بوتين وبايدن وجهاً لوجه.. قضايا شائكة
البعث- تقرير إخباري
انطلقت في مدينة جنيف السويسرية أعمال القمة بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، في محاولة لتخفيف الخلافات بين البلدين بشأن الأسلحة النووية والأمن السيبراني، وغيرها من الملفات الشائكة.
وتنعقد القمة في ظروف تمر فيها علاقات البلدين بأسوأ مراحلها، حسب مسؤولين روس وأميركيين. وسيبحث الجانبان قضايا عدة على رأسها الأمن السيبراني، وملفات أمنية وسياسية واقتصادية متنوّعة، هي محل خلاف بين موسكو وواشنطن.
وفي مقابلة مع قناة “إن. بي. سي” الأميركية، قال بوتين: إنه يأمل أن يكون الرئيس الديمقراطي أقل انفعالاً من سلفه الجمهوري، لكنه انتهز الفرصة أيضاً ليؤكّد أن دونالد ترامب رجل “موهوب”، وأضاف: إن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا في أدنى مستوياتها خلال السنوات الأخيرة، وأردف: إن بايدن -بوصفه سياسياً محترفاً- “مختلف بصورة جذرية” عن ترامب.
وفي مستهل اللقاء، عبّر الرئيس الروسي عن أمله أن تكون قمته مع الرئيس الأمريكي مثمرة، بينما قال بايدن: إن اللقاء وجهاً لوجه هو السبيل الأفضل دائماً.
وفي وقت سابق، تعهّد بايدن بتحديد ما وصفها بالخطوط الحمر لنظيره الروسي، لافتاً إلى أن بلاده لا تسعى إلى المواجهة مع روسيا، لكنها سترد إذا تعرضت لأي ضرر منها، حسب تعبيره.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الخطاب الأميركي بشأن ردع روسيا وجعلها تدفع ثمن تصرفاتها، لن يُلقي بظلال إيجابية على القمة في جنيف، فيما قال مسؤول بارز في إدارة بايدن إنه لا يتوقّع نتائج كبيرة من أول قمة للرئيسين.
وحاول بايدن إبراز التناقض مع تقلبات سلفه الجمهوري دونالد ترامب وغموضه. ووعد بإخبار الرئيس الروسي ما هي “خطوطه الحمر”، وقال في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل: “نحن لا نسعى إلى نزاع مع روسيا، لكننا سنرد إذا واصلت روسيا أنشطتها”، حسب تعبيره.
وكان البيت الأبيض قد قال إن الرئيس الأميركي سيثير مسألة الهجمات الإلكترونية التي تستخدم برمجيات خبيثة لطلب فدية انطلاقاً من روسيا خلال القمة المرتقبة، فيما قال بوتين: “إذا اتفقنا على تسليم المجرمين، فإن روسيا ستفعل ذلك بالطبع.. لكن فقط إذا وافق الطرف الآخر، الولايات المتحدة في هذه الحالة، على الشيء نفسه وسلّم المجرمين المعنيين لروسيا الاتحادية”.
وكانت المدينة السويسرية استضافت أول لقاء مباشر بين رونالد ريغن وميخائيل غورباتشوف في 1985، العام الذي شهد بداية ذوبان الجليد في الحرب الباردة.
ورداً على سؤال عند وصوله إلى جنيف عن شعوره قبل القمة، التي سيتابعه خلالها العالم بدقة، قال بايدن: “أنا مستعد دائماً”.
وسيلتقي رئيسا الدولتين في فيلا لاغرانج، المبنى الذي يعود إلى القرن الـ18 ويقع في قلب المدينة مع منتزه بإطلالة خلابة على بحيرة جنيف.
ويتوقّع أن تستمر المحادثات التي ستبدأ عند الساعة 11 بتوقيت غرينتش، ما بين 4 و5 ساعات.
وبحسب البرنامج، سيعقد لقاء مصغر يجمع الرئيسين الأميركي والروسي ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن وسيرغي لافروف، ثم جلسة عمل موسّعة.
ويؤمن الكثير من المعلقين الأميركيين أن بلادهم ليس لديها خيار آخر سوى الدخول في علاقات بنّاءة مع روسيا. وقد طرحت موسكو أفكاراً تتعلق بنزع الأسلحة النووية، ومواجهة جائحة “كوفيد-19″، وتغيّر المناخ كمجالات ممكنة للدولتين التعاون فيها. ومن شأن رفض التعاون في هذه القضايا أن يقوّض فكرة السياسة الخارجية الأميركية المبنية على المبادئ والمسؤولية العالمية.
من جانبها، قالت مديرة مركز الدراسات الأوروبية في جامعة جورجتاون، أنجيلا ستينت، للإذاعة العامة الأميركية “إنه اجتماع مهم جداً، نعلم أنه عند نهاية فترة حكم ترامب كانت العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا أسوأ مما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه على الرغم من كل محاولاته لتحسينها. وكنا حقا في وضع وصلنا فيه إلى الحضيض في العلاقات بين موسكو وواشنطن”.
ولن تقتصر القمة على مواضيع محددة، ومن المخطط مناقشة مجموعة متنوّعة من القضايا، مثل ضمان الاستقرار الاستراتيجي، والوباء، ومكافحة جرائم الإنترنت، والتعاون الاقتصادي، والمناخ، والقطب الشمالي، علاوة عن قضايا دولية تشمل سورية وليبيا وأفغانستان وقره باغ وأوكرانيا وبيلاروس بعد حادثة هبوط الطائرة.
وكان سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قد صرّح بأن وضع الخطوط العريضة للعمل بشأن قضايا الحد من التسلح سيكون إنجازاً مهماً لاجتماع القائدين.
ومن الممكن أيضاً أن يناقش بوتين وبايدن مسألة تبادل السجناء، وكان الرئيس الروسي قد صرّح في وقت سابق بأنه مستعد لبحث هذه المسألة، التي لم يثرها الجانب الأمريكي بعد. ومن المتوقع كذلك أن يثير بايدن قضية أليكسي نافالني، (المواطن الروسي) الذي أدين ويقضي عقوبته في روسيا، كما يمكن لقادة روسيا والولايات المتحدة مناقشة استئناف إصدار التأشيرات، واستئناف عمل البعثات الدبلوماسية للبلدين.
وحسب نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، فإن روسيا مستعدة للنظر مع الولايات المتحدة في أي خيارات لتطبيع عمل البعثات الدبلوماسية، بما في ذلك العمل بالتدريج خطوة بخطوة، لكن موسكو تفضل أن يتم الرفع التام المتبادل لجميع الإجراءات التقييدية.
ولا يستبعد أيضاً أن يعود سفيرا البلدين إلى أعمالهما بعد القمة الروسية الأمريكية، وكان جرى استدعاؤهما في وقت سابق إلى موسكو وواشنطن للتشاور.
يشار إلى أن الإدارة الرئاسية الروسية تحدثت مراراً، كما رئيسها ذاته، عن عدم توقّع حصول اختراقات في العلاقات الثنائية في هذه القمة، ويحتفظ الأمريكيون بنفس التوقعات، علاوة عن أن الرئيس جو بايدن كان قد صرّح في وقت سابق بأنه سيجري حواراً مع نظيره الروسي “من موقع القوة”.