المعلول أجهض أفراح منتخبنا بالتأهل.. واتحاد كرة القدم مطالب بالاستقالة
انتهت التصفيات الآسيوية، وحقق منتخبنا الوطني المطلوب منه “رقمياً” بتأهله متصدراً مجموعته الأولى إلى الدور الحاسم من التصفيات المؤهلة إلى مونديال الدوحة، بمشاركة اثني عشر منتخباً من كبار المنتخبات الآسيوية، أي أنه سيدخل مرحلة الجد للمرحلة الثالثة بعد أن خاضها في تصفيات المونديال الماضي، وكان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى المونديال العالمي.
الجانب المظلم في هذه التصفيات كان في الفترة التي استلم فيها المدرب التونسي نبيل المعلول تدريب المنتخب، قبل أن يستقيل منذ أيام، وبغض النظر عن مكانة المدرب وخبرته واسمه اللامع في عالم كرة القدم العربية، إلا أنه لم يحقق المطلوب والمرجو منه مع منتخبنا، وهذا ما توصلنا إليه من خلال متابعتنا لكل تفاصيل المنتخب الفنية وغيرها، وكانت الملاحظات على المدرب كثيرة وعديدة بلغت حد الإجماع، باستثناء المستفيدين والمقربين من المنتخب، واتحاد كرة القدم، ومن المدرب المذكور.
صحيح أن منتخبنا تأهل بقيادته، لكن الفضل يعود لمن سبقه، وقد سلّمه المنتخب نظيفاً من الخسائر بنقاط كاملة من خمسة انتصارات وضعت منتخبنا في الصدارة.
الجانب الفني
رؤية المدرب الفنية لم تتوافق مع تفاصيل الكرة السورية وأمنياتها، ولم نجد لديه الحماس العملي للنهوض بكرتنا باعتبار أنه من كبار المدربين العرب ويملك الخبرة المطلوبة، فأولى تصرفاته أنه حارب كبار اللاعبين كعمر خريبين، مثلاً، بينما عمر السومة كان ينسحب من المنتخب بسبب الإصابة، ولم يلعب معه أية مباراة، بل كان مقلّاً بحضور التمارين على قلتها أصلاً، ورأى البعض أن السومة بادعائه الإصابة كان يهرب من المنتخب حتى لا يصطدم مع المدرب، والدليل على ذلك أن السومة لم يغب عن مباريات فريقه، وكان يصاب فقط أثناء مباريات المنتخب.
هذا الأمر محيّر فعلاً، وهذه التصرفات غير مفهومة من المدرب، وربما الخلاف بين المدرب والخريبين له أسبابه، وذكاء المدرب يكمن في أنه أدرك أن منتخبنا متأهل إلى التصفيات النهائية مسبقاً، لذلك فإن غياب عمالقة الكرة السورية عن المنتخب لن يقدم أو يؤخر في المنتخب، وإنما ما يقدم ويؤخر عنده أن يفرض كلمته وشخصيته على الجميع، بدءاً من اتحاد كرة القدم، وصولاً لأصغر مشجع كروي سوري، ليكون الآمر الناهي الصارم بقراراته.
النقطة الفنية الأخرى أن المنتخب أرهق بالإصابات كثيراً، وقد وجدنا اللاعبين يصابون الواحد تلو الآخر دون أن نفهم ماهية هذه الإصابات، لدرجة أنه لم يبق لدينا إلا مهاجمان اثنان في المنتخب في اللقاء مع الصين بعد أن أصر على عدم مشاركة هداف الدوري محمود البحر بلقاءي المالديف وغوام لتجربته على الأقل، ولم يشركه بلقاء الصين كغيره من اللاعبين الذين كان وجودهم في المنتخب “كمالة عدد”، ولم يتم زجهم في أية مباراة، وآخر الإصابات كانت لأحمد الصالح ومحمد مرمور قبل بدء المباريات، وحسين جويد قبل لقاء الصين، كما لم نجد الحماس من المدرب لاستقدام لاعبين سوريين محترفين في الخارج على مستوى عال، واقتصرت خياراته على أغلب لاعبي الدوري، وهنا لنا سؤال مهم: إذا كانت خياراته في أغلبها محلية، وسبق أن أطلق على الدوري السوري لقب الدوري الضعيف، (قال عن الدوري في لقاء سابق إنه “أضعف دوري عربي”)، فلماذا اختار الضعف على حساب القوة؟.. هي معادلة غير مفهومة، وبحاجة إلى ترجمة من المدرب ذاته.
أيضاً، في هذا السياق، وجدنا أن المستقيلين من المنتخب كانوا كثراً، كمدير المنتخب عساف خليفة، والمدرب المساعد ضرار رداوي، ومدرب الحراس سالم بيطار، والمنسق الإعلامي هاني سكر، وطبيب المنتخب أحمد كنجو، بالإضافة إلى آخرين بمناصب إدارية مختلفة، فهل استقالاتهم مفهومة ومبررة، خصوصاً أنهم ضمن فريق عمل لمدرب محترف مهم بوزن المعلول، وهذه لها ميزة فنية كبيرة، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
لكن السؤال الذي يمكننا توجيهه إلى اتحاد كرة القدم: لماذا بقي المعلول بلا مساعد وطني، أليس من المنطق أن نزج بمدربين وطنيين مساعدين للمعلول، على الأقل من باب الفائدة الفنية لعل هؤلاء المدربين ينهلون من خبرته شيئاً؟ هل نسي اتحاد كرة القدم أنها فرصة ليقدم الفائدة الفنية لمدربيه؟ لكن اتحاد كرة القدم كان دائماً ينصاع لمزاج المعلول الذي لم يرد أن يزعجه أحد، ولا أن يفيد أحداً؟!.
المستوى والأداء
في المحصلة العامة لم نجد المنتخب على المستوى الذي نطمح له، ولا على مستوى سمعة المدرب الذي أراد أن يقدم نفسه عن طريق منتخبنا كمدرب محترف ذي خبرة ودراية، ولكن فوجئنا، كما في أيام (شتانغة)، أن المنتخب في وضع سيىء مباراة بعد أخرى، ففي المباريات التجريبية الأربع خسرنا ثلاث مباريات أمام الأردن: صفر/1، وأمام البحرين 1/3، وأمام إيران صفر/3، وفزنا على أوزبكستان بهدف وحيد، وفي كل المباريات كان الأداء من سيىء لأسوأ، بل إنه لم يكن في تلك الفترة الطويلة من استلامه تدريب المنتخب وقد تجاوزت العام ليستقر على تشكيلة معينة، فدخل ما تبقى من التصفيات بتشكيلة مبعثرة غير مفهومة المعالم، فمنتخبنا لم يقدم العرض المطلوب أمام المالديف، ورغم فوزنا برباعية نظيفة، إلا أن مستوى منتخبنا كان في خبر كان، ولولا ركلات الجزاء الثلاث الممنوحة لمنتخبنا في هذه المباراة لربما تعذبنا في الحصول على هدف من هجمة مرسومة، أو جملة تكتيكية، أما مباراة غوام فكانت أدهى وأمر، ووجدنا هذا المنتخب المغمور يتطاول علينا في الكثير من مراحل المباراة وقد عجزنا عن خرق دفاعه أكثر من ساعة وربع، ولولا الأخطاء الدفاعية القاتلة التي تكبدها لاعبوه وقلة خبرة هذا المنتخب لما فزنا 3/صفر.
أما لقاء الصين فالمشكلة كانت كبيرة، وقد انكشف المنتخب تماماً وافتضح أمر المعلول الذي وقف في المباراة متابعاً لمجرياتها دون أن يتمكن من التدخل المفيد لمصلحة المنتخب.
المباراة هذه كان قد وعدنا بها المعلول، وقال في أحد تصريحاته: سترون المنتخب الذي يسركم مع الصين، ولكن للأسف لم يستطع هذا المدرب أن يرينا ما يسرنا أبداً، فما وجدناه كان منتخباً ممزقاً متهالكاً يستحق الشفقة.
المعلول كان أكثر خبثاً، وأراد أن ينجو بنفسه من الخسارة، فأراد تحميلها للاتحاد الرياضي العام الذي لم يف بوعده بمنح اللاعبين مكافأة الفوز على المالديف وغوام، وهنا أراد زرع الفتنة بين المنتخب والقيادة الرياضية، وهذه قصة جديدة للهروب من الخسارة وتحميلها لغيره، وللأسف بادر لاعبونا بعد المباراة إلى نشر جملة على صفحاتهم الرسمية على الفيسبوك: (رح نبقى ضحية الصراعات)، وكانت هذه التغريدة بتحريض من المعلول.
تصريحات إعلامية
المدرب المستقيل نبيل المعلول أكثر من التصريحات الصحفية، خصوصاً لوسائل إعلام خارجية، وهو متلوّن بتصريحاته، لكن التصريح الذي سبق لقاء الصين كان خطيراً وله مدلولاته السلبية عندما ألمح إلى أن مباراة الصين ستكون الأخيرة وذلك بسبب عدم دفع رواتبه والأموال المتفق عليها، وهو يعلم تماماً أن آلية الدفع متفق عليها، ويعرف أيضاً أن حقه محفوظ، ولكن: لماذا أثار هذا الموضوع قبل لقاء الصين ولم يصرح سابقاً أنه منزعج من هذا الموضوع؟.
أحد الخبثاء قال: تصريح المعلول هذا جاء لينجو بنفسه إن تطورت الأمور بعد مباراة الصين، ويقول: قلت لكم سأستقيل، أو ليرفع سعره وشروطه في التصفيات النهائية الأكثر أهمية من التصفيات السابقة.
معسكر فارغ من مضمونه
الاستعداد لمباريات التصفيات كانت عبر السياحة والتسوق، ولم نسمع عن منتخب يقيم معسكراً خارجياً لمدة عشرة أيام بسبعة لاعبين، أو عشرة على الأكثر، بينهم أربعة حراس للمرمى، بينما ضمت البعثة من الإداريين والفنيين، ومن لا عمل لهم، الكثير، وقد تجاوزت الـ 25 شخصاً، منهم أربعة من أعضاء اتحاد كرة القدم، ومسؤول المنتخبات، ومسؤول اللاعبين المحترفين، وغيرهم الذين أخذوا صفات “ما أنزل الله بها من سلطان”، وقد يكون هذا المعسكر الفارغ من مضمونه الفني هو السبب بتواضع مستوى المنتخب، لأن المنتخب لم يتدرب ولم يستعد وكان مشغولاً بالسهرات، وما شابه ذلك، كما وثقت لنا هذا الأمر مواقع السوشال ميديا، ولم يعد خافياً على أحد، بل إن المشجعين باتوا يتداولون هذه الصور ومقاطع الفيديو عبر صفحاتهم بكثرة.
هذه السياحة نادرة، ولكن يجب أن يدفع اتحاد كرة القدم ثمنها، فهدر المال يجب ألا تدفع ثمنه كرتنا، وقد صرفت الملايين بلا أي طائل، ولن نزيد على هذا الموضوع، ولكن نتمنى أن نجد من يسأل عنه ويدقق في صرفياته ولو كانت من أموال المساعدات والهبات أو الضيافة.
مدرب “اون لاين“
الأهم في موضوع المدرب المعلول أنه كان مدرباً على “الاون لاين”، فتعرّف على كرتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تعرّف على لاعبينا، وكان حضوره إلى سورية بالمناسبات التي يحددها هو، لذلك لم تظهر لمساته على المنتخب لأن حضوره قليل، وتمارينه قليلة، ووجد المسؤولين عنه راضين بذلك وراضخين لشروطه!.
ما الحلول؟
بعد كل ما سبق من قراءة تفصيلية لما حدث مع منتخبنا الوطني لكرة القدم، وما رأينا من تصرفات للمعلول، وكذلك عمل اتحاد كرة القدم في الفترة الماضية، على الصعيد الداخلي والخارجي، فإننا نرى أن صرف المدرب التونسي نبيل المعلول كان مطلباً جماهيرياً بعد أن أنفقنا عليه أكثر من مليون دولار دون طائل، ولم تستفد منه كرتنا أية فائدة، صغيرة كانت أم كبيرة، وبعد صرف المعلول، يجب إقالة اتحاد كرة القدم والتحقيق معه حول إهدار الأموال الوطنية بلا أية مسؤولية، إضافة إلى أن اتحاد كرة القدم يعاني من عدم الانسجام وضعف الأداء، والشواهد كثيرة على ذلك.
لذلك، هذا المطلب محق، وعلينا ألا نتذرع بقرب التصفيات النهائية التي ستنطلق بعد ثلاثة أشهر، إذ يمكننا تدارك كل ذلك بسرعة من خلال إصلاح أخطاء المعلول، ولدينا الكثير من الآمال بمنتخب قوي أبعد المعلول أفضل لاعبيه دون سبب وجيه، وما علينا إلا التحرك بسرعة، ولن نندم بعد رحيل المعلول، ومعه اتحاد كرة القدم!.
ناصر النجار