حين يستبدّ “الكاوبوي” بحرية الإعلام
أعاد قرار وزارة الخارجية الأمريكية الاستيلاء على 33 موقعاً إخبارياً، عراقياً ويمنياً وإيرانياً، بذريعة نشرها موادّ تدعم الإرهاب، رغم أن قسم من تلك المواقع توجهه غير سياسي، تأكيد النهج الأمريكي القائم على البلطجة والكذب والنفاق في إدارة القضايا الدولية، ليس فقط في الإعلام وإنما في كل المجالات، وأن ادّعاءات نشر الديمقراطية ما هي إلا للتسويق الإعلامي وذرّ الرماد في العيون أمام المجتمع الدولي لتبرير الفظائع والحروب التي ترتكبها الإدارة الأمريكية تحت تلك الذرائع، ولكن السؤال الذي يراود الجميع في العالم هو لماذا تسعى واشنطن إلى هذه الأفعال وهي تنصّب نفسها حاكمة للعالم؟، هل لتأكيد أنها حاضرة ومسيطرة عليه، أم بالفعل هي تخشى هذه الوسائل على الرغم من قلتها، وعلى الرغم أيضاً من امتلاكها الإمبراطوريات الإعلامية التي تسوّق لكل الحروب الظالمة التي تشنّها؟!.
لقد دأبت الولايات المتحدة الأمريكية في كل الحروب التي شنّتها على استخدام الدعاية والبروباغندا الإعلامية التي تسخّن العالم وتؤجّجه ضد الدولة التي تريد أن تشنّ حرباً عليها، ولعل فضيحة أسلحة الدمار الشامل العراقية وما سبقها من ضخّ إعلامي غير مسبوق، خير مثال على ذلك اعتراف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول بعدم صحة مثل هذه المزاعم، وأنه كان لا بدّ من صناعة ذريعة لغزو العراق.
في الحرب على سورية كان هذا الأمر قائماً منذ اليوم الأول من خلال إنزال المحطات والقنوات السورية عن الأقمار الصناعية وفتح المجال لمحطات أخرى مناوئة لبثّ سمومها وأحقادها في ضرب الدولة السورية واستقرارها. واليوم ما جرى مع القنوات والمواقع المحسوبة على محور المقاومة يأتي في هذا السياق، والهدف هو إسكات أي صوت حرّ مستقل عن فضح السياسات الأمريكية وتعريتها، فما تقوم به هذه القوات الغازية هو احتلال واغتصاب للأرض بهدف تقسيم تلك البلدان وإخضاعها لهيمنتها.
طبعاً الأمر لم يتوقف عند القنوات المحسوبة على محور المقاومة، بل تعدّاه إلى كل القوى والدول التي تنتهج نهجاً مغايراً للسياسة الأمريكية، ومنها وسائل الإعلام الصينية والروسية حيث عمدت إلى التضييق عليها وإصدار الأوامر التنفيذية والعقوبات التي تحدّ من تحرّكها، وفي كثير من الأحيان منعها من التغطية الإعلامية، كما حدث مع قناة روسيا اليوم في الولايات المتحدة وفرنسا وإنكلترا عندما صدرت قرارات بعدم السماح لها بالعمل، ومعاملة القنوات الصينية معاملة الأجنبي في واشنطن.
إذن الإعلام في نظر الإدارة الأمريكية هو سلاح مُشهر في وجه كل من يرفض الهيمنة الأمريكية، وإلا فالعقوبات جاهزة وعلى المقاس، إما بذريعة دعم الإرهاب وإما بزعم معاداة السامية.
إن الإعلان الأمريكي الفاجر بالاستيلاء على المواقع الإلكترونية الثمانية العراقية واليمنية والبحرينية والإيرانية والفلسطينية، هو انتهاك صارخ لحرية التعبير وقرصنة مفضوحة وتصرّف غير قانوني يؤكد من جديد أن أمريكا ترى العالم بعين واحدة، فإن لم تكن معي فأنت ضدّي، وأن عقلية الهيمنة والبلطجة على طريقة “الكاوبوي” سائدة على لغة الحوار، وهذا أمر خطير جداً على الرغم من كل المحاولات والدعوات التي يقودها عدد من الدول من العالم للتهدئة وجعل الحوار والاحتكام إلى القانون الدولي هو السبيل الوحيد لفض النزاعات.
سنان حسن
هكذا دأب أمريكا الدولة التي قامت على إفناء الشعب صاحب الأرض،وتريد تكرار التجربة بإلغاء الشعب العربي ليصبح الكيان الغاصب هو أمريكا الصغرى بالمنطقة، وما أعجب من زعماء الدول العربية للأسف الذين يعتبرونها إله لا راد لأفعاله.