صباغ: “إيصال المساعدات عبر الحدود” لا يخدم إلا الاحتلال التركي و”النصرة”
جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ التأكيد على أن تحسين الوضع الإنساني في سورية يتطلب الرفع الفوري للإجراءات القسرية الأحادية المفروضة عليها ووقف نهب مواردها وثرواتها الوطنية وإنهاء تسييس العمل الإنساني وربطه بشروط ولاءات وإملاءات تتعارض مع مبادئه.
وشدد صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في سورية على ضرورة دعم جهود مؤسسات الدولة للتخفيف من المعاناة وتوفير الدعم والخدمات للسوريين بما في ذلك من خلال دعم أهداف التنمية وإعادة تأهيل البنى المتضررة لتيسير العودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين ودعم جهودها في مكافحة الإرهاب والقضاء على التهديد الذي يمثله تنظيما “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيان والكيانات المرتبطة بهما ووجوب إنهاء الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية.
وأشار صباغ إلى أن بيانات بعض الدول خلال جلسة اليوم تظهر أنها ماتزال تمعن في استغلال مجلس الأمن منصة لتسييس العمل الإنساني في سورية وممارسة النفاق السياسي والترويج لنهج مضلل يحرف المناقشات عن موضوعها الأساسي بما يخدم هدفها في إطالة أمد الأزمة الإنسانية في سورية، مبيناً أن الدول الغربية تصر مجدداً على الزعم بأن تمديد ما تسمى”آلية إيصال المساعدات عبر الحدود” كفيل بتحسين الوضع الإنساني في سورية وهذه نظرة قاصرة تعبر عن انتقائية بالغة وتمييز بحق السوريين وتعتيم على الحقائق والأسباب الجوهرية لتراجع الوضع الإنساني في سورية وفي مقدمتها جرائم الاحتلال والعدوان والإرهاب بما فيه الإرهاب الاقتصادي المتمثل بالإجراءات القسرية الانفرادية.
وجدد صباغ رفض سورية هذه الآلية المسيسة التي كانت إجراء استثنائياً مؤقتاً لم تعد الأسباب والظروف التي دفعت إلى تبنيها قائمة، مبيناً أن التطبيق العملي لهذه الآلية أكد كل ما حذّرت منه سورية بشأن المخالفات الجسيمة التي تطغى على عمل تلك الآلية لجهة انتهاكها سيادة سورية وخدمتها مصالح الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية التابعة له وفي مقدمتها “هيئة تحرير الشام جبهة النصرة سابقاً” والتي تسيطر على إدلب ومحيطها.
ولفت صباغ إلى العيوب الجوهرية في الآلية المرتبطة بعدم التنسيق مع الحكومة السورية وشفافية إجراءات وآليات الرقابة والتوزيع أو الوجهة النهائية للمساعدات، التي يصب معظمها في أيدي التنظيمات الإرهابية المسيطرة على معبر باب الهوى، والتي توظفها لتمويل أنشطتها الإجرامية وكسب الولاءات وتجنيد إرهابيين جدد، متسائلاً: كيف يبرر من يدافع عن استمرار عمل هذه الآلية السماح باستخدام معبر يسيطر عليه تنظيم” جبهة النصرة” وهو مصنف على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية لإدخال المساعدات عبر الحدود.
وشدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة على أن ما يدعيه ممثلو الدول الغربية من حرص إنساني على الشعب السوري يتناقض مع اجراءات بلدانهم بفرض إجراءات قسرية انفرادية مدمرة تتسبب بمعاناة إنسانية جراء النقص الشديد في المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية والمياه والخدمات الأساسية علاوة على تأثيرها السلبي في عمليات إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية. وأشار إلى إن حرص هذه الدول المزعوم يتعارض مع سياساتها الرامية إلى التغطية على جرائم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية التي ترعاها ومع صمتها على ممارسات قوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سورية وفي منطقة التنف وما تقوم به من سلب ونهب مقدرات الشعب السوري وثرواته النفطية ومحاصيله الزراعية وممتلكاته الثقافية، وأضاف: إن ما يبعث على الاستهجان الشديد هو إشادة تقرير الأمانة العامة بالجانب التركي في حين أن ممارسات النظام التركي كانت ولاتزال واحدة من أهم وأخطر مسببات الأزمة في سورية، حيث تحتل قواته أراضي في شمال وشمال غرب سورية وترتكب جرائم ضد الإنسانية بحق شعبها ومنها استخدام المياه سلاح حرب ضد المدنيين فهو يواصل حرمان أكثر من مليون مواطن في محافظة الحسكة وريفها من مياه الشرب عبر قطع المياه للمرة الـ 24 من محطة علوك.
وأوضح صباغ أن النظام التركي يستمر بانتهاك الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع سورية والمعاهدات الدولية ذات الصلة من خلال خفضه معدل جريان مياه نهر الفرات ما أدى إلى إلحاق ضرر بالغ بالمخزون المائي في سورية وبإمدادات المياه الصالحة للشرب ومياه الري للزراعة وتبع ذلك توقف إمدادات المناطق الشمالية والشرقية بالطاقة الكهربائية جراء توقف مجموعات التوليد الكهرومائية في سدي تشرين والطبقة.
ولفت صباغ إلى أن جرائم الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية العميلة له لم تتوقف عند ذلك بل إنها تهدد مستقبل طلاب سورية عبر حرمانهم من متابعة تحصيلهم العلمي حيث منعت أكثر من 2600 طالب وطالبة من أبناء محافظة إدلب من الخروج عبر ممر ترنبة الإنساني إلى محافظة حماة لتقديم امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة ومصادرة حقائب الطلبة وبطاقات هوياتهم وممتلكاتهم الشخصية والاعتداء على سائقي الحافلات الذين اجتمعوا لنقلهم، مجدداً مطالبة مجلس الأمن بالتدخل الفوري والحازم لوقف جرائم النظام التركي التي تفاقم المعاناة الإنسانية لملايين السوريين وضمان تشغيل محطة علوك للمياه من العاملين في مؤسسة مياه الشرب في الحسكة وإزالة التعديات والمخالفات على خطوط الكهرباء المغذية لها وضمان تدفق مياه نهري دجلة والفرات.
وقال صباغ: إن زعم معدي تقرير الأمانة العامة بأن تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود سيسهم في توفير اللقاحات ضد كورونا غير صحيح إذ إن واضعي التقرير يعترفون بأن اللقاحات التي تم توفيرها للسوريين في مناطق سيطرة الدولة لم تغط حتى اليوم سوى نصف بالمئة، بينما تغاضى معدو التقرير عن الإشارة لقيام الميليشيات الانفصالية العميلة لقوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سورية مؤخراً بإعاقة حملة التطعيم ضد كورونا التي تقوم بها الفرق التابعة لوزارة الصحة في مناطق محافظة ديرالزور ومنع فرق التطعيم الجوالة من دخول المخيمات في محافظة الحسكة والترويج لإشاعات كاذبة حول سلامة اللقاحات ما أدى إلى انخفاض الاقبال على حملة التطعيم وبالتالي إعاقة القدرة على تحقيق الهدف المنشود منها.
وبين صباغ أن الجزء الأكبر الرئيس والمؤثر من عمل الأمم المتحدة الإنساني والإغاثي في سورية كان ولايزال يتم من داخل الأراضي السورية بالتنسيق والتعاون بين الحكومة السورية والشركاء الانسانيين، لافتاً إلى أن هذه الآلية هي الأمثل والأكثر اتساقاً مع القانون الدولي وأبسط ما يعنيه احترام مبدأ سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها الذي تؤكده جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكد صباغ التزام سورية ببذل قصارى جهدها للارتقاء بالوضع الإنساني لمواطنيها والتخفيف من معاناتهم التي خلفتها السياسات الخاطئة والممارسات العدوانية لبعض الدول، مشيراً إلى مواصلتها تقديم التسهيلات اللازمة لعمل الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء في العمل الإنساني لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين الحقيقيين وفي التوقيت المناسب ودون الإخلال بمعيار أساسي وهو حرص سورية على أمن وسلامة القوافل والعاملين في المجال الإنساني