مجلة البعث الأسبوعية

أعضاء وفد المؤتمر القومي الإسلامي لـ “البعث الأسبوعي”: صمود سورية ومحور المقاومة شكل رافعة لإعادة التأكيد على الهوية العربية

“البعث الأسبوعية” ــ سنان حسن ــ ريناس إبراهيم

استقبل السيد الرئيس بشار الأسد، يوم الاثنين، وفداً من المؤتمر القومي الإسلامي يضم رؤساء أحزابٍ ونواباً وشخصياتٍ سياسيةٍ ونقابيةٍ من عددٍ من الدول العربية والإسلامية.

ودار الحديث خلال اللقاء حول فكرة القومية العربية والهوية والانتماء، حيث تم التأكيد على أن ما حصل مؤخراً في غزة، والانتصار الذي تحقق هناك وتحرّك الشعب الفلسطيني في جميع المناطق، وتحرّك الشعب العربي وتفاعله مع هذا الحدث أثبت أنه، وعلى الرغم من كل المخططات التي تم تحضيرها وتسويقها للمنطقة العربية وبمختلف المسميات، فإن الشعب العربي في كل أقطاره ما زال متمسكاً بعقيدته وبهويته وانتمائه.

كما تناول الحديث أهمية التوجه إلى الشباب، وضرورة التجديد في اللغة التي يتم تقديم فكرة القومية بها للأجيال الشابة.

واعتبر الرئيس الأسد أن فكرة القومية بمعناها الأساسي والجوهري هي فكرة انتماء، وأنه يجب عدم تقديم الفكرة القومية في الإطار النظري العقائدي المجرد، وإنّما يجب أن تكون هذه الفكرة مبنية على الحقائق، وأن يتم الربط بين الأفكار المبدئية والعقائدية وبين مصالح الشعوب، مشيراً إلى أن التحدي الذي يواجه النخب الفكرية العربية هو إقناع الناس بأن هناك علاقةً مباشرةً بين الانتماء والمصلحة، وأن الحالات التقسيمية أو الانعزالية أو الطائفية إذا حصلت في دولة عربية، فإنها ستنتقل إلى الدول الأخرى، وبالتالي لا يمكن أن ننظر إلى الدول العربية إلا كساحة قومية واحدة.

وأكدّ أعضاء الوفد أن صمود الشعب السوري وثباته في وجه كل ما تعرّض له خلال السنوات الماضية أعاد الاعتبار للمشروع القومي، وأن سورية دفعت ولا تزال ثمن مواقفها القومية ودعمها للمقاومة وتصديها للمخططات والمشاريع في المنطقة، معتبرين أن من حق سورية على كل الشعوب العربية والإسلامية وكل القوى الحرة في العالم أن تقف إلى جانبها لأن الدفاع عن سورية هو دفاع عن النفس وعن المصير والمستقبل، ولأن الانتصارات التي حصلت في لبنان أو في فلسطين لم تكن لتحصل لولا صمود الشعب السوري.

كما توجّهوا بالتهنئة للشعب السوري على النجاح في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، معتبرين أنه أظهر عبر هذا الاستحقاق روح التحدي الذي تمكن خلاله من الصمود والثبات، وبرهن على أن الحرب الإرهابية والاقتصادية التي تعرض لها لم تتمكن من كسر إرادته الحرة وقراره المستقل.

وبعيد اللقاء التقت “البعث الأسبوعية” عدداً من أعضاء الوفد:

 

التكامل بين قوى المقاومة

أمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح، أوضح أن الوفد أتى لعدة أهداف إلى دمشق، وأولها تهنئة الرئيس الأسد بالانتصارات التي تحققت، وآخرها الاستحقاق الرئاسي، والتي أتت تزامناً مع ذكرى النصر والتحرير في لبنان، تلك الذكرى التي فتحت صفحة جديدة من الصراع مع العدو الصهيوني وأسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وحلت محلها “الشعب الذي لا يقهر”، وأضاف: إن سورية دعمت واحتضنت قوى المقاومة ولذا كان واجباً علينا تهنئة الشعب السوري والقائد الأسد، فقد اختار الشعب ممثله ورئيسه، ومن يقف إلى جانب شعبه ويدافع عن مصالح هذا الشعب ويمنع سقوط هذه القلعة الحصينة، قلعة الصمود والتحدي، يستحق أن يكون رئيساً للأمة جمعاء وليس فقط الجمهورية العربية السورية، معتبراً أن اختيار الرئيس الأسد يساهم في ترسيخ عملية المواجهة والصمود في المنطقة.

وأشار إلى أن العروبة أصابها خدوش وجروح عميقة، خاصة أن الجماهير والشعوب خلطت بين العروبة من جهة، ومواقف بعض الأنظمة العربية من جهة أخرى، وبمقابل ذلك أكدنا ضرورة استنهاض المشروع القومي العربي، واعتبرنا أن الانتصارات التي حققتها سورية ساهمت في ترسيخ هذا المفهوم باعتبار أن الفكر القومي هو الفكر الجامع والتساند القومي ووحدة محور المقاومة هي التي أهلت الشعوب أن تنتصر، مبيناً أن التجربة الأخيرة أثبتت ذلك عندما دعمت جميع الدول الشعب الفلسطيني وعندما توحّد الشعب الفلسطيني في كل الأراضي، وأمن ذلك نوع من المواجهة الجدية ليس للمرة الأولى وإنما مواجهة استثنائية أوقعت العدو الصهيوني في مأزق.

وبين قاسم أهمية التكامل بين قوى المقاومة، وطرح فكرة القدس تساوي حرباً إقليمية، وهذا يعني أن هناك وحدة موقف قوى المقاومة يتعزّز يوماً بعد يوم، وهذا الواحد هو الذي يردع الأعداء من ممارسة عدوانهم على الشعوب، واعتبر أن ما أنجز في سوية أمر هام أدى لتحرير الجزء الأكبر من الأراضي السورية، وهناك مهمة كبرى فعلى الأحرار في جميع الأقطار العربية أن يستمروا في مواجهة الإرهاب التكفيري والاحتلال التركي والأمريكي، والذي يهدف لتقسيم هذه البلاد، مشيراً إلى أن سورية دفعت ثمن وقوفها إلى جانب قضايا العرب، وفرضت عليها الحرب لأنها تمسكت بالقضية الفلسطينية.

 

ثورة أخلاقية وثقافية

من جانبها قالت الرئيسة الفخرية لحزب التيار الشعبي في تونس مباركة البراهمي: إن سورية في طور الخروج من حرب طاحنة، وتحتاج كل طاقاتها ولاسيما من الشباب، فهم ركيزة المستقبل وهم من يتعاطون بالتكنولوجيا والأدوات الحديثة ووسائل التواصل، وبالتالي هم يحددون توجهات المجتمع، ما يعني أنه أصبح لزاماً على الدول العربية أن تدفع باتجاه هذا المجال وتمتلك معارفه ونقاط قوته.

وبينت البراهمي أن دولنا الآن لا تخرج فقط من حرب عسكرية وإنما من حروب عدة نفسية وأخلاقية وقيمية، ولاسيما في تونس حيث حاول “الإخوان المسلمون” تقسيم البلاد على أساس طائفي واثني وفككوا كل مفاصل الدولة وعملوا على إسقاط قيم الأخلاق والوفاء، مؤكدة على أنه أصبح لزاماً أن تقوم ثورة أخلاقية وثقافية إلى جانب الثورة السياسية والاقتصادية والتي سيقودها الشباب بشكل أساسي، منوهة بدور المرأة العربية في العملية السياسية وريادتها في كافة الميادين.

 

الحفاظ على الهوية

جمال زهران أمين عام الجمعية العربية للعلوم السياسيّة ونائب سابق بالبرلمان المصري، قال: في الحقيقة إن فكرة القومية العربية مرتبطة بفكرة الهوية، وهنا البحث والعمل كيف نخاطب الآخرين بهويتنا؟، فهم يحاولوا أن يسلخونا عن هويتنا فكيف نحافظ على هويتنا، وأضاف: كقومي عربي لابد أن نحافظ على اللغة العربية وننشرها لأنها آلية من آليات الحفاظ على هويتنا.. لسان واحد يتحدّث فيه 400 مليون نسمة، وبالتالي هذا اللسان جدير بالمحافظ عليه، مبيناً ضرورة نشر فكرة القومية العربية على أوسع الأبواب كلاً في مجاله.. وشدد على أهمية الاستثمار في الأدوات التكنولوجية المتاحة في تطوير خطابنا وإيصاله إلى من نريد فيجب استغلال هذه الأداة لنشر فكرنا القومي العروبي على أكبر نطاق واسع ونتصدى للحملات التي تحاول أن تسلخنا عن هويتنا..

وعن آليات جذب الشباب، بيّن زهران ضرورة ربط الفكرة العربية بالمصلحة، بحيث يشعر الشباب أن أمنهم واستقراهم وحاضرهم ومستقبلهم رهن بالقومية العروبية، فإذا كنت محافظاً على عروبتك وقوميتك فأنت حافظت على هويتك. ومن هنا لابد من تحفيز الشباب عبر ربط فكرة القومية العربية بالمصالح، من وظائف عامة وتشبيك سياسي وخدمي واجتماعي وتعزيز ثقافة المشاركة والحوار والوعي.. وأضاف: نحن نحافظ على استمرارية القومية من بوابة الشباب، فهم الهدف والعنوان والوسيلة، ويجب أن ننتقل نقلة كبيرة عن طريق تعميق فكرة الهوية لدى الشباب، وأردف: كما يجب أن نعمل على فكرة مواجهة محالات الطمس التي تتعرّض لها هويتنا من خلال المواجهة أيضاً، فكما قال الزعيم جمال عبد الناصر “يداً تبني يداً تحمل السلاح”.. يداً تتصدى للفكر العمدي بالطمس الهوية والعربية والفكر القومي ويداً تقوم في غرس الفكر القومي في نفوس الشباب.

 

شعوب العروبة الحقيقية

علي المحطوري قيادي في أنصار الله، قال: صمود سورية واليمن شكل رافعة لإعادة التأكيد على الهوية العربية والانتماء العربي والثوابت والمبادئ الراسخة من استقلال الأمة العربية وتحرير فلسطين وتحرير القرار الرسمي العربي من التبعية للهيمنة الغربية، وأضاف: ما أنتجته هذه العشرية الدموية هو أننا اكتشفنا أن هناك مظلومية واحدة في سورية واليمن، فنفس التهم التي وجهت إلى سورية هي ذاتها التي وجهت إلى الشعب اليمني، والمفارقة أن هذه الشعوب هي الشعوب الأصيلة، وهي شعوب العروبة الحقيقة، والتهم آتية ممن يدور في الفلك الأمريكي والإسرائيلي، وبين أن من إيجابية هذه الحرب، على الرغم من دمويتها، أنها أظهرت للعالم العربي أنه يحب التلاقي والتكامل مع محور المقاومة وتوطيد عرى العروبة مع الشعوب العربية، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الرئيسية، وإليها تتوجّه القلوب.

 

لقاء مفكر

الدكتور حسن موسى الحزب العربي الناصري في مصر، قال: دمشق قلب العروبة النابض، فالموجود في سورية يشعر وكأنه في بلده، موضحاً أن اللقاء مع الرئيس الأسد كان مميزاً، ويختلف عن كل اللقاءات السابقة، لقاؤنا كان مع مفكر لم يترك أي نقطة إلا وعلّق عليها، ولاسيما في الأطروحات التي قدمت في مسألة العروبة والهوية، وبيّن أن القومية في الوطن العربي هي هوية حضارية، وانتماء ثقافي وممارسة، والإسلام جزء من العروبة بإطاره الثقافي، وأضاف: العرب بتنوع انتماءاتهم هم من يحملون على عاتقهم مهمة مقاومة التطبيع وإنهاء الاحتلال في فلسطين، وبالمقابل من حق العربي أن يتمتع بحق التنقل والعمل في الوطن العربي، وهكذا يشعر العربي أن العروبة إضافة له وليست أمراً سلبياً أو عبئاً عليه.

وأشار إلى دور النخب الثقافية في التوجّه للشباب وتنشئة الأجيال الشابة، من خلال إقامة المخيمات ورحلات التعريف بين الشباب العربي، وهذا يتطلب جهوداً حثيثة، إضافة إلى التعرف على مشكلات الوطن العربي.

 

العروبة رابط ثقافي بين الغرب والشرق

أحمد ويحمة رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ودعم المقاومة أكد أن العروبة رابط ثقافي يجمع المغرب العربي بالمشرق، لا يمكن النيل منه مهما حاولت القوى الاستعمارية، وشدد على أهمية النقد والمراجعة لفهمنا للقومية، وبذلك نضمن لها أن تبقى وتنتصر في النهاية، وأضاف أن الدول الغربية تخشى على نفسها أن تتوفّر في هذه المنطقة القيادة الحكيمة، فكل مقومات الوحدة موجودة من لغة وتاريخ وثقافة مشتركة، والآن توافرت القيادة الحكيمة فاهتزت أركان تلك الدول، وأشار إلى أن الوصية الأساسية التي تعمل على أساسها تلك الدول المعادية لوطننا العربي أنه يجب تقسيم هذه الدول ومنعها من الوحدة، والثانية زرع جسم غريب عن هذه الحضارة يكون عدوا لمحيطه ورهن الإشارة الغربية وهو الكيان الصهيوني، إضافة إلى إشعال الفتن الطائفية والنعرات الاثنية وتغذيتها، وأخيراً منع التكنولوجيا والمعرفة الحديثة من أن تنتشر في هذا المنطقة خوفاً من تطورها وكذلك قتل واغتيال العلماء.