الأمل بالإبداع يشع من معرض ربيع حلب التشكيلي
حلب – غالية خوجة
احتفت صالة الأسد للفنون الجميلة بحلب بمعرض تشكيلي جماعي بعنوان “الأمل بالإبداع- معرض ربيع حلب 2021″، احتفاء بفوز السيد الرئيس بشار الأسد في انتخابات رئاسة الجمهورية العربية السورية، أقامه فرع حلب لاتحاد الفنانين التشكيليين، وشارك فيه 34 فناناً تشكيلياً، تنوّعت أعمالهم المعروضة بين المنحوتات والمجسمات، وفن البورتريه، والتراث، والخط، والطبيعة، والحالات الإنسانية والمذاهب الفنية المختلفة مثل الصوفية، والرومانسية، والواقعية، والسوريالية، والكولاّجية، والفلكلورية، والانطباعية، والسحرية.
والملفت أن حالة كلّ من الفنان المشارك والفنانة المشاركة، لم تقتصر على الحالة الخاصة، بل عكست الأعمال حالة الألم والمعاناة الإنسانية في وطننا الحبيب سورية، مقابل “الأمل” و”التفاؤل” بعد العشرية والانتصار على الحرب الكونية الإرهابية. وضمن هذا البعد، نستشفّ العديد من الأعمال الخارجة إلى تكويناتها الجوانية الجديدة، ومنها لوحة “الصرخة” للتشكيلي إبراهيم داود رئيس لجنة المعارض لاتحاد التشكيليين- فرع حلب، العاكسة لصوت يخترق البورتريه إلى مسامع الحضور داخل الصالة وخارجها وتردّده الأشجار القريبة والبعيدة، وهذه الصرخة لا تعبّر فقط عن الحرائق والرماد والظلمات الداخلية لشخصية اللوحة المؤنثة فقط، بل تحمل المتناقضات بصمتها الصارخ، ليصل إلى أعلى اللوحة بهيئة ضوء سماوي بين تدرجات الأشعة والضوء والألوان، إضافة إلى الأمل المشعّ من عينيها بهيئة التحدي وتجاوز الحرائق والقلق والتوتر إلى ضوء آخر من الأمل والانتصار. وتقترب لوحة الفنانة آلاء عليوي من التألم بالصمت والتأمل، وما تخبئه ألوان البورتريه كالبنفسجي وتدرجاته، والأخضر وتدرجاته، والأزرق وتدرجاته، والأبيض المضاء بالحالة النفسية الكاشفة عن ألم مختزل لا يخلو من الأمل المنطلق من شعاع العينين الباكيتين، وتدرجات نظرتهما إلى هدف لا بد أن يتوقعه المتلقي. ويأخذنا التشكيلي بشار برازي إلى عوالم أقرب إلى السوريالية مع ألوانه المتصارعة درامياً من خلال تشكيلات البرتقالي والأزرق وتدرجاتهما، واشتباكاتهما مع الألوان الأخرى، وخطوطها وأشكالها العفوية والهندسية وحروفها الغائمة والرمزية، مؤكداً على إشراقة الشمس من أنفسنا وبيئتنا بعد ليل طويل. بينما تخبرنا لوحة التشكيلي محسن خانجي عن “الأمل” من خلال شخصيتها “الدرويش” السابح في السماء مع قاربه المتشكل من ثوبه، وروحه، وحالته الداخلية المنتثرة بين رموز اللوحة مثل الزمردة الزرقاء الدالّة على السماء والطمأنينة والصفاء والنقاء، وهي ذاتها ما تعكسها أفكار الدرويش من خلال إغماضة عينيه، وحركة يديه، وسلامه الداخلي المضاء بنورين: نور الباطن ونور الخالق، وتبدو الحركة الإبداعية، ورغم سكونها، غير ساكنة، لأنها تتحرك ما بين انعكاسات الضوء وظلاله الملوّنة. وتحكي لنا لوحة الفنان عصام حتيتو عن الجموع البشرية وهي تدخل من بوابة مقنطرة، وكأن المجهول المحيط بالجموع والمكان ينتظر في كل نقطة من نقاط اللوحة العابرة مع ظلالها وحرارة الشمس لحكاية ما، في مكان ما، لا يغادره الألم والأمل. وتختار الفنانة نجلاء دالاتي كولاجاً مكانياً رمزياً عاكساً لهوية الحضارة السورية ونسيجها المتكامل، من خلال ما يجمعه من المعالم الرمزية لسورية مثل قلعة حلب، الجامع الأموي بدمشق، آثار تدمر، الأسواق القديمة، لتضمّها مع طائر الفينيق السوري المحلق، الصامد، المنتصر، المتجدّد، المحتفل بحضوره عبْر الأزمنة والأمكنة. وبدورها، عكست منحوتة “لا إله إلاّ الله” للفنان عبد القادر منافيخي، دلالات عميقة التأويل والتشكيل، لتكون رداً فنياً على الظلاميين وشعاراتهم وخزيهم وخياناتهم، مؤكدة، وبثقة، أن الحجارة في سوريتنا الحبيبة تشعّ بالانتصار والآتي.
أعمال المعرض الجماعي في ربيع حلب الفني التشكيلي تمنح المتلقي قراءات متعدّدة، يضمها العنوان “الأمل بالإبداع”، وينشرها على المنحوتات والمجسمات واللوحات، لتقرأنا أيضاً بألوانها وتشكّلاتها وإيحاءاتها الزاخرة بموسيقا الصمود والتحدي والانتصار والبناء، مؤكدة على جماليات المستقبل وهي تطلّ من معرض صار عمره 60 شمعة وآلاف اللوحات، من خلال أعمال الفنانات والفنانين المعروضة في هذه الدورة: يوسف عقيل، حنيف حمو، وارتكس برسوميان، روجين محمد، محمود الساجر، غسان سعيد، خلدون الأحمد، جوزيف كبابه، د. زاهر محمد عيروض، صلاح الدين الخالدي، بسام بيضون، عبد القادر منافيخي، عهد القطان، ماهر لباد، منال خوام، بثينة عرابي، نجلاء دالاتي، باسل أحمد، أصلان معمو، آلاء عليوي، بشار برازي، شكران بلال، أحمد قاسم، تيسير قواف، لوسي مقصود، إبراهيم برهان عيسى، إبراهيم داود، محسن خانجي، ليديا هدايه، جبران هدايه، هوري سلوفجكيان، صلاح الخالدي، عصام حتيتو، فيصل تركماني.