الموقف الأمريكي من الغاز الروسي
تقرير إخباري
سعت الولايات المتحدة الأمريكية عبر سياساتها البراغماتية لاستخدام سياسة الترغيب والترهيب من أجل وقف مشروع أنبوب الغاز “السيل الشمالي 2” الذي يربط جمهورية روسيا الاتحادية بألمانيا بشكل مباشر عبر بحر البلطيق.
منذ أن كان الرئيس جو بايدن نائباً للرئيس باراك أوباما بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة لعرقلة تنفيذ هذا المشروع، كما عمل البرلمان الأمريكي أيضاً على الضغط بقوة من أجل دفع البيت الأبيض إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتعطيله وإيقاف إنشائه، وذلك لأسباب لا ترتبط فقط بالجوانب الجيوسياسية التي من شأنها أن توثق علاقات روسيا مع دول أوروبا، بل أيضاً لعوامل تتعلق بمصالح تجارية وربحية تقف وراءها شركات الطاقة وإنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة.
في تشرين الثاني عام 2019 فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية على خط الأنابيب الروسي هذا، الأمر الذي أجبر شركة “Allseas” السويسرية على التخلي عن المشاركة في بنائه. وأمام هذا المعطى ستواجه أوروبا أزمة كبيرة بسبب نقص الغاز في الشتاء المقبل، ولن يكون أمام الاتحاد الأوروبي سوى التضحية بالولايات المتحدة الحليف الأهم من أجل الغاز الروسي.
إن معارضة واشنطن مشروع “السيل الشمالي-2” تهدف إلى تحويل أوروبا إلى سوق مفتوحة لصادرات الغاز الأمريكي، ولاسيما أن العديد من الدول الأوروبية تعتمد في حماية أمنها على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي مقدمتها مملكة الدانمارك وبولونيا، وبالتالي فإنه ليس من باب المصادفة أن تستثمر الولايات المتحدة التوتر القائم بين أوكرانيا وروسيا لتصعيد الموقف وصبّ الزيت على النار، وتهييج الرأي العام الأوروبي ضد روسيا ومصالحها في القارة العجوز.
ومن خلال المواقف والتصريحات الأمريكية يبدو أن المنافسة الدولية باتت على أشدّها حول سوق الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي، وأنها ستزداد شراسة خلال السنوات القريبة القادمة، خاصة وأن أوروبا تعتبر أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم، وتسعى كل الدول المنتجة وفي طليعتها الولايات المتحدة إلى أن تدافع عن حصتها داخل السوق الأوروبية، وخاصة إذا أخذنا في الحسبان أن التطور الكبير الذي يحصل على مستوى صناعة الغاز الطبيعي المسال في العالم، وعلى مستوى وسائل النقل، يؤدي بشكل تدريجي إلى تحرر الدول المستهلكة من تبعيتها للدول المصدّرة للغاز عبر الأنابيب، وهو ما توضحه الكثير من الإحصائيات.
ريا خوري