير مسبوقة، إضافة إلى أن المزارع ليس لديه القدرة لشراء الأسمدة اللازمة للموسم الزراعي، فتم تخفيض كمية السماد بما يناسب كل مادة أو صنف زراعي، وأدت هذه الأسباب إلى زيادة التكلفة وقلة إنتاجية الفلاح مقارنة مع السنوات السابقة، كما أن تكلتفة جني المحصول مرتفعة، بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة والعبوات (ستريوبور) بشكل كبير، ويقابل ذلك انخفاض أسعار البيع مع بدء الإنتاج كما حصل مع موسم البندورة التي بدأت أسعارها بـ ٩٠٠ ليرة للكغ وتراجعها إلى ٣٠٠ ليرة علما أن تكلفة الكيلو ٧٠٠ ليرة.
إذاً، نحن أمام واقع ينذر بانصرافِ مزارعي سهل عكار عن الزراعة والبحث عن مصدر رزق آخر، أو اللجوء للاستلاف لمتابعة أعمالهم الزراعية .!.
أكلاف متبدلة
يبين مزارعون أن أغلب الزراعات المحمية (بندورة، باذنجان، فليفلة..) لا يمكن تحديد تكلفة عامة للبيت المحمي الواحد الخاص بها، لأنها التكلفة آنية وتتغير مع تغير أسعار مستلزمات الزراعة، فرول النايلون الذي يكفي لبيت واحد وصل إلى ٩٠٠ ألف ليرة، بعد كان سعره ٤٥٠ ألف ليرة، إضافة إلى أن أسعار رولات التنقيط والعبوات وغيرها من الأدوية زادت أكثر من عشرة أضعاف، يضاف لكل ذلك مخاطر الطقس والمناخ التي تهدد كل موسم.
وتساءل المزارعون عن تراجع بل غياب دور الشركة الأهلية للصناعات المطاطية التي تقوم بتصنيع رولات النايلون أمام شركات القطاع الخاص، وطالبوا بضرورة وجود دراسة لتأمين مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة وأدوية زراعية عن طريق الدولة بأسعار مدعومة وأن يأخذ اتحاد الفلاحين دوره في هذا المجال كما كان سابقاً، وأن يكون هناك نافذة للبيع من قبل الدولة على أن تتوفر كافة الأصناف فيها مع توفر بذار محلية منافسة من قبل الشركة العامة لإكثار البذار أو البحوث العلمية الزراعية المنتشرة في جميع المراكز السورية، متسائلين لماذا لا يتم إنتاج بذار محلي منافس للبذار الأجنبي، خاصة مع وجود خبرات هائلة في هذه المراكز وإن كان لابد من الاستيراد.. لماذا لا يتم ذلك عن طريق الحكومة من خلال اللجان المعنية وتقديمها بسعر رمزي..؟
ولماذا لا يكون هناك رقابة على تاجر المفرق وإلزامه بفاتورة نظامية من سوق الجملة، بحيث يتقاضى هامش ربح لا يتعدى 20%، وذلك بسبب وجود فروق كبيرة تصل إلى ١٠٠% بين الفلاح وتاجر المفرق؟
زراعي الصفصافة…
أحمد ديب مدير المصرف الزراعي في الصفصافة أكد أن أسعار الأسمدة زادت حوالي أربعة أضعاف أو أكثر وبعد رفع الدعم عن الأسمدة والبيع بسعر الكلفة أصبحت أسعارها مضاعفة، وحول آلية الدعم بين أن صندوق الدعم هو المسؤول ويتم تيسير أمور الفلاح من قبل المصرف من خلال القروض القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل، ولفت إلى أنه تم دعم الفلاحين بمبالغ نقدية للبيوت المحمية في الصفصافة، وهناك مناطق أخرى تقدم دعماً لمحاصيل أخرى، ويمكن تخفيف النفقات على الفلاح لكن لا يمكن تغطيتها جميعها.!؟
أغلى من السوق.؟!
رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمود ميهوب قال: إن الاتحاد يعمل جاهداً لتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي للفلاحين خصوصاً الأسمدة بكافة أنواعها من خلال المراسلات الرسمية سواء للاتحاد العام للفلاحين أو للمحافظة أو فرع الحزب، ويعمل على تسويق المحاصيل الزراعية ( حمضيات، تفاح، بطاطا ..) للسورية للتجارة ويتم مخاطبة الاتحاد العام للفلاحين والجهات المعنية في المحافظة بالمعوقات التي تعترض سير عملية التسويق، وبين أن الاتحاد لا يقوم بتأمين البذار وإنما يطالب بتأمينها عن طريق المؤسسات المعنية ( إكثار البذار).!؟
كما عمل الاتحاد على تأمين رقائق البلاستيك من المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية ( الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية البلاستيكية)، لكن الشركة قامت برفع أسعارها أكثر من السوق المحلية وتم مخاطبة الاتحاد العام الفلاحين من أجل تخفيض الأسعار حرصاً على مصلحة الفلاحين، وأكد أنه سيتم مخاطبة الحكومة لإعادة النظر بأسعار الأسمدة وتخفيضها أو دعم الفلاح من خلال الإنتاج، وأوضح أنه من الضروري تأمين سوق تصريف داخلية وخارجية للمحاصيل الزراعية وإعطاءها التسهيلات، وقيام السورية للتجارة بأخذ دورها كاملاً في العملية التسويقية، وعدم استيراد المنتجات الزراعية من خارج القطر أثناء ذروة الإنتاج في المحافظة، وتأمين الأسمدة بكافة أنواعها مع العمل على تخفيض أسعارها.
رشا سليمان