خفايا خطيرة لـ “ضريبة النكول بالبيع”!
حسن النابلسي
لم توفق وزارة المالية بدفاعها عن قرارها القاضي “اعتبار النكول عن المبيع عملية بيع واجبة التكليف بضريبة البيوع العقارية”، إذ حاولت المالية أمس من خلال تعميمها الصادر بهذا الخصوص توضيح أن المقصود بالنكول هو “طلب إلغاء عملية البيع بعد إتمام توثيقها وتسجيلها لدى الدوائر المالية، بما في ذلك الحصول على الموافقات اللازمة، أي بعد أن تكون عملية البيع تامة الأركان، ومستحقة للضريبة”!.
حقيقة الأمر، ومن خلال التواصل مع ذوي الشأن بهذا الخصوص، يتبيّن أن نقل ملكية العقار من البائع إلى الشاري لا يتم إلا بعد الحصول على براءة ذمة من المالية التي تحتاج إلى معاملة لا يمكن إنجازها بسهولة نظراً للتعقيدات الروتينية المتبعة لدى الوزارة، ويتم من خلالها تحصيل كل ما يترتب على عملية البيع هذه من الألف إلى الياء!.
تبدأ رحلة هذه المعاملة في الدوائر المالية بتقديم ورقة “بيان تنازل” تشتمل على مُفصّل لهوية كل من البائع والمشتري، والصحيفة العقارية للعقار المراد بيعه في الدائرة المالية المعنية، وكان هذا الإجراء، قبل صدور قرار ضريبة النكول، روتينياً، ويمكن التراجع عنه عبر تقديم طلب تراجع وينتهي الأمر برمته، أما بعد صدور قرار ضريبة النكول فلا يمكن التراجع عن هذه الورقة في حال نكول البائع أو المشتري عن إتمام عملية البيع لأي سبب كان، وأصبح هذا الطلب ملزماً بدفع ضريبة البيوع العقارية وفق المعدل الذي حدده قانون البيوع العقارية، والتي قد تصل لملايين الليرات في ظل تطبيق قانون البيوع العقارية، وعجز المالية عن التخمين الدقيق!.
ليس هذا فحسب، بل إن الأمرّ والأدهى من ذلك أنه في حال تم الالتزام بالقرار ودفع ضريبة البيع عن العقار رغم النكول عنه، فإن هذا الإجراء يعني أن المشتري بات مكلّفاً مالياً بالعقار الذي لم يشتره فعلياً بسبب عملية النكول، ولتصحيح هذا الأمر وعودة العقار مالياً لصاحبه الأساسي، أصبح هذا الأمر يحتاج لطلب تنازل ثان، وذمة مالية جديدة من الأخير الذي يتوجب عليه دفع ضريبة بيوع عقارية، ما يعني في المحصلة دفع ضريبة البيوع العقارية مرتين عن عملية بيع لم تكتمل!.
نكتفي بهذا العرض المقتضب لخفايا هذه الضريبة غير المحقة بتاتاً دون أي تعليق، ونترك الأمر لصاحب الأمر عسى أن يتم تصويب مسار العمل الضريبي المنحرف بالأصل!.
hasanla@yahoo.com