ليبيا تطرح “مبادرة استقرار” على مؤتمر “برلين 2”
يتوقّع محللون ومتابعون للشأن الليبي أن يعطي مؤتمر “برلين 2” حول ليبيا دفعة للعملية السياسية على طريق الاستقرار الدائم، مع الترتيب لانتخابات عامة بنهاية العام الحالي. لكن الأجواء الإيجابية ومسحات التفاؤل، التي ينثرها مشاركون في المؤتمر ودبلوماسيون غربيون وعرب، لا يمكن بأي حال أن تحجب حقيقة أن مهمة السلطة الانتقالية أشبه بالسير في حقل ألغام لجهة تعقيدات المشهد الليبي.
وترى الخبيرة الأوروبية كلوديا جاتسيني عقبات كبيرة أمام تحقيق سلام طويل الأمد في الدولة، موضحة أن القمة المقرر عقدها غداً الأربعاء يمكن أن تعطي دفعة جديدة لعملية السلام، مضيفة: “البرلمان الليبي والسلطة التنفيذية وحدهما لم يتمكنا من دفع العملية إلى الأمام”، مشيرة أن هذا أدى إلى تصاعد التوترات بين الجماعات المتنافسة في ليبيا مرة أخرى مؤخراً.
وبحسب جاتسيني، فإن إحدى أكثر المشكلات إلحاحاً هي عدم وجود أساس قانوني للانتخابات المزمع إجراؤها في كانون الأول المقبل، حيث سيصوت الليبيون لانتخاب البرلمان وربما رئيس جديد أيضاً.
ولا يزال هناك العديد من الميليشيات في ليبيا بدلاً من جيش وطني موحد. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة لا يزال هناك حوالي 20 ألف مرتزق أجنبي في ليبيا غالبتهم سوريون جندهم نظام أردوغان ودفع بهم لجبهة القتال دعماً لميليشيات الوفاق السابقة.
ومن المقرر أن تتناول قمة برلين هذه القضايا. وقد دعا إلى عقد القمة للمرة الثانية الأمم المتحدة وألمانيا، فيما ينتظر أن تشارك فيها أهم الأطراف الفاعلة في الصراع.
ويهدف المؤتمر أيضاً إلى تقييم التقدّم المحرز منذ مؤتمر برلين الأول في أوائل عام 2020.
ورغم أن العناوين العريضة للمؤتمر ترسم بكل وضوح حدود الممكن انجازه دعماً لمهمة الحكومة الجديدة، إلا أن الأقوال شيء والفعل العملي والميداني شيء آخر.
وتعالت العديد من الأصوات الدولية في الآونة الأخيرة منادية بالضغط على النظام التركي لسحب قواته ومرتزقتها، لكن أردوغان لم يبد تجاوباً مع تلك الدعوات متمسكاً بمزاعم أن وجوده قواته ومرتزقته في ليبيا شرعي.
وفي سياق المؤتمر، أعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش طرح مبادرة “استقرار ليبيا” تتضمن رؤية محلية وأجندة زمنية للمصالحة والانتخابات.
وقالت المنقوش: “عملنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية وبوصفنا سلطة تنفيذية موحدة على إعداد مبادرة وطنية ليبية أسميناها مبادرة “استقرار ليبيا”، مبينة أنه “سيتم طرح تلك المبادرة خلال مؤتمر برلين 2، الذي دعت له الحكومة الألمانية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتشارك فيه الدول المعنية التي حضرت النسخة الأولى من المؤتمر عام 2020”.
وحول الهدف من المبادرة، لفتت إلى أنها “تهدف ولأول مرة أن يأخذ الشعب الليبي زمام أمره ويقود بنفسه هذه العملية بالتعاون مع الدول المشاركة والداعمة لاستقرار بلادنا”، موضحة أن المبادرة ستتضمن إنشاء مجموعة عمل دولية تترأسها ليبيا، على أن تنعقد بصورة دورية على مستوى وزراء الخارجية، بهدف “دعم وتعزيز الرؤية الليبية لحل الأزمة بما فيها تكريس السيادة الوطنية وتحرير القرار الليبي ودعم ومساندة السلطات الليبية في تنفيذ خططها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية”.
وذكرت أن “المبادرة ستعمل على خلق آليات تنفيذية لوضع برنامج زمني واضح لانسحاب المرتزقة، كما ستركز المبادرة على خلق آليات تنفيذية لحل المشاكل الأمنية والاقتصادية، تهدف إلى توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة، وتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ شروطه”.
يأتي ذلك فيما أصدرت لجنة “5+5” العسكرية بيانا عقب زيارة تفقدية أجرتها الثلاثاء للطريق الساحلي أكدت فيه أن الطريق بحاجة لإصلاحات عاجلة، وأنها تواصلت مع الشركة المختصة لإنهاء الصيانة خلال أيام. وأضافت أنها “وقفت على مواقع الترتيبات الأمنية لإقامة البوابات، وأعطت الضوء الأخضر لبدء إدخال المعدات، والتجهيزات الخاصة بها”.
وكشف البيان عن لقاء عقد بين غرف العمليات الميدانية من الطرفين ولجنة الترتيبات الأمنية على خط التماس لأول مرة لغرض التنسيق بشأن إجراءات فتح الطريق.
وشددت لجنة “5+5″، في ختام بيانها، على “استمرار اجتماعاتها وأعمالها الميدانية لفتح الطريق الساحلي، فور انتهاء أعمال الصيانة خلال أيام قليلة”.