انطلاق مؤتمر الإصلاح الإداري.. “إدارة فعالة نحو مؤسسات ديناميكية”
انطلقت صباح اليوم فعاليات مؤتمر الإصلاح الإداري، الذي تعقده وزارة التنمية الادارية، والذي ويجمع لأول مرّة مختلف الوزارات، تحت شعار “إدارة فعّالة نحو مؤسسات ديناميكية”، وذلك في قصر المؤتمرات.
ويهدف المؤتمر للبحث في الاشكاليات المشتركة بين كل الوزارات على مستوى البنية التنظيمية والموارد البشرية العاملة فيها واقتراح كيفية معالجتها ويعرض نتائج مشروع الاصلاح الإداري ووضعها على طاولة مختلف الوزارات لإصدار التوصيات النهائية واقرار الهياكل التنظيمية لها واعتماد خارطة الموارد البشرية والشواغر الوظيفية في سورية.
إنجاز بأياد وخبرات وطنية ويكسر أطواق الحصار على سورية
رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس قال في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر: نتابع اليوم الخطوات التنفيذية لمشروع الإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد رئيس الجمهورية بهدف تطوير عمل المؤسسات وتعزيز قدراتها في حمل سياسات ورسالات الدولة وتحقيق أهدافها وخططها في التنمية المستدامة والشاملة، لافتاً إلى أن إطلاق مشروع الإصلاح الإداري جاء في لحظة حساسة تحمل الدولة فيها السلاح بيد لتدافع عن كيانها ضد الإرهاب وداعميه، وتضع يدها الأخرى على مؤسساتها في تصميم واضح على الفصل بين ضعف الأداء الناتج عن عوامل موضوعية خارجة الإرادة والبنية الداخلية المترهلة لدى بعض الجهات العامة التي تتطلب الإصلاح.
القطاع العام خيار استراتيجي
وأضاف المهندس عرنوس: أثبت القطاع العام خلال الحرب الوجودية أنه خيار استراتيجي وحكيم ورائد لتحقيق الأهداف التنموية الاقتصادية والاجتماعية كما أثبت هذا القطاع قدرة وكفاءة عاليتين في مواجهة أعتى الحروب الاقتصادية، لافتاً إلى أن مشروع الإصلاح الإداري هو مراجعة نقدية ذاتية لواقع البنية الادارية والتنظيمية للجهات العامة في سبيل جعلها أكثر مرونة وكفاءة وتنافسية وإنتاجية.
وبين المهندس عرنوس أن مشروع الإصلاح الإداري على المستوى الفني استند إلى دعامتين أساسيتين هما مراجعة البنية والهيكلية الإدارية والتنظيمية للجهات العامة وتعديلها بما يتوافق مع المهام والأدوار الأساسية لهذه الجهات وإعادة توزيع القوى والموارد البشرية لدى الجهات العامة على مراكز العمل على أسس المؤهلات وتقسيم العمل والتخصص والتوصيف الوظيفي، مشيراً إلى موجبات وصعوبات الإصلاح الإداري ومقاومة التغيير من قبل بعض الموارد البشرية المعنية بهذه العملية.
مكافحة ظاهرة الفساد بشكل ملموس وعدم الاكتفاء بتشخيصها
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الجميع يشكو من ظاهرة الفساد التي تسيء إلى الدولة على كل المستويات، إلا أن البعد المؤسساتي والإداري على وجه التحديد يضع الحكومة أمام المسؤولية المباشرة لمكافحة هذه الظاهرة بشكل ملموس وعدم الاكتفاء بتشخيصها، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الجهات العامة التي نتحدث بجرأة ومسؤولية عن وجود بعض مظاهر الفساد فيها هي ذاتها التي تضم السواعد والعقول الوطنية النزيهة التي قاومت مشروع الأعداء بتفكيك البنية المؤسساتية للدولة وهي التي قاومت ضعف الإمكانيات والموارد والعوائد بسبب مفرزات الحرب الوجودية بالعزيمة والإرادة لتحقيق النصر.
وتابع المهندس عرنوس: إن مشروع الإصلاح الإداري إنجاز وطني إضافي يكسر أطواق الحصار، ويثبت أن أشد أنواع الحصار قساوة هي تلك التي تفرضها الدول على نفسها من خلال اليأس والشعور بالعجز أمام الضغوط الخارجية، وأن ما يميز المشروع أنه ينجز بأياد وخبرات وطنية خالصة بمعنى أنه “صنع في سورية” بتوجيه ورعاية من قائد الدولة ومتابعة وزارة التنمية الإدارية وبتنفيذ مباشر من قبل الجهات العامة وبمشاركة الخبراء الوطنيين وبتمويل وطني كامل، داعياً إلى الالتزام التام بأقصى درجات الحرص على إنجاح هذه الصناعة الوطنية والسعي لتكريس نجاح هذه التجربة والبناء عليها.
وقال رئيس مجلس الوزراء: إن عملية الإصلاح الإداري ليست قراراً إدارياً يطبق على عجل ونحصد نتائجه بين عشية وضحاها بل هو مسار طويل نسبياً ويتقاطع مع المسار المستدام للتنمية الإدارية والتعثر في بعض المراحل أو الخطوات لا يجب أن يثنينا عن متابعة التقدم كما لا يجب أن يسبب الإحباط بقدر ما يجب أن يكون حافزاً للمراجعة المستمرة للأداء والاستفادة من الأخطاء وتصحيح المسار بمزيد من الإصرار على الوصول إلى الأهداف المرسومة.
وتابع المهندس عرنوس: عندما نقول بأن عملية الإصلاح الإداري هي ثقافة تنظيمية قبل أن تكون تعديلاً إدارياً على الهيكل التنظيمي أو توزيع الموارد البشرية فهذا يعني أن المطلوب هو التأسيس لمرحلة جديدة من عقلية العمل المنفتحة والشفافة دون الاكتفاء بتغيير شكلي في الهيكلية الإدارية، لافتاً إلى أن معيار الحاجة للتغيير الإداري والتنظيمي هو تطور الأداء الوظيفي للجهة العامة والحاجة لتطوير البنية الإدارية لاستيعاب هذا التطور زيادة أو نقصاناً.
وبين المهندس عرنوس أن مشروع الإصلاح الإداري سيتضمن التغيير التلقائي للبنية الإدارية لدى الجهات العامة على النحو الذي يسمح لها بالتحرك بسرعة ومرونة استجابة لمتطلبات الأداء والمهام والأدوار الوظيفية على النحو الأمثل وبحيث يكون هناك تناسق وتواؤم مناسبان بين مستوى الأداء الوظيفي من جهة وحجم البنية الإدارية والهيكلية التنظيمية من جهة أخرى.
مكوّن من مكوّنات مشروع الإصلاح الوطني الشامل
وشدد المهندس عرنوس على أن الكثير من الآمال معقود على مخرجات المؤتمر وحدود الآمال هذه لا تقف عند تغيير البنية الإدارية أو الوظيفية فحسب فالإصلاح الإداري ليس هدفاً بحد ذاته بقدر ما هو أداة مؤسساتية لتحقيق أهداف تنموية أوسع ونجاح مشروع الإصلاح الإداري سيوفر الأرضية المناسبة لإصلاحات اقتصادية واجتماعية وتنظيمية أوسع.
وأشار المهندس عرنوس إلى أن مشروع الإصلاح الإداري هو مكون من مكونات مشروع الإصلاح الوطني الشامل الذي يضم أيضاً برنامج إصلاح القطاع العام الاقتصادي ومشروع الحكومة الالكترونية والتوسع في نشر الخدمات الالكترونية ومشروع تطوير وتحديث التشريعات بالإضافة إلى العديد من برامج العمل والمشاريع التي هي قيد التنفيذ لدى الوزارات والجهات العامة لتحقيق الهدف الأسمى وهو رضا المواطنين وتحسين مستوى المعيشة بأفضل ما يمكن.
المواطن من يحكم على نجاح أو عدم نجاح عملية الإصلاح
وبين المهندس عرنوس أن من يحكم على نجاح أو عدم نجاح عملية الإصلاح الإداري هو المواطن وكلما تحسن رضا المواطن عن مخرجات ومستوى أداء الجهات العامة كان هذا المشروع ناجحاً ولذا لا بد من أن يرتبط تخطيط هذا المشروع بمؤشرات الرضا عند المواطن كما هي مؤشرات الرضا الوظيفي عند العاملين أنفسهم.
ويناقش المؤتمر من خلال سبعة محاور الإشكاليات الأساسية المشتركة في الوزارات وقياس مؤشر جودة التنظيم وتحليل مؤشر خارطة الموارد البشرية الكلية والإشكاليات الأساسية في التقارير الإدارية ونماذج الهياكل التنظيمية لكل وزارة على حدة والهيكل الإداري الراهن للجهاز الحكومي وإصدار التوصيات بشأنه ونتائج الإصلاح الإداري على المستوى العام للجهاز الحكومي وعرض التوصيات المتفق عليها مع الوزارات.
ويتطلع المشاركون في هذا المؤتمر إلى رؤية وطنية مشتركة تجمع كل الوزارات لبناء إدارات ومؤسسات أكثر حيوية وأكثر قدرة على أداء وظائفها الرسمية والإدارية وبالتالي، تحقيق الاستفادة القصوى من تلك الإدارات لجهة أداء مهامها للدولة والمجتمع.
وانطلق مشروع الإصلاح الإداري منتصف العام 2017 كمشروع وطني يستند إلى فكر السيد الرئيس بشار الأسد وتطلّعه لتطوير الأداء الإداري والعمل المؤسساتي للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في المرحلة القادمة ومكافحة الخلل الإداري بكل جوانبه.
ويُنظَر للإصلاح الإداري كرافعة لتحقيق كفاءة العمل في الجهات العامة وتحقيق الاستثمار الأفضل للكوادر البشرية الموجودة في هذه الجهات أو التي ستلتحق بها مستقبلاً، من خلال وضع معايير عادلة ومهنية لإجراء المسابقات بعد وضع خارطة الموارد البشرية والشواغر الوظيفية والتوصيف الوظيفي من قبل الجهة العامة وتقليص عدد معاوني الوزراء بالتوازي مع تقليص البنى الإدارية المتضخمة ولاسيما مديريات الدعم الإداري والتي تؤدي إلى ترهل المؤسسات وتزيد من الإنفاق والهدر ومعالجة الخلل في الملاكات العددية للوزارات بناء على تحليل القوى العاملة. ولطالما كان الإصلاح الإداري أساس البنية القوية للدولة فإنه سيخلق ترشيقاً للجهاز الحكومي، مع الحفاظ على خصوصية كل وزارة.