صيدليات ومشافي حلب.. “كلّ يغني على ليلاه..”!
حلب – معن الغادري
قبل وبعد ارتفاع أسعار الأدوية مؤخراً لم يتبدّل حال الصيدليات، والتي دخلت بقوة هذه المرة سوق المنافسة مع الدكاكين والتّجار وحتى أصحاب البسطات، فالداخل إلى الصيدلية “مفجوع والخارج منها منتوف”، ويعزّز هذه الفوضى صعود مؤشر الجشع والاستغلال إلى أعلى درجاته من قبل أصحاب معامل الأدوية والصيدليات، والمتزامن مع غياب نقابة الصيادلة ومديرية الصحة وحماية المستهلك عن المشهد الجديد لسوق الأدوية والذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً يضاف إلى سلسلة الأعباء اليومية التي تستنزف جيوب المواطن وصحته!.
وليست المشافي الخاصة بأحسن حال، والتي رفعت أسعار طبابتها وعملياتها الإسعافية والجراحية إلى أكثر من عشرة أضعاف التسعيرة المحدّدة من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، تحت ذرائع ارتفاع أسعار الأدوية والكلف من تجهيزات ومعقمات ولوازم التداوي المختلفة.
أحد المرضى وهو في عقده السابع يقول: أعاني من أمراض عدة وأحتاج شهرياً إلى أكثر من خمسة أنواع من الأدوية، وكنت أقتطع نصف راتبي التقاعدي لشراء الدواء على مرحلتين. أما اليوم وبعد ارتفاع أسعار الأدوية بتّ بحاجة إلى صرف كامل راتبي، وهو حال معظم المرضى ومتقدمي السن، كما يشير أبو رامي وهو على أبواب التقاعد ويعاني من مرض الضغط والسكري والقلب في آن معاً، حيث يؤكد أنه يصرف معظم مدخراته على الأدوية والتحاليل والصور وغيرها من الأمور الطبية، مشيراً إلى أنه غير قادر على تأمين أدويته بصورة منتظمة لغلائها غير المنطقي والذي لا يتناسب مع دخل المواطن.
أبو النور يقول: أشتري الدواء بالتقسيط من الصيدلية الموجودة في الحي وفي كل مرة يختلف سعرها، ومعظم علب الأدوية لا يوجد عليها لصاقات تحدّد أسعارها، بل ومنذ فترة درجت العادة على طمس السعر وبيعها حسب مزاج الصيدلاني!.
الصيدلاني (ا. غ) كشف لنا آلية بيعه للأدوية وتعامله مع المورّدين والمواطنين على السواء، مؤكداً أنه ملتزم بالتسعيرة ويعمل يومياً على تحديث برنامجه وأتمتة أسعار كافة الأدوية، مشيراً إلى أن كثرة الأصناف المعدّل سعرها أحدثت إرباكاً لدى كافة الصيدليات، إلا أنه لا يبرر تقاضي أسعار زائدة، وهو يحرص على التأكد من سعر الدواء قبل بيعه للمريض.
الدكتور الصيدلاني منار الجاسم أمين سر فرع نقابة الصيادلة بحلب بيّن أن نقابة الصيادلة إضافة إلى جولاتها اليومية على الصيدليات ومراقبة آلية عملها وبرامج أتمتة أسعار الأدوية لديها تقوم باستقبال أية شكوى تتعلق بتقاضي أسعار زائدة، ويتمّ على الفور معالجتها إما ودياً مع الصيدلاني باسترداد المبلغ أو بإحالة الصيدلاني إلى مجلس تأديبي. وأضاف الدكتور الجاسم: قد يكون هناك تأخير في تحديث برامج تسعير الأدوية بالنظر إلى كثرة الأصناف المعدّلة، وبالتالي يشعر المواطن بتفاوت الأسعار من صيدلية إلى أخرى، وهذا الأمر من السهل ضبطه، ولكن المشكلة تبقى قائمة وهي بحاجة إلى حلول منطقية توازن بين الكلف المتزايدة لصناعة الأدوية وبين دخل وإمكانية المواطن وقدرته على شراء الأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، ما يتطلّب إعادة النظر في المسألة برمتها، والأهم أن يسمح لمعامل الأدوية بالتصدير مجدداً، ما يعطي هامشاً كبيراً لمعامل الأدوية في تخفيض سعر الدواء المحلي مقارنة مع سعره التصديري بالعملة الصعبة والذي يغطي الجزء الأكبر من الكلف ومدخلات الإنتاج.
وفيما يتعلق بعمل الصيدليات داخل المشافي الخاصة والتي تبيع الأدوية بأسعار مضاعفة ومبالغ فيها، أشار الدكتور الجاسم إلى أن هذا الأمر غير مقبول تحت أي مسمّى، ومديرية الصحة معنية مباشرة بضبط هذه المسألة والمرتبطة بعمل إدارات المشافي الخاصة بشكل مباشر تحت بند الاستثمار غير المقبول في هذا الجانب تحديداً.